تشريع الحشيشة على جدول جلسة اللجان! تأسيس لثقافة انحراف تطال البنية المجتمعية
بقلم جهاد اسماعيل*
وإن كان ثمة قانونا قد صدر عام 1998 لتنظيم زراعة الحشيش لأغراض طبية وصناعية، والذي بقي معلقا في ادراج المجلس تبعا لعدم اقرار مراسيم تطبيقية بشأنه، إلا أن رياح التجديد قد عادت الى المطبخ النيابي من اجل احياء التشريعات الرامية الى إجازة زراعة القنب الهندي للإستخدام الطبي، كما ورد في البند الرابع لجدول اعمال جلسة اللجان النيابية المشتركة المنوي عقدها يوم الخميس، قبل إحالته الى الهيئة العامة بهدف مناقشته واقراره في حال تأمنت الاكثرية الضامنة له.
الاقتراح المزمع درسه في اللجان، يحصر الإجازة بوزارتي الزراعة والصحة، وتعطى الرخصة، لمدة زمنية قصيرة نسبيا، الى مؤسسات الدولة والمعاهد العلمية، ومراكز البحوث العلمية المعترف بها والتي يستدعي عملها ذلك، أصحاب معامل التحاليل الكيمياوية او الصناعية او الغذائية وغيرها من المؤسسات المعدة لتركيب الادوية، علاوة على نية استحداث هيئة وطنية مخصصة للرقابة والاشراف على زراعة الحشيشة ايا كانت تسميتها، وسط اشاعة اجواء تفاؤلية عن فرض الإدارة والرقابة في ضبط استخدام زراعة الحشيشة، وحصرها بالاغراض الطبية، وترويج نظرية ” الفوائد الاقتصادية والمالية المترتبة عن هذا النوع من التشريعات”، وغض النظر عن المخاطر التي قد تنجم عنها على الاصعدة التالية، تبعا لغياب الحوكمة والادارة في معظم مرافق الدولة:
– على الصعيد الزراعي- الاقتصادي: في ظل عدم ضمان حصرية استخدامها في المجال الطبي، تطرح المخاوف عن مصير المحاصيل الاخرى كالخضار والفاكهة لجهة ديمومتهما وتصريفهما، او لجهة مردودهما، بسبب المنافسة، على أصحاب الدخل المحدودة، لا سيما وأن الدولة اللبنانية تفتقر الى سياسة زراعية تطال المداخيل والبنى الرزاعية، ما يضعف النمو الاقتصادي جراء الخسارة اللاحقة بجزء من الإنتاج الزراعي، علاوة على مشاكل تعانيها القطاعات الزراعية والصناعية لها علاقة بالتصدير، كغياب مركز توثيق او بنك معطيات، غياب ضمانات للمصدرين، انحسار الاعفاءات الضريبية.
– على الصعيد المالي- الاقتصادي: إزاء قياس البعض، في معرض ترويجه للحشيشة، بالتجارب العالمية، فإن شروط هذا القياس منقوصة بسبب حجم الناتج المحلي في لبنان عموما، وإزاء أزمة تصريف المنتوجات الزراعية مقارنة مع الدول الاخرى، قد تدفع الدولة الى تأمين تعويضات مالية للمزراعين لقاء الخسائر الناتجة عن صعوبة بيع كل المحاصيل، خصوصا وأن لبنان يعاني من غياب المعامل اللازمة لتطوير الانتاج الزراعي والصناعي.
– على الصعيد المجتمعي( الاجتماعي والصحي والاخلاقي والامني..):
بسبب تركيبة الدولة والمجتمع اللبناني، يمسي من الصعب الاعتقاد بوجود ضمانات تضبط مسار زراعة الحشيشة الى اتجاهات مخالفة للغاية المرجوة، مهما لحظت مواد القانون ،المتعلق بها، العقوبات والاليات، لأن المشكلة لم تعد تقتصر على فاعلية القانون، وانما باتت تطال بنية المجتمع بكاملة، من ذهنية وثقافة وانحراف ونظام وفساد وقيم وعداء للقانون الخ..، اذ أن تاثيراتها السلبية لن ترحم الشباب والصحة والاجيال الناشئة، تبعا للموروثات اللبنانية العالقة منذ القدم، حيث أن في ظل وجود الرادع لا يتوانى بعض الشباب عن استخدامها فكيف بوجود القوانين التي تبيحها ولو لعناوين معينة؟ ما يضع الامن الاجتماعي في دائرة الخطر ما دام هناك مادة جديدة للشباب وكبار التجار تجيز لهم تمرير نزواتهم وشهواتهم في ميدان امتهن كل شيء الا القانون.. فحذار..
لذلك ، يستحسن أن تذهب الدولة الى اعتماد سياسة زراعية- اقتصادية من شأنها ترفع من مستوى النمو الاقتصادي، عوضا عن سياسات جزئية- فئوية سيكون مصيرها الخسارة على مختلف المستويات!