قاسم للحضور في مهرجان التشييع : أنتم شعب لا يهزم، سنكون معاً، سنقاوم معاً، سنبايع معاً :”إنا على العهد يا ‏نصر الله”

 

كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم خلال مراسم تشييع الأمينَينِ ‏العامَّينِ لحزب الله الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين.

“السلام عليكم أيها الحشد الكريم المهيب، السلام عليكم أيها المجتمعون في هذه المناسبة العظيمة لِتشييع سيد ‏شهداء الأمة السيد حسن نصر الله (رضوان الله تعالى عليه) وصفيه السيد هاشم صفي الدين (رضوان الله ‏تعالى عليه)، السلام عليكم أيها الوفود من كل أقطار العالم، السلام عليكم أيها الشعب اللبناني الأبي بِكل ‏طوائفه ومذاهبه وأحزابه وقواه، السلام على ممثل رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون الأخ ‏الأكبر الأستاذ نبيه بري بالأصالة والوكالة، والسلام على ممثل رئيس الحكومة اللبنانية السيد نواف سلام ‏الدكتور محمد حيدر.‏
أيها الشعب الأبي، أُخاطبكم بإسم أخي وحبيبي ومقتداي السيد حسن نصر الله، السلام عليكم يا أشرف الناس، ‏السلام عليكم يا أوفى الناس، السلام عليكم يا أكرم الناس، يا من رفعتم رؤوسنا عالياً ولِتسمع السماوات السبع ‏والأرض ومن فيهن أنكم على العهد وأنكم مع نصر الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏
‏”مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا ‏تَبْدِيلًا”‏.‏
نُودع اليوم قائداً تاريخياً استثنائياً، نودع اليوم قائداً وطنياً، عربياً اسلامياً، وهو يُمثل قبلة الأحرار في العالم، ‏نُودع اليوم سيدنا وحبيبنا، حبيب المجاهدين وحبيب الناس، حبيب الفقراء والمستضعفين، حبيب المعذبين ‏على الأرض، حبيب الفلسطينيين، نُودع سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله(رضوان الله تعالى عليه).‏
‏ هذا السيد الذي بدأ تدينه منذ نعومة أظفاره وهو قد وُلد في سنة 1960 وذهب إلى النجف الأشرف لِيدرس ‏في حوزتها بمباركة واشراف الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر(رضوان الله تعالى عليه)، في سن ال16 ‏من عمره برعاية سماحة السيد عباس الموسوي (رضوان الله تعالى عليه)، بقي سنتان ثم جاء إلى بعلبك ‏بسبب الظروف الموجودة في العراق في سنة 1978 مع أستاذه السيد عباس، وهناك درس في حوزتها ‏وعمل تحت لواء الإمام موسى الصدر، الامام المُغيب أعاده الله ورفيقيه سالماً، وعمل في كل الحقول الثقافية ‏والاجتماعية إلى سنة 1982 حيث تأسس حزب الله. من البدايات هو شخص اساسيٌ عاملٌ في هذا الحزب، ‏إلى أن تولى بعد ذلك موقع رئيس المجلس التنفيذي في أول شورى كان فيها سنة 1989، وبعدها تسلم الأمانة ‏العامة بعد شهادة السيد عباس في 16 شباط 1992، واستمر إلى يوم شهادته في 27 أيلول سنة 2024، هذا ‏السيد العزيز قاد المقاومة إلى الأمة وقاد الأمة إلى المقاومة، فأصبحنا لا نميز بين مقاومةٍ وامة، كلهم قلبٌ ‏واحد