نهج جديد للجمهورية الفاشلة …
بِقَلَم العميد مُنذِر الايوبي*
يمثل الحضور الدولي بشقيه الغربي او الشرقي، والمحورين الاقليميين الممانع او السيادي وفق تسميتهما “دون تبني”، كذلك بعض العربي المبادر او المستنكف أمْرآ غير مستغرب ولا غير مسبوق او فوق العادة.. هذا اللبنان منذ فجر الحضارة مرورآ بمراحل القائمقاميتين والمتصرفية ثم الاستقلال على ما روي، الى بضعة عقود في الماضي القريب على تعددها، كانت في مجملها محطات مساكنة تارة او صراع سياسي معتاد غير مستجد تارةً أُخَر.. وما برح حتى يومنا هذا ساحة تمردات وانشقاقات داخلية على خلفيات مصلحية في جذورها طائفية بالمطلق تبنى وتسوق وفق تموضع شرائحه الاجتماعية جغرافيآ وارتباطاتها او تبعيتها مع الخارج.. هي ليست لهفة حضور من فعل محبة او تفاعل حضاري او منطلق تضامن انساني فقط، ولا غلو في ذلك او منحى عتب؛ اذ لا شيء يعلو امام المصالح الاستراتيجية للدول القائمة جهرآ على قدرة الابتلاع الجيو سياسي والاقتصادي في حدها الادنى الهيمنة. وهو لطالما كان مُرمى فريسةً على مذبح الأضحية بتواطوء كثر من مسؤوليه، ان توفر النصل يومآ ..!..!
تاليآ، ودون الاستطراد في فلسفة تاريخ الكيان ونظرية النشوء والارتقاء، تجاوز الوطن الكثير مما ذكر اعلاه، وفي اصل الاعراق و الانتقاء الطبيعي سقوط في هوة التلاشي نتيجة ممارسات المتوالين تكرارآ على أرائك المسؤولية، الذين اغتصبوا بالعنف القصدي والاخلاقي كل المقومات الحضارية والمادية، ثم اردوا الشعب دون رأفة بطلقات من الهموم المعيشية والحياتية، نازفآ مدخراته واموال ابنائه ومغتربيه دون وازع او ضمير..!
في سياق متصل؛ لم تتلاشَ شريعة سادس ملوك بابل “حمورابي” بالتقادم ومرور الزمن؛ 262 مادة قانونية مدونة محفورة على مسلة ضخمة يا حبذا لو استبدل الدستور بها، في وضوح موادها عقم نتاج مناورات الاجتهاد الاحتيالية المعتمدة او تثبيت الحقوق الفئوية على زعم إغباء عكس تحصيل من جهابذة قارئيه ومفسريه ..!
فمنذ عام 1754 قبل الميلاد رصفت الانسانية بأقدم شريعة في تاريخ البشرية؛ بنيت عليها مملكة بابل
باللغة “ألأكدية” AKKADIAN دونت بالخط المسماري وصنفت إلى اثني عشر قسماً في تفصيلها تلافي تفاسير جدلية محبطة وفي موادها: من 1-5، ما يتعلق بالقضاء والشهود. من 6-26، ما يتعلق بالسرقة والنهب. 26-41، تختص بشؤون الجيش. 42-100، تنظيم الحقول والبساتين والبيوت. من 100-107، تتعلق بمخازن البيع بالجملة ودكاكين التجار والرهينة والتعامل مع صغار التجار. من 108-111، وتتعلق بساقية الخمر. من 112-126، قضايا البيع. من 127-195، في العائلة وحقوقها وعائلات أفرادها فيما بينهم. 196-227، تتعلق بعقوبات التعويض وغرامات نقض الإتفاقيات والعقود والتعهدات. من 228-240، ما يعنى بالأسعار وتحديد أجور بناء البيوت والقوارب وأثمانها. من 241-277، مسائل الاجور للحيوانات والأشخاص. اما المواد من 278-282، فتتعلق بتعيين حدود الرقيق وحقوقهم وواجباتهم. في ذكرها اعلاه “المواد” تذكير عل وعسى، وفي فكرة استبدالها حلولها دستورآ جديد..
من محفزات الدعوة الى اعتمادها ك نهج جديد لجمهورية فاشلة، اننا عدنا الى عصر بابل، فالقناديل ضياء ديجور الليالي الحزينة، المجاعة صنو فقر عميم، الماء بالجرار والسدود عطشى، النعمة في الطعام والموقدة تسكن شرفات المدن، اذ في الخراب وفساد الدولة “لا غاز يُهدى ولا مال”..! هذي الشريعة في استدامتها حكم الحقيقة الصادقة والانسانية المجردة، وفي تطبيقها رخاء حميد..
قديمآ قيل: “وتذكر ان من تعرفه الخيل لن يجهله الناس”..
من جهة أخرى؛ في قواعد الصرف والنحو مُذَكر حقيقي وآخر غير حقيقي والاخير لا مؤنث من جنسه وانما اصطلح ابناء اللغة على اعتباره مذكرآ.. واذ تحول لبنان كائنآ هجينآ فهو لا هذا ولا ذاك.. كما استخدم نحاة العرب صفات تنطبق على المذكر والمؤنث معآ، من مثل “وطن جريح و مدينة جريح”؛ فهو في غربة شمس الضُحى أضحَى قتيلآ جريح…
في بكركي كان طلب البركة والدعاء من الرئيس الثالث على رجاء شفاعة القديس شربل وانتظار العجيبة، فالعين بصيرة واليد قصيرة.. اما مكة فتبقى قبلة الدين وبهجة الدنيا ان رنت دنانيرها ففي الجرار من زمزم ماءها وبها غسل الذنوب..!
أخيرآ؛ في مصل الحياة يناقش فريق الرعاية لصندوق النقد الدولي جراحة الاصلاح والمخاطر المحتملة من بعدها؛ فالخلل الوظيفي ظهر في صمامات الدولة، اذ لا يزال تدفق الدم في الشريان الابهري يجري بالاتجاه المعاكس.. تحفظ الاطباء معرفتهم ان الفساد خلقي، تشوه بالولادة، وحيرتهم ان الجلطات الدموية تتوالى رغم تشكيل الحكومة العتيدة، يقول الجراحين ان معظم حالات مرض الصمام الابهري واختلال وظيفته هي مشكلات ميكانيكية، لا يمكن علاجها باستخدام الادوية فقط ففي نهاية المطاف التدخل الجراحي حاجة ليبقى الوطن على قيد الحياة؛ اما السكتة الدماغية فغير مستبعدة قطعآ..!
بيروت في 09.10.2021