رقائِقُ النور
بقلم : فاطمة صالح
_________
رقائقُ من وسَن الضياء، تشف، كلمسةٍ حانية، على رؤوس جبالنا الخضراء، وتلالنا الناهضة، تمسح بها الشمسُ الغاربةُ جباهَنا المعروقة، رغم غزارة أمطار هذا الشتاء، الذي يحمل معه أحلام رؤانا، مغلفة بضبابٍ كثيفٍ، ورعدٍ، وبرقٍ، وهطول..
قمْ يا أيها النائم في بطونِ الأرض..
انهض، واعتلِ القِمم..
واصرخ بأعلى مدى..
أيقظِ الحالمين..
قل لهم : لقد حان وقت اليقظة، واستلام حبال الأشرعة، واستقبال جبهة البحر الزرقاء..
حان وقت الغوصِ في الأعماق، واستخراج أجمل الدرر، وأثمنها، وأبهاها..
لا وقت للنوم، بعد الآن، يا سكان القِمَم..
لا وقت للعناء..
الوقت صار إلى فرحٍ، ونشاطٍ، وأغاني فلاحين، وزغردة صبايا الأعراس الريفية، وزيارات الأولياء..
قم، يا أيها النائم.. وامسحْ جبين الشمسِ، بكفٍ من عطاء..امشِ معها، ولا تبالِ.. فطريقها دائمُ الضوءِ، وشروقها يفتحُ الروحَ على مصراعيها ، ويغرسُ فيها الأمل..
لا تنحَنِ، سوى لتجني، وتعطي.. ففي العطاءِ غِنى..
أيها الغني، اشحذ الهِمَم.. ولا تكتفِ بعطاءِ المادة.. فالروحُ عطشى للمَعنى.. وقد قيدتها أغلالُ المادةُ، حتى العَدَم..
امنحِ الروحَ معناها، وخلودَها.. فلم تُخلَق سوى للعطاء.. للخلود.. للكلي الخضرة.. الأعظم، والأقدَر.. للنورِ اللامحدود..
قم، يا أيها النائم..
فقد استيقظ الليلُ، من أولِ همسةِ نور.. وراحَ يعطي.. ويعطي.. ويعطي.. ويخفي تحت جناحه، همومَ الناس.. يتركها تستريحُ في حضنهِ الخصيب، لتنعِشَها حبائلُ النورِ الخالدة، المُتجددة..
قمْ، وانهَضْ، واكدَحْ، واستنشِقِ العبيرَ من أنفاسِ الصباحِ، الذي تبشرُ بهِ هذه الرقائقُ الراحلة، لتبزغَ من شرقِنا العريق، وتفتحَ المدى للضياءِ الجميلِ، والجليل..
الصبحُ بانتظارِ التجدد..
فانهضْ، وغير مَسارَ الحياةِ، نحوَ الأبهى، والأرقى، والأنقى..
أيها الحالِمُ بالإرتقاء..
________________________
*شاعرة وكاتبة سورية