معه، يقاتلون، يسمعون، يُحاولون العمل بما ينصح به وبما يعمل به، هذا الرجل العظيم ذاب في ‏الاسلام، ذاب بمحمدٍ وآل محمد، ذاب في الولاية، هو صادقٌ، وفيٌ، حنونٌ، كريمٌ، متواضعٌ، صلبٌ، شجاعٌ، ‏حكيمٌ، استراتيجي، هو حبيب المقاومين يثق بالناس ويؤمن بهم، أحب الناس وأحبه الناس، هو قائد العقول ‏والقلوب دائماً وجهته فلسطين والقدس، وهو الذي ساهم مساهمةً عظيم في احياء هذه القضية، لقد اصر على ‏بقاءه في غرفة عمليات المقاومة لِيتابع من خلالها مع المجاهدين واستشهد وهو في الموقع المتقدم.‏
افتقدك يا سيدي ويفتقدك كل المُحبين، لكنك باقٍ فينا بِنهجك وتعاليمك ومقاومتك وخط سيرك وجهادك، انت ‏حيٌ فينا، ” وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ “، سنحفظ الأمانة وسنسير ‏على هذا الخط، سنحفظ وصيتك ووصية السيد عباس ووصية السيد هاشم، أنت القائل في 18 شباط بعد ‏شهادة السيد عباس (رضوان الله تعالى عليه) بِيومين: هذا الطريق سنكمله لو قُتلنا جميعاً، لو دُمرت بيوتنا ‏على رؤوسنا، لن نتخلى عن خيار المقاومة. ‏
يا سيدي من احببت وذبت في الولاية طاعةً له الامام الخامنئي (دائم ظله)، قال لنا: فقد حزب الله في لبنان ‏قائدا قلّ نظيره، لكن بركات تدبيره وجهاده على مر عشرات الأعوام لن تنتهِ أبدا. هنا في هذا المحفل أُريد أن ‏أُبايع على هذا الخط ويُريد جمهورك وشعبك أن يُبايع على هذا الخط. فكرت هل نقول قسماً أم أنه يكفي أن ‏نُعلن العهد والبيعة، فتبين اننا إذا أعلنا العهد والاستمرار عليه نستطيع ان نصل إلى مبتغانا، سأقول لكم عبارةً ‏نُكررها ثلاث مرات بِقبضات مرفوعة “إنا على العهد يا نصر الله”.‏
في هذا اليوم نُشيع الأمين العام السيد هاشم صفي الدين (رضوان الله تعالى عليه)، كان صفياً وحبيباً وصاحباً ‏ومؤزراً وعضد، نفتقدك يا سيد علماً لِمسيرتنا، لكنك باقٍ فينا بِنهجك وعطاءاتك.‏
‏ واكب التأسيس سنة 1982 وهو من مواليد سنة 1962، ولكنه في ذاك العام ذهب إلى قم المقدسة لِتحصيل ‏العلوم الدينية، وكان يأتي في كل فترةٍ إلى لبنان ويُشارك مع المجاهدين، إلى ان تولى قيادة منطقة الجنوب ‏سنة 1991، ثم دخل إلى الشورى سنة 1994 وكان رئيساً للمجلس التنفيذي، إلى أن استشهد أميناً عاماً بعد ‏ستة أيام من توليه هذا المنصب خلفاً لِحبيبه السيد حسن (رضوان الله تعالى عليه).‏
اهتم بالمؤسسات التربوية والثقافية والإجتماعية، وعمل في مختلف الحقول التي تخدم الناس، واكب ‏المجاهدين في متطلباتهم وجهوزيتهم، وكان عضد الأمين العام السيد حسن نصر الله (رضوان الله تعالى ‏عليه) في مواكبتهم.‏
نفتقدك يا سيد كما نفتقد أميننا العام السيد حسن (رضوان الله تعالى عليه). وهنا ومن باب الوفاء، لا بد ان ‏أذكر بعض الإخوة من المسؤولين الذين استشهدوا في المقرين مقر سماحة السيد ومقر سماحة السيد، من ‏استشهد في مقر سماحة السيد حسن نصر الله سيد شهداء الأمة الحاج عباس، العميد عباس نيلفروشان، عميد ‏في الحرس وهو إيراني، والتحمت دماءه مع دماء شهداء المقاومة على طريق فلسطين.‏
