القاتل المالي – The Cost Killer!..
بقلم ألعميد منذر ألأيوبي*
ما أن حَطَت ألطائرة ألخاصة لرئيس مَجلس إدارة شركتي رينو و نيسان للسيارات و رئيس تَحالف “رينو – نيسان – ميتسوبيشي” كارلوس غصن في مطار “هانيدا” Haneda الدولي بالقُرب من ألعاصمة اليابانية طوكيو فَجر يوم ألإثنين ١٩ نوفمبر ألماضي ، حتى أحاطَتها قوة من ألشُرطة أليابانية و نَفَذت عَملية توقيف بوليسية خارِجة عن ألمألوف “لقاتل ألنفقات” ، ثم إقتادَته مَخفورآ إلى مَكتب ألمدعي ألعام في طوكيو “شين كيكيموتو” Chin Kikumoto و وُضِعَ قَيد ألإحتجاز بعد أن صَدَرت بِحقه مذكرة توقيف وجاهية ..
ألتُهَم ألتي وُجِهت إلى رَجُل ألأعمال ألناجح ذو ألأصل أللبناني و حامل ألجنسيتين ألفرنسية و ألبرازيلية تَضَمَنَت ألتَهرُب ألضريبي عَبر تَقليل دَخله ألسنوي و إستخدام أصول ألشركة “نيسان” لأغراض شخصية ، و بألتَزامن تم تَوقيف المدير ألتنفيذي للشركة “غريغ كيللي” Greg Kelly بِتُهمَة ألتَوَرط مع غصن .. ألإدعاء ألياباني و من خلال ألتحقيقات ألمُسَرَبة خلافآ للأصول وَجَه إليه أيضآ تُهمَة ألإدلاء ببيانات كاذبة في تقارير ألأرباح ألسنوية قد تُؤدي إلى ألحُكم عليه بالسجن لعشر سنوات و إعادة ألأموال ألمُهَرَبة مع غرامة تبلغ 10 ملايين بن ياباني ..
نَجاحات كارلوس غصن ألمُتلاحقة في حَقل إدارة ألشركات ألعِملاقة للسيارات (( مُهندس ألشراكة ألإستراتيجية بينَ ألشرِكات ألثلاث ألتي أصبَحت رابع أكبر مَجموعة لصناعة ألسيارات في العالم بعد إنقاذهم من ألإفلاس )) و التي لا داعٍ لذكرها أو تعدادها ،، إذ باتت معروفةً لدى ألرأي العام ألدولي ألمالي و ألإقتصادي ،، فهو يُعْتَبر أيضآ من أبرَز ألشخصيات ألمؤثرة في أليابان و يَحظى بالكثير من ألتَقدير و ألإحترام حيثُ تم تَوثيق نَجاحاته في سلسلة كُتُب تَروي سيرته …
و بِغَض ألنَظَر عَن ألإتهامات ألمُتَعددة ألتي وُجِهَت إلى غصن فإن نظرية ألمؤامرة باتت خُيوطها ألمَنسوجة بعناية تَطفو على سَطح ألقضية ،، فألرجُل بِألمُختصر لم يتوقف عن بَيع سيارات ألتحالف آلصناعي “رينو، نيسان، ميتسوبيشي” إلى إيران ، لا بَل أنه أبدَلَ عملة ألتَعامل معها من ألدولار إلى أليورو ، عِلمآ أن حَجم مبيعات تحالف ألثلاثي “رينو-نيسان-ميتسوبيشي” في السوق العالمي عن عام ٢٠١٧ بلغ 10,6 مليون سيارة ..
