ليس من قبيل المبالغة القول بان الصين ابهرت العالم بالفعل عقب اعلانها اختراع الواح شمسية جديدة تنتج مقدارا هائلاً من الطاقة وبسعر ارخص، وذلك ما كان ينتظره مئات الملايين حول العالم. وتستعمل خلايا البيروفسكايت الشمسية نوعًا خاصًا من المركبات لامتصاص الضوء وتتميز بكفاءتها العالية وتكلفتها المنخفضة وتأثيرها البيئي الضئيل، ويعمل العلماء في جميع أنحاء العالم على هذه التكنولوجيا لأكثر من عقد.
فريق العلماء استعمل بنية خلايا شمسية ذات طبقات لتحقيق معدلات تحويل أعلى للطاقة، وطوّر باحثون صينيون، منجامعة نانجينغ، نوعًا جديدًا من خلايا البيروفسكايت الشمسية، وهي نوع من أجهزة الأغشية الرقيقة التي تستعمل نوعًا خاصًا من المركبات لامتصاص الضوء.وتتميز هذه الخلايا بكفاءة أكبر، وبقدرتها على إنتاج كميات كبيرة منالكهرباء بنصف كلفة خلايا السيليكون التقليدية.
وسُمِّيت خلايا البيروفسكايت الشمسية باسْم معدن يتمتع بنوع معين من بنية الخلية البلورية، وفق ما نشرته صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” الصينية (scmp) في حزيران /يونيو الماضي .
وتُعدّ خلايا البيروفسكايت الشمسية إحدى أكثر التقنيات الواعدة للحصول على طاقة شمسية فعالة وبأسعار معقولة، نظرًا لكفاءتها العالية وكلفتها المنخفضة وتأثيرها البيئي الضئيل.
ارتفاع كفاءة تحويل الطاقة
يعمل العلماء في جميع أنحاء العالم على تطوير تكنولوجيا خلايا البيروفسكايت الشمسية لأكثر من عقد، وفي غضون سنوات قليلة فقط، ارتفعت كفاءة تحويل الطاقة (بي سي إي) لخلايا البيروفسكايت من 3.8 إلى أكثر من 25%.في أحدث تقدّم، استعمل فريق من جامعة نانجينغ الصينية، بقيادة البروفيسور تان هيرن، بنية خلايا شمسية ذات طبقات لتحقيق معدلات تحويل أعلى للطاقة، وكان الفريق يدرس هذه التكنولوجيا على نطاق واسع.
وقد حققت خلايا البيروفسكايت الشمسية ذات المساحة الصغيرة كفاءة تحويل بنسبة 28% في حزيران الماضي / يوميو الماضي واعتُمِدَت لدى جداول كفاءة الخلايا الشمسية المعتمدة دوليًا، متجاوزةً خلايا السيليكون التقليدية لأول مرة.وقد تحسنتالنتائج الأخيرة التي توصّلوا إليها، ونشرتها مجلة نيتشر، وخضعت لمراجعة الأقران، إذ بلغت كفاءة خلايا البيروفسكايت الشمسية 29%.
مزايا خلايا البيروفسكايت الشمسية
يعمل فريق العلماء لدى جامعة نانجينغ الصينية على تطوير خلايا شمسية ذات طبقة عُليا تمتص أشعة الشمس قصيرةالموجة وطبقة سفلى تمتصّ الموجات الطويلة لتحسين الاستعمال العام للضوء.
وتربط طبقة وسطى هاتين الطبقتين، والمفتاح لتحسين الأداء هو تعزيز كفاءة تحويل الطاقة للطبقة السفلية وتطويرطبقة عالية الأداء لتوصيل الطبقتين العليا والسفلى، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.في الدراسةالأخيرة.وذكر رئيس فريق الباحثين لدى جامعة نانجينغ الصينية، البروفيسور تان هيرن، أنه وجد طريقة لتحسين الموادللطبقة الرابطة لجعلها مناسبة للمعالجة منخفضة التكلفة على نطاق واسع.