الحاج أبو الفضل علي عبد المنعم كركي، الحاج ابو حسن عمار علي نايف ايوب، الحاج امين عبد الأمير ‏محمد سبليني، الحاج نبيل ابراهيم حسين جزيني، الحاج جهاد سمير توفيق ديب، الدكتور غريب حسن محمد ‏امين سلمان، الحاج حسن محمد حبيب خير الدين.‏
وممن استشهد مع السيد هاشم (رضوان الله تعالى عليه من المسؤولين) الحاج مرتضى حسين علي هزيمة، ‏الحاج عادل علي محمد بحسون، الأخ ماهر محمود محمد شاهين.‏
‏ كل التعزية والتبريك لعوائل الشهداء، لعوائل السيدين الجليلين ولكل الشهداء على طريق القدس ولكل شهداء ‏المقاومة، كل التبريك للمحبين، للمنتمين، للذين ينظرون إلى فلسطين قبلةً لهم، هذه المسيرة هي مسيرة كل ‏الشهداء، هذه المسيرة هي قوة وحياة، ” وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ ‏يُرْزَقُونَ “.‏
هنا لا بد أن نُحيي الجرحى، الذين هم شهداء أحياء، ونُحيي الأسرى ونقول لهم لن نترككم عند الصهاينة، ‏ويجب أن يُفرج عنكم، وسنقوم بكل الإجراءات والضغوطات المناسبة لهذا الإفراج.‏
‏ أما أنتم أيها الحشد الجماهيري الكبير، أنا أعلم أن سماحة السيد في قلوبكم وعقولكم، وكذلك كل الملايين ‏المجتمعين في العالم والذين يشهدون هذا اللقاء، والذين يتمنون ان يكونوا هنا إلى جانبكم، هذا الحشد الكبير ‏الذي قلّ نظيره، بل اعتقد انه لم يوجد مثله في لبنان على مر التاريخ، هو تعبيرٌ عن الوفاء، أنتم الشعب ‏الوفي، أنتم الشعب المعطاء، أنتم الشعب الذي يستمر.‏
‏ في هذا اليوم سوف أتحدث في أربع نقاط.‏
أولاً: ماذا واجهنا، لقد واجهنا معركة الاسناد، اسناد غزة، هو جزءٌ من ايماننا بتحرير فلسطين، وخطط ‏الاسرائيلي لِيخوض حرباً على لبنان بعد أربعة أيام في 11 تشرين الأول، وهو حتى لو لم يخض هذه الحرب ‏لاحقاً، كان له نية أن يخوض حرباً على لبنان في يومٍ من الأيام، لأنه لا يتحمل هذه المقاومة العظيمة، واجهنا ‏الكيان الاسرائيلي ومن وراءه الطاغوت الأكبر أميركا، التي حشدت كل امكاناتها من أجل أن تُواجه غزة ‏وفلسطين ولبنان واليمن والعراق وإيران أي محور المقاومة، الذي إلتف حول غزة وحول فلسطين، حجم ‏الإجرام غير مسبوق وكل الهدف انهاء المقاومة في غزة ولبنان، ولكن أيضاً حجم التضحيات غير مسبوق ‏انسجاماً مع هذا الضغط. في المقابل حجم الصمود والاستمرارية غير مسبوق، وهذا انجازٌ كبير، نحن اعدنا ‏تنظيمنا وصمد مقاومونا الأبطال على الحدود، 75000 جندي إسرائيلي لم يتمكنوا من التقدم في مواجهة ‏المقاومة، كُنا نسمع عويلهم عندما يقولوا أن حدثاً أمنياً حصل في منطقة الشمال، هذا بسبب صمود المقاومين ‏وعطاءات المقاومين، لقد ضحى رجالنا وشبابنا وشعبنا وضحت النساء والأطفال والجميع، أنتم يا شعب ‏المقاومة تراب الأرض الراسخة ومطر السماء يمنح الحياة وعزيمة الحسين في ابقاء الراية خفاقة وموقف ‏زينب يهز أركان الطغاة والظلمة. أنتم شعب لا يهزم، سنكون معاً، سنقاوم معاً، سنبايع معاً “إنا على العهد يا ‏نصر الله”.‏