عَلى ما يَبدو أن من أشعلَ فَتيل ألقَضية هو حامل ألجنسية ألبريطانية ألرجُل ألمُخضرم و الذي مضى على وجوده في ألشركة حوالي ٢٩ عامآ ألمدعو “هاري ندا” Hari Nada ألماليزي ألأصل أحَد مساعدي غصن ألموثوقين ، و يَشغَل مَنصِب مُدير مكتبه ألكائن في ألمقر ألرئيسي للشركة في مدينة يوكوهاما أليابانية ، إذ أنه و منذ بداية العام ألحالي ٢٠١٨ ترأسَ مجموعةً من خمسة أشخاص من موظفي ألشركة مُهمتها إجراء ألتحقيقات ألسرية ، نَسخ ألمُستندات ألشَخصية و ألمالية و تَسليمها إلى وكلاء ألنيابة ألعامة في طوكيو دونَ تَحديد مَدى صِدقيتها ، كما قَدَم “ندا” ألمذكور مَعلومات مِحورية ساهَمت في إيجاد إثباتات لِإتهام غُصُن ألتلاعُب بأموال ألشركة و أستخدام أموالها لمصالحه ألشخصية و إرتكاب جُرمَي ألتزوير و التهرب ألضريبي مما أفْضَى إلى توقيفه …
هذه ألمُعطيات تؤكد أن صِراعآ خفيآ كان يَدور داخل أروقة ألشركة يَستَهدف غصن دون أن يَعلم أو يَشتبه بألأمر .. كما أن مَصالح تجارية و إقتصادية لدول و شركات تَضررت من نَجاحات غصن و نَمط إدارَته ألتَحالف ألثلاثي ألفرنسي – ألياباني ،، بِألإضافة إلى أن أليابانيين لَم يَستَسيغوا أن تكون شركة رينو ألفرنسية ألمُهيمن ألأول على شركة نيسان لإمتلاكها 43% من أسهمها في حين ان أسهم نيسان ألمَملوكة في رينو لا تتجاوز 15% – مع ألإشارة إلى أن ألرئيس ألتنفيذي ل نيسان “هيروتو سيكاوا” Hiroto Saikawa إعتَبَر أن غصن أصبَحَ ديكتاتورآ وفقَ ما صَرح بُعَيدَ توقيفه …
من جِهةٍ أخرى ،، لم يَكُن مُستَغرَبآ تَوجيه أصابع ألإتهام إلى “هاري ندا” و مَجموعته بالعَمَل لصالح ألمخابرات ألأميركية في عملية إسقاط أللبناني “قاتل ألنفقات” و ألتبعات ألسلبية لذلك على ألصعيدين ألصناعي و ألتجاري حيثُ ألأكثر تضررآ مباشرةً فرنسا و أليابان وبشكل غير مباشر إيران و تركيا ؛ أما لبنان فقد إرتَدَ ألأمر عليه و على مُغتربيه ضررآ معنويآ بالغآ في إستغلالٍ رخيصٍ لِلحَدَث و ما أكثر ألمُستَغلين و ألشامتين …
بألتوازي ،، يبقى ألسؤال كارلوس غصن مُذنب أم غيرمُذنب ؟؟
هذا ألأمر متروك للقٍضاء ألياباني ..لَكن ما يجب ألتأكيد عليه و بِصَرف ألنَظر عن مَدى ثُبوت أو صحة ألأدلة و قانونيتها فقد كان من ألأجدَر و من باب ألوَفاء لهذا ألشَخص أن تَعمَد ألسُلطات أليابانية إلى إخلاء سبيله حتى مَوعد مُحاكَمتِه على ألأقَل ، و ألإكتفاء بإعادة ألمَبالِغ ألمُفتَرضة مع ألضَريبة ألتي تَهَرَب منها و من ثُمَ تَغريمِه مَاليآ و إلزامه تقديم إستقالته من مَنصِبه ،، أما ألرِهان حاليآ فهو على ألرئيس ماكرون في ذلك ..
إلتقيتُ كارلوس غصن دونَ سابِق مَعرِفة أوائل شهر أيلول ألماضي أثناء حُضوره مع عائلته مَسرحية ألفنان ألمبدع سامي خياط في صالة مطعم Kudeta شارع بدارو ، و تَلَمَستُ مِنه رَغبَةً بإنشاء مَصنع لبعضِ أجزاء ألسيارات في لُبنان كخُطوة أولى يُراهن على نَجاحِها ،، ألرجُل ألمُتواضع ألدَمِث ألأخلاق و ألمُحِب لوطَنِه كُثٌُر عَانَقوه و إلتقطوا معه صُوَر ألسلفي ، كانوا فَخورونَ به علامةً مُضيئة في سَماء وطنهم و ألإغتِراب حَولَت أنظارهم مؤقتآ عن خَشبة ألمَسرح و جَمالية ألمَسرحية ألتي تَفرُض ألضِحْكَة عَليهم في ظُلمَة واقعٍ مُزري يَعيشونه …