حكم الإنكار …
بِقَلَم ألعَميد مُنذِر ألأيوبي *
على تقاطع مميت بين جلسة اللجان النيابية المشتركة الملتهبة التي عقدت اليوم و مؤتمر باريس لدعم لبنان الذي يعقد مساء اليوم برئاسة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون و الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريس بدت البلاد في الحال الاسوأ المضطرد المطلق ..! و لم يكن ينقص او يعوز سوى ان ينبري احد نواب الامة الى وصف المشهد السوداوي محددآ خارطة الالغام المزروعة و الموضوعة لاحباط اية محاولة جدية للاصلاح و الانقاذ و لو تسللآ عَبرَ التدقيق الجنائي ، كما لَم يستطع الرجل احتواء حالة القرف التي يعاني منها ومعه معظم الشعب اللبناني معلنآ على رؤوس الاشهاد بان كل ما حصل و يحصل هو عملية احتيال مترادفة مع سطو منظم على اموال الناس و جنى اعمارهم تنفذه ألأوليغارشية بأذرعها الثلاث السياسية و المصرفية و الاقتصادية ضمن تبادل ادوار مبتذل بالتجانس و التوافق المضمون الحماية للحاكم الدائم ذو الولاية المفتوحة و هو المفترض انه مؤتمن حريص ..!
الرجل و بغض النظر عن انتمائه السياسي سواء كان من هذا المحور المسمى ممانعة او ذاك الفريق المكنى بالسيادي فإن الامر سيان هو نطق حقآ لا كفرآ بما يمارسه اقطاب و حواشي سواء بالفعل الجرمي الايجابي عن سابق تصور و تصميم من احدهما او بالامتناع الكلي المتعمد مِن الآخر بالمعنى السلبي المنكفىء عن اي عمل او علاج لكأداء مزمنة ؛ ممارسة تنتج خلطة مرة لطبخة مسمومة تصب في خانة الغاية المرذولة نفسها على اصلها الفاسد و هي مراد معلن لكلاهما بعيدآ عن التقية ..!
تكلم الرجل بعد انسحابه مِن الجلسة مستطردآ عن لعبة “بيت بيوت” يمارسها اللاعبين بالتمام و الكمال مسرحها يمتد بين الخزانة و الخزينة من شارع المصارف الى شارع الحمراء ضمن فرضية معتادة مِن الدمج الى الادغام تموه الحقيقة ..! توازيآ في طلاوة بلاغية معتادة تخفي المصالح و النوايا خرج البعض إثره ليدلي كل بدلوه في تصريحات مغلفة بالسكر المرضي Sugar Coating مجبول محتواها بالكثير مِن الانانية و الازدراء ..!
في كتابه الرائع « مُت فارغآ » Die Empty يقول الكاتب Todd Henry “لا تذهب إلى قبرك وأنت تحمل في داخلك أفضل ما لديك، اختر دائماً أن تموت فارغاً “..! بمعنى مُت فارغآ من كل الخير الذي في داخلك سلّمه قبل أن ترحل ..! هذا الكتاب غير مقروء لديهم لَم يتأبطه أي أحَد مِن مجموعة ناطقة بالهراء البشري ؛ قد وصفهم في مؤتمره الصحافي مِن عَلى منبر الديموقراطية المفترض انهم يعيشون (حالة انكار) State Of Denial و اذ توافقه العامة فهي تراها مستمرة متمادية متماهية في الزمان و المكان ..!
في سياق مُتَصل ؛ إمتلك الشعب اللبناني بعد 17.10.2019 معرفة مكتسبة وثقت انماط سلوكهم مِن التواصل المرتهن بعامل الانتخابات الى التسويغ الطائفي و الاقطاعي و من المنظور العقلاني لَم يعد مقتنعآ بهم أو بأدائهم موجهآ لهم اطنانآ من النعوت ، هذا ما انطبق عَلى الرئيس الفرنسي ماكرون في استخدامه كلمة “الخيانة” بعد خيبة ؛ و ما القرار الذي سيصدر مساء اليوم عن مؤتمر باريس للدعم بمنح المساعدات لاهل البلد عَبرَ الجمعيات الاهلية و المنظمات الاغاثية بعيدآ عن اجهزة الدولة الرسمية الا وصمة عار مزدوجة ذات ماركة مسجلة بهم حَصرَآ ..!
ختامآ ؛ مِن المؤكد ان حالة الانكار للواقع المأساوي ستفضي لاحقآ الى عواقب سلبية مِن علاماتها ارتفاع نسبة الادرينالين الناتجة عن فورة مِن الخوف و المتلازمة مع غصة في الحلق ..! قد يبكون يومآ ندمآ على
ما ارتكبت ايديهم لكن عليهم ان يعلموا انهم لو حولوا بحار العالم الى دموع فلن تكفي غفرانآ او توبةً ما وصلت اليه حال اللبنانيين اليوم من بؤس و قهر و ظلم ..!
بيروت في 02.12.2020