جمهور المقاومة والشعب اللبناني تكاتفوا جميعاً وكانوا نموذجاً، الحمد لله هذا الحشد هو تعبيرٌ عن الوحدة ‏الوطنية والوحدة القومية والوحدة الإسلامية والوحدة الإنسانية حول فلسطين وحول الحق.‏
ثانياً: أين أصبحنا؟ وافقنا على طلب العدو وقف إطلاق النار، لأن لا مصلحة للمقاومة ولبنان باستمرار ‏القتال غير التناسبي وتحقيق الأضرار من دون أُفق سياسي ولا ميداني، يعني خلص صار كل أمر سيحصل ‏هو عبارة عن قتل وقتال من دون لا تقدم ميداني ولا تقدم سياسي. نقطة قوة أن نُوافق على وقف إطلاق النار ‏في هذه اللحظة المناسبة، التي لو لم تكن لِطالت لِشهر او شهرين لن تختلف في نتائجها. نحن الآن أصبحنا في ‏مرحلة جديدة، هذه المرحلة الجديدة تختلف أدواتها وأساليبها وكيفية التعامل معها. أبرز خطوة اتخذناها أن ‏تتحمل الدولة مسؤوليتها بعد أن منعت المقاومة العدو من أن يجتاح أو أن يُحقق أهدافه، يعني أننا انجزنا ‏القسم الأول ثم جاء القسم الثاني الذي هو مسؤولية الدولة، إلتزمنا ولم تلتزم إسرائيل ولن تلتزم إسرائيل، ‏صبرنا لإعطاء الفرصة لإنسحاب اسرائيل بالإتفاق والدبلوماسية، ولم نخرق كي لا نتساوى معهم، اليوم بعد ‏انتهاء مهلة الإتفاق في الإنسحاب الإسرائيلي، لم نعد أمام خروقات إسرائيلية، أصبحنا أمام إحتلال وعدوان، ‏اسمه نقطة، اسمه خمس نقاط هذا احتلال وعدوان، القصف على الداخل اللبناني مهما كانت المبررات اسمه ‏عدوان، لا تستطيع إسرائيل ان تستمر بإحتلالها وعدوانها، اعلموا أن المقاومة موجودة وقوية عدداً وعدةً ‏وشعباً، ونحن نُؤمن أن النصر النهائي حتميٌ كنصرٍ مطلق، يتأخر لأن القلة هي التي تُواجه ولو واجه الجميع ‏لِتغيرت المعادلة. استيقظوا أيها النائمون، لقد أعطتكم المقاومة تجربة فريدة، واستطعنا ان نُعطي نموذجاً ‏عظيماً في الوقوف بِوجه الكيان الإسرائيلي وتحقيق الصمود. على كل حال الآية الكريمة تُبين السنة الإهية، ‏إسرائيل تظلم، أميركا تظلم، يُغالون في ظلمهم، يقول تعالى‏”وَتِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰٓ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلۡنَا لِمَهۡلِكِهِم ‏مَّوۡعِدٗا”‏.‏
ثالثاً: ماذا عن مستقبل المقاومة؟ الظاهر يوجد أُناس كثر “محتارين فينا ومربكين فينا”، ساعة يُحللون أنه ‏خلص خلصنا، المقاومة انتهت، لا يا حبيبي، المقاومة لم تنته، المقاومة مستمرة بِحضورها وجهوزيتها، ‏المقاومة إيمانٌ وحق، لا يستطيع أحد أن ينزع هذا الإيمان، ولا يُمكن لأحد أن يسلبنا هذا الحق، كيف ونحن ‏نُؤمن أن المقاومة إيمانٌ وواجب، ليست حقاً فقط. المقاومة حياة الشعوب الحرة للتحرير، المقاومة تُكتب ‏بالدماء ولا تحتاج إلى الحبر على الورق، وتثبت بالتضحية، ولا يُثنيها من يُعارضها، وتقتلع المُحتل ولو بعد ‏حين، ولا تَهاب طواغيت العالم، وترسم مستقبل الأحرار، مُتخطيةً نقيق الضفادع. المقاومة إيمانٌ أرسخ من ‏الجحافل، وعشقٌ يتغلغل في المحافل، وعزٌ يهزم كل سافل، ونصرٌ يُخلد كل مقاتل، موتوا بِغيضكم، المقاومة ‏باقية وقوية ومستمرة.‏
