سقوط الهواجس مسؤولية وطنية مشتركة من الجميع ..!

 

 


بقلم العميد منذر الايوبي*

لم يكن متوقعآ لدى معظم اللبنانيين ان يحمل بداية عام خامس من مئوية ثانية مفاجأتين من العيار الثقيل نقلتا البلاد من ضفة ثلاثة عقود حفلت ببدائع فساد وبراعة إفساد دون حاجة تعداد وتوصيف، الى أخرى قد يبنى عليها اسس دولة صلبة يُقَدُ صخرها من عدالة اجتماعية وسيادة وطنية ..! اسبوع او اقل استغرقت الاستفاقة على حلم نوعي تحقق بإنتخاب العماد جوزاف عون رئيسآ للجمهورية، فيما بدت الثانية دعامة الاولى بتكليف السفير نواف سلام تشكيل الحكومة الجديدة.. واذ داهمت الصدمة بتأثيرها سلبآ او ايجابآ التركيبة السياسية منذ الصباح، دخل واطئي رخام القصر بخفين خفيفين فيما آخرين تباطؤا علَّ توانٍ جاوز تثاقل يمنح ارتياحآ إن ساروا بعد دهشة بالركبِ او التحقوا…

ثم ان كانت اضطرابات القلق سوداوية مما خطر بالبال ووقع في القلب مشروعة في اللحظات المفصلية نتيجة رهاب سياسي صنو شك وحيرة فإن المشتركات الوطنية الجامعة تَغلُبُ، سند حسن النيات بالاعمال البينات.. ليتأكد الجمع من بداية مشوار التغيير ولتأتي كلمة الرئيس المكلف امام وسائل الاعلام في باحة القصر الجمهوري استكمالآ لخطاب القسم تزيل الكثير من همس خفي يُسمَّع ولا يُفهَّم ..

سياقآ؛ ربما اتى التكليف سريعآ ضمن موجة التغيير النوعي التي انهت الشغور الرئاسي، وما زاد المشهدية رهبة استمرار العدوان جنوبآ وتحولات الاقليم.. اذ اعتبر كثر من ساسة ومراقبين ان المرحلة الانتقالية حتى موعد الانتخابات النيابية القادمة ستكون لحكومة برئاسة نجيب ميقاتي وفق نظرية الانتقال الديموقراطي الهادئ بسلاسة مرحلية خشية تعميم اجواء كسر او انكسار من هذا الفريق او ذاك ..حيث لا يمكن تجاهل المثل في العجلة الندامة كما نقيضه خير البر عاجله، ليصح القول ان خير الامور اوسطها فيما مؤشر الوسطية هنا محرك حيوية يرتفع او ينخفض على مقياس المصلحة الوطنية العليا.. توازيآ بدا الاستغناء عن المرحلة الانتقالية شاهد قدرة الوطن على التعافي دون حاجة انعاش او لزوم نقاهة، على حوافز زخم معنوي متفائل اصاب الناس في وجدانها، كما ارادة انضواء الكل دون إبطاء تحت خيمة دولة حديثة عادلة قادرة حقة..!

من جهة اخرى؛ من الثابت ان لا نظام ديكتاتوري حكم او يحكم لبنان تم الانقلاب عليه، بل تغيير سياسي راقٍ ذو ارضية وطنية مشتركة عبدها اتفاق الطائف بالعيش المشترك والعدالة الاجتماعية والمساواة. من هذا المنطلق لا تحسس رؤوس ولا قطع اعناق، كما لا خيانة او التفاف على حفظ امانة، لكل فريق حرية خياراته السياسية سواءً اصاب ام اخطأ، فاللعبة الديمقراطية تأخذ مداها للمرة الاولى منذ عقود والحفاظ على توقدها واجب..

على امل متجدد ان تكون الاستشارات الغير ملزمة التي سيبدأها رئيس الحكومة المكلف نواف سلام وما يليها من تشكيل حكومة كفوءة فاعلة ثم نيل الثقة البرلمانية القفزة الاخيرة نحو سلوك درب النجاة والنهوض بالبلاد.. سقوط الهواجس مسؤولية مشتركة من الجميع قيادات ومسؤولين، ضمانها تركيبة وزارية مميزة في نوعيتها واداء رئيسها ما يكفل رعاية اجتماعية ومساواة في الحقوق والواجبات للشرائح الاجتماعية كافةً..

*عميد متقاعد، مختص في الشؤون الامنية والاستراتيجية