فاطمة بنت أسد كانت أُمَّة كاملة من خيرة نساء العالم…
بقلم : د. بهجت السعيدي*
(لتزامن عيد الأم هذا العام مع ميلاد أمير المؤمنين عليّ عليه السلام سمحت لنفسي أن أصف مولاتنا فاطمة بنت أسد عليها السلام بهذه الكلمات المتواضعة وأرجو منها القبول):
من قلب الصحراء
التي كانت تحيط مكة
ظهرت غابة خضراء من الطهر
ومواسم الماء
إسمها فاطمة بنت أسد
لتضخ في شرايين الصحراء
دم الإنسانية والقداسة
وتنعش الدورة الدموية للتاريخ
ولأن الأسد ملك الغابة
فقد كانت بنت أسد
وكان منطقياً جداً وحتمياً جداً
أن تنجب أسد الإسلام
علياً عليه السلام
وفي عصر لاتوجد فيه جمعيات نسوية
ولا أدعياء تحرير المرأة بهدف استغلالها
جسّدت فاطمة بنت أسد
أمّة كاملة من خيرة نساء العالم وأذكاهن وأقواهن
وأخذت على عاتقها أصعب مهمّتين في التاريخ
الأولى تربية سيد الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله
والثانية ولادة سيد الأوصياء عليّ بن أبي طالب
ولأنها أهدت العالم هذا الكم الهائل
من الشموس والأقمار
أهداها الله تعالى من ضمن ماأهداها
كعبته المشرفة لتكون مهداً ودار إقامة مابعد الولادة
لتتشرف الكعبة بها وبوليدها العظيم
فانشقّ جدار الكعبة منافساً بابها في استقبال هذه السيدة العظيمة وابنها العظيم
فاطمة بنت أسد
جسر ذهبي يمتد بين الأمومة والإمامة
ولأنها كانت غيمة مترامية الحنان فوق أبنائها
صار ابنها عليّ بعدها رحمة تمشي على الأرض
وصار كافل الأيتام لأنه يدرك جيداً معنى فقدان الأم
والحرمان من حنانها
لم تنل درع امتياز ولاشهادة تقديرية ولم تطمع بذلك
يكفيها أنها حملت في بطنها صاحب ذي الفقار
وقالع باب خيبر وممزق الدروع وهازم الأحزاب
ليكون شهادتها وشاهدها في الدنيا والآخرة
لم تكن تحلم بالقصور
فبإمكانها أن تمدّ يديها بالدعاء
لتلامس الجنة وأعشابها وثمارها
ولم تكن تهتم بالشهرة والأضواء
فقد كان بيتها محطّ أنظار الملائكة قبل البشر
لأن بيتها حدثٌ كونيّ وبُعدٌ آخر
مادام فيه أبو طالب وابنه عليّ
ولم تكن تحلم بفاخر الثياب
فأيّ ثوب تصلّي فيه يكون أغلى من أفخر أنواع الحرير
وأثمن من كل سبائك الذهب
ويكفيها قميص النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلّم
الذي كفّنها به…
*شاعر وطبيب عراقي