سنمارس العمل المقاوم بالأساليب والطرق والتوقيت انسجاماً مع المرحلة وتقدير القيادة، ليس معنى استمرار ‏المقاومة أنه في كل يوم سوف نرد وأنه في كل يوم سوف نُطلق النار، كلا، بِخيارنا نُطلق متى نرى مناسباً ‏ونصبر متى نرى مناسباً، لكن المقاومة موجودة، لا نقبل في لبنان أن تتحكم أميركا الطاغية بِبلدنا، ماذا ‏قالت أميركا لِإسرائيل؟ قالت لها: لنتوقف طالما لا تستطيعون أن تتقدموا مترين إلى الأمام، ونحن إن شاء ‏الله بالسياسة نستطيع أن نُؤثر على الداخل اللبناني، ونأخذ لكم بالسياسة الذي لم تأخذوه بالحرب، “فشر” لن ‏تأخذوا بالسياسة الذي لم تأخذوه بالحرب، واعلموا أنتم أيها الأميركيون إذا كنا ساكتين الآن، وإذا كنتم ‏تتحركون بِحرية بِطريقة سيئة، وتُحاولون الضغط على المسؤولين وعلى لبنان، لن تتمكنوا من تحقيق ‏أهدافكم لأن المسؤولين في لبنان يعرفون توازن القوى، ويعرفون حقوق الشعب، ويعرفون أن هذه القوى ‏المختلفة هي ممثلة لِهذا الشعب، لذلك أنصحكم بأن تكفوا عن هذه المؤامرات. لا تفكروا أن صبرنا وحكمتنا ‏بالأولويات قد ضعفت، فالمسار طويل ونحن لها، لن نخضع، ولن نقبل بإستمرار قتلنا واحتلالنا ونحن ‏نتفرج، ولا يُمكن لِأحد أن يطلب منا بأن ننكشف وأن نُقدم ما لدينا من قوة لِيتحكم بِنا العدو.‏
أنتم تعرفون نحن أبناء هيهات منا الذلة، يا دعاة السيادة استيقظوا، ماذا فعلتم في فرصة الاتفاق؟ ماذا تفعلون ‏الآن؟ لا نسمع منكم كلمة ضد إسرائيل، لا نسمع منكم كلمة ضد أميركا، كيف تكون السيادة مع هذا الاحتلال ‏المستمر؟ ومع هذا التدخل الأميركي؟ والله لو اجتمع طواغيت العالم بأسرهم لِقتلنا أو إذلالنا سوف نُواجهم ‏حتى النصر أو الشهادة. ألم يُبهركم أيها الناظرون إلينا، ألم يُبهركم أننا خرجنا من تحت الأنقاض في معركة ‏‏”أولي البأس”، واستعدنا المبادرة، واضطرينا إسرائيل أن تطلب وقف النار؟ ألم يصدمكم مشهد الناس ‏يذهبون إلى الجنوب بِصدورهم من دون سلاح ويتحدون الدبابات الإسرائيلية ويُحررون أجزاءً من الأرض؟ ‏ألم يُفاجئكم انجاز الوفاق بانتخاب رئيسٍ للجمهورية، وإسقاط دعاة الإقصاء، فَكنا جزءاً لا يتجزأ نحن ‏وحركة أمل في متن تركيبة البلد لِقيادة البلد؟ ألم يُحيركم كيف تعاونا لِتسهيل ولادة الحكومة؟ ‏
يا شعبنا، نحن أبناء الولاية، أبناء الإمام الخامنئي وأبناء الإمام الخميني، نحن أبناء الإمام موسى الصدر، ‏أبناء السيد عباس الموسوي والسيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، أبناء الحاج قاسم سليماني ‏والحاج عماد مغنية، كل هذه السلسلة تعود إلى الأصل، إلى محمد وعلي والحسين، وتُهيىء الراية إلى الإمام ‏المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وهيهات منا الذلة.‏
