روِّضتُ معدتي على الكتمان…
“الدنيا نيوز” – مها نسّوم
لا أهتمّ!
إن نفدَت زجاجة عطري، لن أعيد ملأها.
فالآخرون قد حفظوا رائحتها تفوح من جسدي.
العقل البشريّ سيشمّها حالما يراني.
لا أهتمّ!
إن فرغ الطّعام من المنزل، فمعدتي لا تصدر أصواتًا.
لقد روّضتها على وضع الكتم.
لا أهتمّ!
بدرجات امتحاني القادم، فأنا لا أحبّ التّعلّم النّظريّ من كتب المناهج. فليس مهمًّا أن أكون جديرة بدرجاتٍ عالية.
لن أهتمّ!
لمستقبلٍ غير واضحِ الملامح.
لم أهتمّ!
لماضٍ لم أصنعه بنفسي، وجديرٌ بالذّكر بأنّه من صنعني بهذا الحال.
وحقيقةً أهتمّ لهذا الحال، للحظة الرّاهنة التي أجلس فيها على السّرير وأضم ساقيَّ لصدري وأحيْكُ نصًّا لا أعرف من أين تنبثق كلماته.
لا أهتمّ!
للذين أحببتهم، وتحوّلوا من حقيقة إلى مفاهيم وأسماء في اللحظة التي أعدَمتُ فيها التّواصل معهم.
لا أهتمّ!
للسّعادة التي لم أحصل عليها، للحزن الذي لا أشعر به.
للدّمع الذي لا أبكيه حزنًا، لدموع الفرح التي لا تسيل على وجنتيّ مطلقًا.
لا أهتمّ!
للتّشويش الذي يهاجمني طول الوقت كالوحش.
أطلب من أصدقائي إعادة الحديث ألف مرّة لأربط كلماتهم وأفهم المغزى من حديثهم الذي يتّضح فيما بعد أنّه بلا مغزى.
في حصّة الرّياضيّات تتشابك الأرقام أمامي، تصبح خربشة.
خربشةً بلا معنى؛ إذ أنّني حينما أرسم خربشةً على نفسي أغوص في المعنى.
أنا حقًّا لا أهتمّ!
بالكتمان الذي يخترق الحديث والكتابة
الكتمان الذي يخرج منّي عنوةً، أمّا حين أريد قوله فينزل إلى معدتي، يقنعها أنّه وجبة الغداء ويكتم صوتها.
هكذا أروّضها! عندما يخذلني صوتي …