الرسائل المشفرة…
بقلم العميد.م.منذر ألأيوبي*
تتسارع ألأحداث و تتوالى المواقف على صعيد ألأقليم و دُوَلِه ،، فالجميع في حلبة الصراع و الراعي ألأقليمي “الروسي و ألأميركي” لكل من فريقي المواجهة ما زال يحرك بيادقه Pawns في وجه ألآخر توصلآ لنتائج تتطابق مع مصالحه الجيو إستراتيجية و تضمن ألإستفادة مستقبلآ و الى الحد الأقصى من العلاقة السببية بين الروابط السياسية و الجغرافيا ،، مع العلم أن لا مكان هنا لعبارة “كش ملك – Checkmate ” فهي تعني إنتهاء اللعبة Game Over و الدمار الشامل ..
منذ بداية ولايته يعتمد الرئيس ألأميركي دونالد ترامب في حلبة الصراع الأقليمي رسائل من نوع العقوبات الاقتصادية و المالية في وجه خصوم أميركا و أعدائها “روسيا – إيران – حزب الله – الصين .. الخ ” ،، في حين يعتمد الرئيس الروسي في هذه المواجهة على الرسائل الصاروخية S-300 و S-400 .. و إذا كانت الرسائل ألأميركية واضحة المعالم فإن الروسية مشفرة ذات أوجه تفسير عديدة غير واضحة المدى Limit للخصم او العدو ،، فلا هي اعلان حرب ولا مشروع سلام او اتفاق هدنة،، كما أن القيادة الروسية تستغل الفرصة السانحة والمناسبة في أعقاب كل حدث لإرسالها : “إستعادة شبه جزيرة القرم من أوكرانيا – إسقاط السوخوي SU.24 على الحدود التركية – إسقاط ألأليوشين Illyushin.20 مقابل الساحل السوري” .. و أخيرآ رفع مستوى العقوبات على روسيا و الرد بتسليم إيران الS-400 مما يتوائم مع معايير الفكر ألإستراتيجي ..
لا يعني ذلك ضعفآ في القراءات و القرارات ألإستراتيجية للقيادة العسكرية الاميركية مطلقآ ،، لكن سياسة ترامب و تصريحاته العفوية والفورية و قراراته المستقلة : “سحب صواريخ باتريوت MIM-104 Patriot من الكويت – إعلانه اعادة جنوده إلى أميركا – وقف الدعم المالي لحلف شمال ألأطلسي NATO – إبعاده جنرالاته عن محيطه القريب ،، مكتفيآ ب جون بولتون و جاريد كوشنير و أخيرآ نيته إقالة وزير الدفاع، جيم ماتيس ، عقب الانتخابات التشريعية للكونغرس الأمريكي في تشرين الثاني القادم كلها عوامل ساهمت في إظهار الضعف ألأميركي التكتي و ألإستراتيجي على حلبة الصراع ألإقليمي و الدولي ..
من جهة أخرى فأن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو سيزور موسكو قريبآ و في جعبته عرض تسوية يُسمح بموجبه لسلاح الجو الإسرائيلي بقصف مواقع و أهداف إيرانية و لحزب الله فقط
و تحييده المواقع و القواعد العسكرية التابعة للجيش السوري على أن لا تُستهدف طائراته بأل S-300 ،، سيكون جواب ألرئيس بوتين الرفض حتمآ فقواعد الاشتباك بعد نشر ال S-300 غير ما قبله ،، وهو سبق و أبعد القوى الإيرانية و حزب الله ١٠٠ كلم عن الحدود السورية الأسرائيلية و هذا بنظره كافي ..
على صعيد آخر ،، أتى تحذير وزير الخارجية ألروسي لافروف لإسرائيل عدم التفكير بألأعتداء على لبنان
بعد كلمة نتنياهو في الامم المتحدة و الصور التي عرضها لمخازن الصواريخ الدقيقة قرب مطار بيروت الدولي ،، أمرآ كافيآ لمنح لبنان قيمة مضافة على الضمانات الدولية المتعلقة بإبعاده عن الحريق المشتعل في المنطقة ..
من هنا نرى أن تشكيل الحكومة اللبنانية و نيلها الثقة والانصراف إلى إستحقاق دعم لبنان ماليآ و تحفيز وضعه الاقتصادي إنفاذآ لمقررات مؤتمر “سيدر – ١” بات قريبأ جدآ (١٠ أيام إضافية) في ظل المتغيرات ألإقليمية و منها :
*ألإفراج عن إنتخاب رئيس الجمهورية العراقية “برهم صالح” و تكليف “عادل عبد المهدي” تشكيل الحكومة ..
*إخراج مسلحي داعش و النصرة من إدلب و توطيد المنطقة العازلة تنفيذآ لإتفاق سوتشي Sochi بين روسيا و تركيا ..
*إحتمال عدوان اسرائيلي على لبنان و إن مكبوحآ إلى حد ما ..
*إعتبار نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فرنشينبن أن إدلب ستكون في النهاية تحت سلطة الحكومة السورية ..
*إعلان الخارجية الروسية أن مسألة ترحيل ألرئيس ألأسد لم تعد مطروحة و تم تجاوزها ..
*المبادرة المصرية و المبادرة الفرنسية للدفع بإتجاه التشكيل ..
إضافة الى تقاطع مصالح لدى عواصم القرار الدولي هي جملة أسباب تؤكد ضرورة ولادة الحكومة مهما كانت الصعوبات و العقد ،، من المرجح صدور مرسوم تأليف الحكومة أوائل ألأسبوع المقبل بعد عودة رئيس الجمهورية من المشاركة في قمة الدول الفرنكوفونية في مدينة يريفان-أرمينيا ..
أخيرآ ،، لا بد من ألإستنتاج أن الرسالة المشفرة S-300 الروسية الاخيرة عجلت كفة الحلول السياسية في سوريا و إنهاء الحرب لا بل الحروب على ساحتها بما يضمن الاستقرار و إعادة ألإعمار ،، بمعنى أنه إذا أردتم متابعة الصراع على الحلبة السورية فالكلفة بدأت بالارتفاع و البيادق ستتهاوى و الرسائل متبادلة ..
*كاتب و باحث في الشؤون ألأمنية و ألإستراتيجية .