كلاسيكو المية ومية..
بقلم العميد منذر ألأيوبي*
فتح – حماس – أنصار الله ،، ثلاث تنظيمات فلسطينية تتحاور فيما بينها بالنار عند كل إستحقاق ..! تتنازل عن ألقضية، تنقلب ألبندقية، تصبح ألفوهة القلم ،، الرصاصة خطها أما الصفحة فتتلون بألأحمر ألقاني و هي الشتات الفلسطيني في مخيمات لبنان ..!!
بقعة أرض مساحتها ثمانية كلم مربع تقريبآ يعيش عليها حوالي 6000 لاجيء فلسطيني ،، هو مخيم ألمية و مية الواقع شرق مدينة صيدا،، تَلَة على إرتفاع 300 متر تقريبآ عن سطح ألبحر ..
التنظيمات ألثلاث هي الأكبر في المخيم و تُمسك زمام ألأمنِ فيه ،، ألتفاهمات فيما بينها سواء ما يتعلق بألإنتشار الجغرافي و أماكن النفوذ ،، طبعآ على مستوى (( زاروب و زُقاق و حارة )) !! أو ما يرتبط بالولاءات السياسية و ألإنتماءات ألتنظيمية ألحركية هي ما يرسم خطوط ألإستقرار بداخله ..!
أما ألإختلاف و لنفس ألأسباب فيؤدي إلى إشتباكات و مواجهات عسكرية عقيمة ،، متاريس ثابتة بوجه بعضها البعض تتبادل طلقات ألأسلحة ألرشاشة الخفيفة و ألمتوسطة و ألقذائف ألصاروخية ،، تطاول أحيانآ بلدة ألمية و مية و محيط مدينة صيدا أما الضحايا فتسقط تباعآ “ألهمشري” جاهز لإستقبالها و إن زاد ألعدد عن القدرة فمستشفى لبيب حاضرة ..
يُختصر وصف ما يحصل في مخيم المية و مية بالتالي: (( خلاف شخصي أو مفتعل – يتطور إلى إطلاق نار – يَتَفَاقَم إشتباكات بين التنظيمات التي ينتمي إليها المتخاصمين – سقوط ضحايا – هدنات كاذبة – نزوح – تهدئة مؤقتة – تبويس لُحى . عودة ألأهالي – إصلاح ما تضرر بالممكن ألمتوفر – عودة الحياة تدريجآ و بحذر ،، ثم عودُ على بِدء …))
ألإشتباكات مؤخرآ بين حركة فتح و قوات ألأمن ألفلسطيني من جهة و مقاتلي أنصار ألله من جهة أخرى و على مضي العشرة ايام تقريبآ دفعت ألجيش اللبناني إلى التدخل و تمركز وحداته ألمؤللة على مدخلي المخيم و توغل دورياته في بعض الشوارع للإستطلاع مما ساهم في التهدئة و ضبط ألأمور إلى حد ما ،، أما ألحل ألجذري فهو دخول ألجيش المخيم ،، توقيف المطلوبين ،، مصادرة الأسلحة وتوطيد ألأمن لكن العملية مُكلفة سواءً في عدد ألضحايا أو في ألأضرار ألمادية و دمار ألمخيم، بألإضافة إلى أن ألتداعيات ألأمنية و ألإنعكاسات السياسية و الميدانية لهكذا عملية ستؤثر على مجمل الوضع ألأمني في لبنان الذي لا يتحمل حاليآ أية إهتزازات في ظل صراع مُحتدم في ألمنطقة إقليميآ “صفقة القرن” و آخر داخل أراضي ألسلطة الفلسطينية و قطاع غزة “ألخلافات ألمُستحكمة بين أطراف السلطة و الحلول السياسية المطروحة للتفاوض”..
ألمساعي لوقف التقاتل خلال أل ٤٨ ساعة ألأخيرة لم تتوقف و تنقلت من مكتب ألشيخ ماهر حمود إمام مسجد ألقُدس و ألأمين ألعام لإتحاد علماء ألمقاومة إلى منزل ألنائب أسامة سعد في صيدا ثُمَ الدور الذي أضطلعت به حركة أمل و الذي أتى بالتزامن مع طلب رئيس حركة حماس إسماعيل هنية من ألرئيس بري الدخول على خط ألمعالجات التي أثمرت إتفاقآ مبدئيآ بين ممثلي ألأطراف الفلسطينية في مقر حركة أمل في حارة صيدا .
تلى ذلك إجتماع ألطرفين برعاية حزب الله في مقر المجلس السياسي للحزب في بيروت لتثبيت وقف إطلاق النار، إزالة ألمظاهر المسلحة، ألإلتزام ببنود ورقة العمل ألفلسطيني ألمشترك، تسليم ألمطلوبين و ألمخلين بألأمن إلى ألأجهزة ألأمنية أللبنانية..
إلا أنه و بعد ساعات من إعلان بنود ألإتفاق تجدد إطلاق النار ليل أمس بين مقاتلي الطرفين ثم خفت وتيرته لاحقآ و يسود ألمخيم ألآن حالة من ألهدوء ألحذر ..
إمكانية تجدد ألإشتباكات قائمة بِمؤشر إستنفار مُعتَلَم فَالحَسم مُستحيل و ألخشية من إنتقالها إلى مخيم عين ألحلوة وارد،، فلا ضوابط مطلقة و الطابور ألخامس يوزع أوراقه على المسرح ألفلسطيني بما يتناسب و مصالح ألعدو ألإسرائيلي و ما يرسمه لتصفية القضية ألفلسطينية ..
بالعودة إلى ألأسباب فواضحة المعالم أبسطها مرتبط بالصراع على النفوذ في المخيم ،، و أصعبها ألإنقسامات على الساحة ألسياسية الفلسطينية داخل ألأراضي ألمحتلة و من ضمنها محاولة الرئيس محمود عباس ألأمساك بورقة المخيمات تدعيمآ لموقفه على طاولة التفاوض و الحلولٍ ألمُقتَرَحة ،، ألأنقسام و ألتفرد في ألمجلس ألمركزي ألفلسطيني الذي سيعقد في ٢٨ ألجاري في مدينة رام الله و عدم تمثيل حركتي ألجهاد ألإسلامي و حماس و إقصاء آخرين ،، أما أخطرها فهو توتير الساحة اللبنانية أمنيآ و السعي لِتَفلُتها و هي ألمكشوفة سياسيآ في ظل الفراغ الحكومي لِأستخدامها ورقة ضغط إضافية و فتيل فتنة جاهز للإشتعال مذهبيآ ..
“ألموساد و الشاباك و آمان” ألأذرع ألإستراتيجية للأمن القومي للعدو ألإسرائيلي تُراقب ألمستجدات و تحرك الساحات أما أفيخاي أدرعي المتحدث باسم جيش العدو فجاهز لقراءة البيانات ألمُعَدَة مُسبقآ .. فحذارِ مما سَيقرأ قريبآ ..
*كاتب و باحث في ألشؤون ألأمنية و ألإستراتيجية.