محمد الماغوط: مأساتي تكمن في إصراري على تغيير هذا العالم وحيداً ولا املك من اسلحة التغيير الا الشعر (1)
الدنيا نيوز – دانيا يوسف
محمد الماغوط…أيها الراسخ في ذاكرتي، لا أعرف من أي الأبواب ادخل الى عالمك.هل أستعين بشعرك أو بجنونك أو بصفائك أو بأحزانك وسخريتك أم بصمتك وصخبك؟
– “باختصار يا عزيزتي وكما قلت في كتابي “سيّاف الزهور”:
كل الرياح والعواصف والدموع والأحلام والكوابيس والمناحات خرجت من دفاتري ولا أزال في الصفحة الأولى”.
هل أنت إلى هذا الحد الفجائعي مُثْقَل بالانكسار والأحزان؟
– “سأحدثك قليلا عن طفولتي فأجيب عن سؤالك. ولدت في غرفة مسدلة الستائر اسمها الشرق الأوسط، ومنذ مجموعتي الأولى “حزن في ضوء القمر” وأنا احاول إيجاد بعض الكوى أو توسيع ما بين قضبان النوافذ لارى العالم وأتنسم بعض الحرية. موأساتي هي في إصراري على تغيير هذا الواقع وحيداً، ولا املك من أسلحة التغيير إلا الشعر.وبمقدار ما تكون الكلمة في الحلم طريقاً إلى الحرية، نجدها في الواقع طريقاً إلى السجن.
كلامك شوّقني لأعرف عنك أكثر…
“- اسمي محمد الماغوط ولدت عام 1934 في السلمية، هذه القرية الحائرة بين الصحراء والمدينة، والمنقسمة إلى أمراء وفلاحين.
السلمية نمّت بداخلي حس التمرد، أذكر مرة أتى أميرٌ فارسٌ ليرمي أثناء دفن أحدهم حنطة للفقراء، فضربته بحجر. ولاتزال آثار سوطه على جلدي إلى هذه اللحظة.”
كانت طفولة الماغوط اذا على قدر من البؤس والحرمان، فوالده يعمل أجيراً في أراضي الآخرين. وهو اختار مجبرا دراسة الزراعة بدمشق عام 1948 في مدرسة داخلية تقدم الطعام والشراب والنوم مجانا. وهذا يعني إزاحة عبء التكاليف التي تحتاجها الدراسة عن العائلة: “فكرت إذا كانت هذه الدراسة تلبي طموحي الذي أخذ يتشكل رويداً رويداً في تغيير العالم. واكتشفت أن ليس اختصاصي الحشرات الزراعية، بل الحشرات البشرية.فهربت من تلك المدرسة ومشيت 15 كيلومتراً، ولجأت إلى المكان الأثير لدي: الرصيف، وإلى الهواية المتمكنة مني: التسكّع”.
بين عامي 1955 – 1956 بدأ محمد الماغوط حياته الأدبية والكتابية. ولم يتوقف، منذ ذلك الوقت، عن إشعال الحرائق في الثقافة العربية وبين المثقفين العرب. وسرعان ما وجد الفقراء والمشرّدون والمنعزلون والمطرودون والمهمشون وفاقدو الأمل وقاطنو أطراف المدن ناطقاً رسمياً بآلامهم، اسمه: محمد الماغوط.
في الجزء الثاني: لم سُجن الماغوط وكيف فجّر غضبه شعرا؟
(يتبع)