أسطورة لعنة الفراعنة: ثعبان خرج لِيَلْتَهِمَ العصفور الذهبي.. وكانت بداية انتقام الملك ممن أزعجوه في مرقده
بقلم : دانيا يوسف
لعنة الفراعنة .. أسطورة قديمة رسخت في أذهان المصريين والباحثين. فالناس قديما كانوا يخافون دخول الأهرامات أو الاقتراب من تمثال أبو الهول بالتحديد خوفا من الغموض الذي يكتنف حوادث الموت والهلاك. فكيف ظهرت أسطورة لعنة الفراعنة؟
بدأت أسطورة لعنة الفراعنة عند افتتاح مقبرة توت عنخ آمون عام 1922 وأول ما لفت انتباههم نقوش تقول: “سيذبح الموت بجناحيه كل من يحاول أن يبدد أمن وسلام مرقد الفراعنة”. هذه هي العبارة التي وجدت منقوشة على مقبرة توت عنخ آمون والتي تلا اكتشافها سلسلة من الحوادث الغريبة. بدأت تلك الحوادث حسب الاسطورة بموت كثير من العمال القائمين بالبحث في المقبرة وهو ما حيّر العلماء والناس. وقال بعض علماء الآثار الذين شاركوا في اكتشاف حضارات الفراعنة، أن كهنة مصر القدماء قد صبوا لعنتهم على أي شخص يحاول نقل تلك الآثار من مكانها. وقيل أيضا ان عاصفة رملية قوية ثارت حول قبر توت عنخ آمون في اليوم الذي فتح فيه وشوهد صقر يطير فوق المقبرة ومن المعروف أن الصقر هو أحد الرموز المقدسة لدى الفراعنة.
الملك الشاب توت عنخ آمون كان حاكما لم يفعل الكثير. وربما كان في عصر ثورة مضادة على الملك اخناتون أول من نادى بالتوحيد. لكن من المؤكد أن هذا الملك الشاب قد استمد أهميته الكبرى من أن مقبرته لم يمسها أحد من اللصوص. وتوت عنخ آمون صاحب المقبرة والتابوت واللعنات حكم مصر تسع سنوات من عام 1358 إلى 1349 قبل الميلاد. وقد اكتشف مقبرته اثنان من الإنجليز هما هوارد كارتر واللورد كارنار فون. ويوم 6 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1922 ذهب كارتر إلى اللورد يقول له أخيرا اكتشفت شيئا رائعا في وادي الملوك وقد أسدلت الغطاء على الأبواب والسرداب.
وجاء اللورد إلى الأقصر يوم 23 نوفمبر وكانت ترافقه ابنته وتقدم كارتر وحطم الأختام والأبواب الواحد بعد الآخر حتى كان على مسافة قصيرة من غرفة دفن الملك توت عنخ آمون.
وبدأت حكاية اللعنة بعصفور الكناري الذهبي الذي حمله كارتر معه عند حضوره إلى الأقصر. وعندما اكتشفت المقبرة أطلقوا عليها أول الأمر اسم “مقبرة العصفور الذهبي”. وقيل بأنه عندما سافر كارتر إلى القاهرة ليستقبل اللورد كارنار فون، فوضع مساعده كالندر العصفور في الشرفة ليحظى بنسمات الهواء. ويوم افتتاح المقبرة سمع كالندر استغاثة ضعيفة كأنها صرخة إشارة فأسرع ليجد ثعبان كوبرا يمد لسانه إلى العصفور داخل القفص.
وقتل كالندر الثعبان ولكن العصفور كان قد مات. وعلى الفور قيل أن اللعنة بدأت مع فتح المقبرة حيث أن ثعبان الكوبرا يوجد على التاج الذي يوضع فوق رأس تماثيل ملوك مصر. وهذه كانت بداية انتقام الملك من الذين أزعجوه في مرقده حسب ما تروي الاسطورة.
وماحدث بعد ذلك كان أمرا غريبا تحول مع مرور الوقت إلى ظاهرة خارقة للطبيعة وواحدة من الامور الغامضة التي أثارت الكثير من الجدل. ففي الاحتفال الرسمي بافتتاح المقبرة أصيب اللورد كارن ارفون بحمى غامضة لم يجد لها أحد من الأطباء تفسيرا. وفي منتصف الليل تماما توفي اللورد في القاهرة. والأغرب من ذلك أن التيار الكهربائي قد انقطع في القاهرة دون أي سبب واضح في نفس لحظة الوفاة وربطت صحف القاهرة بين وفاة اللورد وإطفاء الأنوار وزعمت أن ذلك تم بأمر الملك توت.
وقالت بعض الصحف بأن إصبع اللورد قد جرح من آلة أو حربة مسمومة داخل المقبرة وقالت إن نوعا من البكتيريا نما داخل المقبرة يحمل المرض والموت. وبعد ذلك توالت المصائب وبدأ الموت يحصد الغالبية العظمى إن لم نقل الجميع الذين شاركوا في الاحتفال، ومعظم حالات الوفاة كانت بسبب تلك الحمى الغامضة مع هذيان ورجفة تؤدي إلى الوفاة.
بل إن الأمر كان يتعدى الإصابة بالحمى في الكثير من الأحيان. فقد توفي سكرتير هوارد كارتر دون أي سبب ومن ثم انتحر والده حزنا عليه. وفي أثناء تشييع جنازة السكرتير داس الحصان الذي كان يجر عربة التابوت طفلا صغيرا فقتله. وأصيب الكثيرون من الذين ساهموا بشكل أو بآخر في اكتشاف المقبرة بالجنون وبعضهم انتحر دون أي سبب. الأمر الذي حير علماء الآثار الذين وجدوا أنفسهم أمام لغز لا يوجد له أي تفسير.
والجدير بالذكر أن العديد من علماء الآثار صرحوا بأن لعنة الفراعنة هذه مجرد خرافة وحالات الوفاة التي حدثت لا يمكن أن تتعدى الصدفة والدليل على ذلك هو “هاورد كارتر” نفسه صاحب الكشف عن مقبرة الفرعون “توت عنخ آمون” والذي لم يحدث له أي مكروه.
وبالرغم من ذلك إلا أن الكثيرين منهم لا يجرؤون على اكتشاف قبور فرعونية أخرى ولا حتى زيارة الآثار الفرعونية.
كما قام معظم الأثرياء الذين يقتنون بعض الآثار والتماثيل الفرعونية الباهظة الثمن بالتخلص منها خوفا من تلك اللعنة المزعومة.
تعددت آراء العلماء عن تفسير هذه الظاهرة وأفاد بعضهم أن البكتيريا التي تنمو على سنابل القمح والشعير الموجودة داخل المقبرة تفرز سموماً قاتلة لدى تعرضها للاكسجين عند فتح المقبرة. ولدى استنشاقها فإنها تسبب حمى وهبوطاً في الدورة الدموية يؤديان الى الوفاة وتتوقف سرعة أو بطء حدوث الوفاة على فترات التعرض لهذه البكتيريا ومدى قربها او بعدها عن لحظة فتح المقبرة. وأكد الألماني فيليب فاندنبرج أن المصريين القدماء عرفوا الذرة وأنتجوا غازا للأعصاب يحمي القبور ووضعوا نظما دفاعية لحماية القبور بهذه الغازات.