فلسفة النكتة في ثقافات الشعوب (4)

خاص “الدنيا نيوز” – دانيا يوسف *

 

مونولوجست الرئيس

كان الرئيس الراحل أنور السادات يحرص بشدة على لقاء شخصيات معينة في أوقات الأزمات السياسية الكبرى، ومن بين هؤلاء (المنولوجست) حمادة سلطان صاحب براءة اختراع 15 ألف نكتة، والرجل الوحيد الذي كان قادراً على إضحاك السادات في أحلك الظروف وكانوا يسمونه « صاروخ النكتة» لسرعة بديهته في «تأليف» النكتة الناقدة وكان السادات يدرك تماماً أن النكات التي يلقيها حمادة سلطان تعكس ما يدور في الشارع المصري من هموم وآراء شعبية حول كل القضايا بما في ذلك اتفاقية السلام التي أثارت ضجة متباينة عام 1977 مما دفع السادات بمطالبته بالتوجه له ليسمع منه النكات التي تم تأليفها عن هذه المبادرة.. فيضحك السادات بشدة !
افضل نكتة في العالم
أعلنت الرابطة البريطانية لتطوير العلوم عن أطرف نكتة في العالم بعد بحث علمي استغرق عاما من العمل الدؤوب.ففي مشروع وصف بأنه أكبر دراسة علمية عن الدعابة، طالبت الرابطة مستخدمي شبكة الإنترنت حول العالم بأن يبعثوا بنكاتهم المفضلة وأن يرتبوا النكات التي يبعث بها الآخرون حسب درجة طرافتها. ووصل إلى الرابطة البريطانية أكثر من 40 ألف نكتة وردت من 70 دولة وأكثر من مليوني تعليق، وفازت النكتة التالية:
“كان صيادان في الغابة ووقع أحدهما فاقدا للوعي وتوقف تنفسه وجحظت عيناه. فاتصل زميله بالنجدة وقال لاهثا للموظف الذي رد عليه.. صديقي مات ماذا يمكنني أن أفعل. ورد عليه الموظف في هدوء.. فلتهدأ.. أولا تأكد أنه مات بالفعل. وساد الصمت للحظة ثم صوت طلقة قبل أن يعود الصياد إلى هاتفه ليقول الآن تأكد موته.. ماذا أفعل الآن ! ”
الإعرابي والياً
ومما يروى عن النكتة في عهد ” الحجاج بن يوسف الثقفي ” حين كان واليًا للعراق أنه ولّى أعرابيًا على بعض النواحي النائية مدة طويلة بعيدًا عن أهله ودياره، وذات يوم مر به ضيف من بلده فاستضافه وقدم له الطعام، وراح يسأله عن أهله والرجل منهمك في تناول الطعام… كيف حال ابني عمير ؟ على ما تحب .. قد ملأ الأرض رجالاً ونساء. فما فعلت أم عمير ؟ صالحة أيضًا . فما حال الدار ؟ عامرة بأهلها . وكلبنا إيقاع ؟ قد ملأ الحي نبحًا . فما حال جملي زريق ؟ على ما يسرك . وبعد أن اطمأن والي الحجاج من الضيف العابر على ما يهمه من أمر أهله وولده وداره مال إلى خادمه يأمره برفع الطعام، ولم يكن الإعرابي قد شبع ولكن الوالي اشتاق إلى سماع المزيد من أخبار أهله فراح يسأل ضيفه : يا مبارك الناصية .. أعد على ما ذكرت .سل ما بدا لك .فما حال كلبي إيقاع ؟ مات . وما الذي أماته ؟ اختنق بعظمة من عظام جملك زريق فمات . أو مات جملي زريق ؟ نعم . وما الذي أماته ؟ كثرة حمل الماء إلى قبر أم عمير . أو ماتت أم عمير ؟ نعم . وما الذي أماتها ؟ كثرة بكائها على عمير. أو مات عمير ؟ نعم. وما الذي أماته ؟سقطت عليه الدار . أو سقطت الدار ؟ نعم . عند ذلك قام والي الحجاج المنكوب – في كل من سأل عنهم – وأشهر عصاه ليضرب بها الضيف .. الذي ولَّى هاربًا .