رابعاً: ما هي ثوابتنا في المرحلة الجديدة؟ نحن في مرحلة جديدة، ما هي الثوابت؟
نحن قلنا:”إنا على العهد” يعني يا سيدنا إطمأن، القيادات موجودة والمقاومين موجودين، والمقاومات ‏موجودات، والأبطال المقاومين موجودين، والشعب من كل الطوائف موجود، والأمة موجودة.‏
أولاً: المقاومة أساس، وهي خيارنا الإيماني والسياسي ما دام الاحتلال موجوداً وما دام خطره موجوداً. ‏نُمارس حقنا في المقاومة بحسب تقديرنا للمصلحة وبحسب الظروف، وسنتابع تحرك الدولة لِطرد الاحتلال ‏ديبلوماسياً، ونَبني بعد ذلك على النتائج. ونُناقش لاحقاً استفادة لبنان من قوته عند مناقشة الإستراتيجية ‏الدفاعية.‏
ثانياً: فلسطين حق وهي بوصلتنا، ندعم تحريرها وسنواصل مشروع ترامب التهجيري مع كل القوى الحيّة ‏في المنطقة، الشهداء الكثر والجرحى، 160 ألف شهيد وجريح في غزة وجريحة وشهيدة، هؤلاء هم الثمن ‏الحقيقي لإستمرار العزة ومن أجل أن نُكمل الراية ونستمر على العهد.‏
ثالثاً: سنشارك في بناء الدولة القوية والعادلة، ونُساهم في نهضتها على قاعدة المساواة بين المواطنين في ‏الحقوق والواجبات وتحت سقف اتفاق الطائف، ضمن ثلاثة ركائز أساسية:‏
أولاً: إخراج المحتل وإعادة الأسرى
ثانياً: إعادة الإعمار والترميم والبنى التحتية كإلتزام أساسي لهذه الدولة ونحن معها
ثالثاً: إقرار خطة الإنقاذ والنهضة الاقتصادية والمالية والإدارية والقضائية والإجتماعية بأسرع وقت
رابعاً: نحن حريصون على مشاركة الجميع في بناء الدولة، وحريصون على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، ‏وأقول لكم: بالنسبة إلينا، لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه ونحن من أبنائه.‏
هنا سوف أُركز على نقطة مهمة، نحن متحالفون مع حركة أمل، هذا التحالف تَعمد بالدم والتضحية ‏والعطاءات والمقاومة والمواجهة، لا تُفكروا أن تلعبوا بيننا، فإننا واحدٌ في الموقف وواحدٌ في الخيارات ‏وواحدٌ في السياسة، وسنبقى معاً إن شاء الله لِعزتنا وعزة لبنان وعزة الأمة إن شاء الله تعالى. نُؤمن بِدور ‏الجيش الكبير للدفاع عن السيادة والأمن. وللرؤوس الحامية أقول لهم: في الداخل اللبناني لا يوجد رابح ولا ‏يوجد خاسر، لأن النتائج كلها مرتبطة بإسرائيل، فلنتنافس لِخير البلد والناس، هذا أفضل لنا جميعاً.‏
أشكركم جميعاً، أشكر الشعب اللبناني، أشكر كل الوفود التي حضرت من الداخل والخارج، أشكر الإمام ‏الخامنئي (دام ظله) على لفتته الكريمة وكلمته والوفد الذي أرسله إلى هذا الحشد المُبارك، أشكر الجميع من ‏دون استثناء، لا أستطيع الآن أن أعد، لكن في الحقيقة كلكم أحبائنا، وكلكم من الشرف والكرامة في هذا ‏الحضور المهيب العظيم.‏
في أمان الله يا سيد حسن، في جوار الله مع صفيك والأنبياء والأئمة والشهداء، وإن شاء الله هذا اليوم ‏التاريخي سيجل، هذا يومٌ من أيام الله، هذا يومٌ من أيام الحسين يا حفيدي الحسين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.