لبنان في عين العاصفة الوجودية
خاص “الدنيا نيوز” – نمر أبي ذيب*
على وقع الترجمات الميدانية لبورصة التحولات الإقليمية والإنقسامات السياسية المُستمرة على الساحة الداخلية منذ ما قبل 2005 حتى اليوم دخلت القوى السياسية مجتمعة بعد لقاء ” بعبدا التشاوري ” مرحلة جديدة من الإنقسام العامودي القائم في “الشكل” على رافض ومؤيد للعهد وفي “المضمون” على عاملين
– تحديد الهوية السياسية للدولة وفق مقتضيات المصلحة الوطنية التي تُحَدِدُها مُسبقاً مصالح القوى المنتصرة على الساحة اللبنانية وأيضاً “متطلبات المراحل” إنطلاقاً من فائض القوة الداخلي وصولاً إلى ما يُعادِلَهُ على الساحة السياسية من أكثرية عددية مانحة للثقة وأيضاً للشرعية الميثاقية تحت قِبَّة البرلمان.
– ثانياً رفض الصيغة السياسية المُتَمَثِّلَة “بحكم الأقوياء” التي ساهمت بشكل مباشر في إيصال العماد ميشال عون إلى سُدَّة الرئاسة الأولة ما يُبَرِّر على مستوى الحُضور المُمانع أستثناءآت سياسية مُعارِضَة للعهد فرضتها ظروف المواجهة المفتوحة بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والعهد على قاعدة الأستثمار السياسي المشروع في فراغ التمايز الرئاسي مع حزب الله دون أن يعني ذالك مُطلَقاً خروج المردة من مركزية الشراكة الوطنية الجامعة على مستوى المحور المُمانِع مع حزب الله.
بات واضحاً للجميع حجم ” التمايز ” في مواقف القوى الداخلية وأيضاً في مُسَلَّماتِها السياسية النابعة من تعدد الأولويات الناظمة للحياة الحزبية والرؤيا الإستراتيجية لمشروع الدولة، والصرخة التي أطلقها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خير دليل على عمق الخلاف الداخلي وجدلية الإختلاف إنطلاقاً من مركزية الإنقسام العامودي في هيكلية النظام السياسي، ودخوله مُجَدَّداً معركة صياغة الواقع اللبناني من جديد في أصعب مرحلة وجودية عرفها ” لبنان الحديث ” حيث شكلت المادة السياسية المُنبَثِقَة من أبعاد الموقف ” الأميركي ” الصادر عن “وزارة الخارجية” بتاريخ 2/7/2020 عصب المرحلة المُقبلة ومادتها التَصادُمية بالرغم من حساسية المرحلة الحالية ومفاعيلها ” الكارثية ” على المشهدين “الإقتصادي والمعيشي” فقد أكَّدَت “مورغان أورتاغوس” ” المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأميركية ” على حقيقتين
– أعتبار حزب الله قوة داخلية مزعزعة للاستقرار اللبناني وهذا الموقف ليس بجديد بالنسبة “للخارجية الأميركي” لكنه ملتبس في توقيته السياسي ويطرح أكثر من علامة أستفهام حول تزامنه مع قانون “قيصر” وأيضاً مع الأزمة الإقتصادية التي تجهد الولايات المتحدة الأميركية اليوم في سبيل تحميل تَبِعاتِها المعيشية وإنعكاساتها السلبية على الدول اللبنانية لحزب الله.
– ” الحقيقة الثانية ” تتلخص في الموقف الذي أدلت به “مورغان أورتاغوس” ” لقناة الحرة ” حين أكَّدَت أنه أمام القادة اللبنانيين “خيارات صعبة” جازمة على أن “الولايات المتحدة الأميركية” سوف تفعل ما بوسعها للعمل مع “الفرنسيين” وغيرهم من أجل مستقبل أفضل للبنان.
لعل الحقيقة الثانية المُتَمَثِّلة بكلام “مورغان أورتاغوس” حول “الخيارات الصعبة التي تنتظر القادة اللبنانيين” “بيت القصيد” والتساؤل الكبير الذي يستتبعه تساؤلات على مستوى المرحلة وتطوراتها السياسية الإقتصادية وحتى العسكرية بالتالي ماذا تُريد ” الولايات المتحدة الأميركية ” اليوم من الساحة اللبنانية؟ وهل من رابط جدِّي وحقيقي بين ” الخيارات الصعبة التي تنتظر القادة اللبنانيين ” وتوقيت 7 آب؟ الموعد الذي حددته “المحكمة الدولية الخاصة بلبنان” لإصدار حكمها في قضية إغتيال الرئيس الشهيد ” رفيق الحريري “، هل تتحضر الساحة الداخلية “لسيناريوهات وأدوار” مُشابهة لتلك التي جرت في مراحل سابقة؟ وهل تتطلب العودة “الأميركية” إلى المنطقة حرب سياسية إقتصادية على لبنان؟ أم دخلت الساحة اللبنانية فعلياً مع ملف النفط والوجود الروسي الفاعل في المنطقة ” دائرة الإهتمام الأميركي ” ضمن أولويات مستجدة على الخارِطَة الشرق أوسطية؟.
أمام هذه التساؤلات وغيرها يقف ” لبنان ” اليوم بجميع مكوناته الداخلية ومقدراته السياسية وحتى الحزبية على منصة المراوحة الداخلية في مرحلة أحوج ما يكون فيها إلى “الوحدة الداخلية”، إلى خطاب وطني جامع، مؤسس وضامن لبناء دولة عصرية قادرة وقوية، ما يجري اليوم على الساحتين السياسية والإقتصادية يعكس ” البُعد الحقيقي لأزمة وطن “، بمفاعيلها الخارجية وأعبائها الداخلية، يعكس بشكل واضح “مفصلية الأستحقاقات المُقْبِلَة” وأيضاً “حتمية المواجهات السياسية القادمة” في مرحلة لا تحتمل المراوغة أو حتى “الصفقات المُبَطَّنَة”، “لبنان في عين العاصفة الوجودية” الأزمة طويلة وأعبائها المعيشية على الداخل اللبناني “كارثيِّة”، فهل من يتَّعظ “حمى الله لبنان”.
———————
* كاتب وناشط سياسي