نكتة من خروشوف
الزعيم السوفياتي خروشوف كان بارعاً في النكتة، وفي زيارته الى أميركا، قال له الرئيس كيندي متباهياً: نحن بلد ديمقراطيّ، إذ يستطيع أيّ مواطن أميركي أن يقف أمام البيت الأبيض ويصرخ: كيندي غبيّ! ولن نفعل له شيئاً.فأجاب خروشوف: ونحن كذلك فبإمكان أيّ مواطن سوفياتي أن يقف أمام الكرملين ويصرخ: كيندي غبيّ من دون خوف!
حافظ ابراهيم وهذه النكتة
الشاعر حافظ إبراهيم كان من ظرفاء مصر، زاره في حديقة منزله أحد أصدقائه، وكان حافظ يرتدي لباساً أسود كاملاً، من الجلباب الى العباءة إلى غطاء الرأس ـ والأسود الكامل هو لباس المصريات المتقدّمات في السنّ ـ فقال الصديقُ مداعباً الشاعر الكبير: تدري يا حافظ؟ أنا من بعيد افتكرتك واحدة ست؟ فيجيبه حافظ على البديهة: أي والله لقد ضعف بصرنا، حتى أنني من بعيد افتكرتك.. راجل!
النكتة والشيخوخة
أظهرت دراسة أمريكية أن فقدان حس النكتة هي ظاهرة مرضية، قد تصيب كبار السن أسوة بسائر عوارض الشيخوخة مثل تراجع التركيز وقصور الذاكرة والوعي. وأكدت الدراسة التي أجرتها مجموعة طبية من معهد جامعة واشنطن أن قدرة كبار السن على تلمس النكات والتلميحات الطريفة تتراجع بسبب الخلل الذي يصيب مراكز الحكم المنطقي في أدمغتهم. واعتمدت الدراسة التي نشرتها مجلة المجمع الدولي لأمراض الأعصاب، على قرابة 40 عجوزاً أصحاء البنية، تفوق أعمارهم 65 عاماً، حيث طلب منهم إكمال مجموعة من القصص والتعليقات بصورة طريفة.كما توجّب عليهم اختيار الوصف الصحيح لعدد من النكات ووضع صور مضحكة لقصص كرتون وفقاً لأسوشيتد برس.وبالمقارنة مع نتائج الراشدين الأصغر سناً، قال بروفسور الأعصاب، براين كاربنتر، الذي أشرف على الدراسة، إن البالغين الأصغر سناً تمكنوا من إطلاق جمل مضحكة أكثر بمعدل ستة في المائة من كبار السن، كما نجحوا بوضع تعليقات أكثر طرافة بمعدل 14 في المائة على صور الكرتون.وأوضح كاربنتر هدف الدراسة بالقول: «نحن لا نبحث فيما يراه الناس طريفاً ، نحن ندرس مدى قابلية الأشخاص للتمتع بحس النكتة فهناك آليات علمية لفهم كيفية تلقى الناس للدعابة، ويبدو أن قدرة كبار السن على التعامل مع الأمور الطريفة يتراجع بسبب الخلل الذي يصيب مراكز الحكم المنطقي في أدمغتهم، لذلك تراهم يواجهون المصاعب لفهم مدلول النكتة.واستخدم الطاقم الطبي العامل على الدراسة اختبارات خاصة لحس النكتة موضوعة منذ العام 1983 وقد سبق استخدامها في الكثير من الاختبارات الطبية الموثقة.

——————————-

* رئيسة القسم الثقافي في موقع “الدنيا نيوز”.