واستعمل الباحثون محلول التكييف الفراغي لتحسين كفاءة شريط البيروفسكايت في الطبقة السفلى عن طريق تقليلالعيوب وتحسين قدرته على استخراج الإلكترونات.قال أحد المراجعين لدى مجلة نيتشر: “تُظهر هذه الورقة البحثيةنتيجة بنّاءة جدًا في هذا المجال من حيث إنها لا تُظهر فقط أداءً ممتازًا للطاقة الكهروضوئية على أفضل ترادف لجميعالبيروفسكايت في العالم، بل تقدِّم أيضًا نهجًا جديدًا”.وتتمتع هذه الخلايا الشمسية بعمر افتراضي كافٍ، إذ أشارالبروفيسور تان هيرن في البحث: “يحتفظ الجهاز بأكثر من 90% من أدائه الأوّلي بعد 600 ساعة من التشغيل المتواصل تحت إضاءة تحاكي أشعة الشمس”.
في العام الماضي، أقرّت وزارة العلوم والتكنولوجيا الصينية عمل الفريق بصفته واحدًا من أفضل 10 تطورات علمية فيالصين من قبل بسبب إمكانات التكنولوجيا في مجال الطاقة النظيفة، وفق ما نشرته صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست الصينية (scmp) .
وفي مقابلة مع وسائل الإعلام الحكومية، قال تان: “المواد الخام لصنع خلايا البيروفسكايت رخيصة ووفيرة، ما يجعل تكاليف إنتاج هذه الخلايا واحدة من 20 خلايا السيليكون التقليدية، علاوة على ذلك، فهي أسهل في الإنتاج، ويمكن تصنيعها في مصنع واحد”.وأضاف: “حتى مع إضافة عناصر أخرى، فإن التكلفة الإجمالية للإنتاج هي –فقط– نصف تكلفة خلايا السيليكون التقليدية”.بالإضافة إلى وظائفهم الأكاديمية، يشارك تان وفريقه في تسويق التكنولوجياالخاصة بهم، وأنشؤوا شركة ناشئة تسمى رينشاين سولار Solar لتحقيق هذه الغاية. وقد صممت الشركة خلايا البيروفسكايت الشمسية لاستعمالها في بناء أسقف أو جدران، أو لتركيبها في السيارات الكهربائية لتحسين مداها.
نظرًا لأنها مصممة لتوليد الكهرباء في ظروف الإضاءة المنخفضة، يمكن استعمالها لشحن الهواتف أو أجهزة الحاسوب المحمولة.ووقّع الباحثون، هذا العام، اتفاقية مشروع صناعي مع حكومة مدينة تشانغشو في مقاطعة جيانغسوالصينية، وأنشؤوا خط إنتاج يهدف إلى تحقيق قدرة 150 ميغاواط بحلول سبتمبر/أيلول.
كفاءة الخلايا الشمسية
تمثّل كفاءة تحويل الجهد الكهربائي للخلايا الشمسية المصنوعة من السيليكون البلوري المهيمنة على السوق العالميةمن 20-22%، وفقًا لما نشرته منصة الطاقة المتخصصة، في نيسان/ ابريل الماضي.
وتأتي الخلايا الشمسية الترادفية التي تجمع بين خلايا السيليكون والبيروفسكايت بديلًا واعدًا للغاية وعالي الأداء وقابلًا التطبيق على نطاق واسع للخلايا الشمسية البلورية التقليدية.
وتعدّ “كاوست” الطاقة من مجالات البحث الإستراتيجية، التي توليها أولوية قصوى لتطوير أبحاث الخلايا الشمسية من خلال مركزها للطاقة الشمسية الذي يضم مختبر الطاقة الكهروضوئية.ويعدّ الابتكار طفرة كبيرة في مجال الطاقة الشمسية في وقت تُقدِّر فيه التوقعات أن تبلغ حصة خلايا البيروفسكايت الشمسية والسيليكون الترادفية في السوق العالمية للخلايا الشمسية أكثر من 10 مليارات دولار بحلول عام 2032.”