قرار الاتحاد الاوروبي بشأن النازحين السوريين طعن في لبنان الرسالة..!
بقلم العميد مُنذِر الايوبي*
لم يتوان البرلمان الاوروبي عن اطلاق رصاصة من النوع المتفجر تقضي بإبقاء النازحين السوريين في لبنان، مستغلا الوقت الضائع لجمهورية تبحث عن رئيس مفقود. واذ توالت كما اجمعت ردود الفعل الداخلية المستنكرة للقرار لما يشكّل من مخاطر على الاستقرار النسبي الديموغرافي والانقاذ الاقتصادي المالي رغم توهم؛ كما على تثقيل العبء الامني الملقى على عاتق الجيش والاجهزة الامنية، ثَبُت تخاذل اوروبي مرتكز على خلفية تهرب من مسؤوليات وحماية مصالح، حد تواطؤ مؤيد في خفاء من داخل مؤامرة واضحة المعالم مدفوعة الثمن ..!
تاليآ، قد يعتبر الاتحاد الاوروبي ان النازحين بطاقة حمراء ترفع بوجه النظام السوري تتماهى مع قانون قيصر الاميركي 2019 “القاضي بفرضِ عقوبات على الكيانات والاشخاص المتعاملين مع الحكومة السورية ووكالاتها العسكرية والاستخبارية”.. الا ان الحقيقة عارية تمامآ وان موهت بغطاء الانسانية تتمثل بخشية من موجات النزوح الى دول القارة العجوز.. هنا الخطيئة مزدوجة اعتداء على السيادة اللبنانية دون رادع ووازع، تحول البلد من ارض استضافة مؤقتة الى ارض لجوء دائم، اهله الضحايا لا النظام الذي وطد جذوره مجددآ اعتمادآ معتادآ على سلاح الوقت وتبدل الظروف، عودة محمودة متوقعة لا مفر منها عضوا في الجامعة العربية ترافقآ مع اعادة الاطقم الديبلوماسية للسفارات العربية اليها..
استكمالآ؛ رغم ان القرار احتل واجهة الاهتمام السياسي والحزبي، رفض في شبه اجماع لافت نظرآ لتداعياته الخطيرة، بقي رد فعل الحكومة والبرلمان خجولآ مؤلمآ، صمت مريب الى حد ما مع تقاعس عن اية خطوات جدية ليس اقلها انعقاد مجلس النواب اللبناني ومجلس الوزراء كل ضمن اختصاصه لاصدار قانون او اعلان قرار بإجماع استقباح الإفتراء الأوروبي،، توازيآ مع زيارة عاجلة الى سورية لرئيس حكومة تصريف الاعمال يرافقه وفد وزاري جدي مختص للاتفاق على المعالجات الناجعة. بالتزامن مع رفع شكوى الى مجلس الامن الدولي هدف استصدار قرار يمنع محاولات الدمج المشبوهة لاكثر من مليوني نازح، واقرار خارطة طريق زمنية تقنية تضمن عودتهم الامنة واللا طوعية الى بلادهم؛ وذلك لاقدام الاتحاد الاوروبي التعدي على السيادة الوطنية والتدخل في الشؤون الداخلية، بالتالي العبث في التركيبة المجتمعية والتعددية اللبنانية..!
في نظرية المؤامرة ادلة التنفيذ، ما يجري اعداده وما تم اقراره حتى الان امر خطير ومخطط مشبوه منتهاه تشويه واختراق الصيغة الوطنية تسريع انزلاق بالنار نحو مواجهات مسلحة في القرى والبلدات بين الاهالي ومجموعات النازحين السوريين المتنوعي الانتماء “عملاء استخبارات اقليمية ودولية؛ خلايا داعشية نائمة متطرفة او اصولية؛ مرتزقة مأجورين تحدد مهامهم التخريبية عند الطلب الخ..”، شبه حرب اهلية تفرض تنازلات سياسية وهب هويات قاتلة نتاج مؤتمرات تسكين وتهدئة، محطات متكررة لوطن على درب الالام يحيا..!
من جهة اخرى؛ اتى اللقاء الخماسي الدولي في العاصمة القطرية “الولايات المتحدة، فرنسا، مصر، قطر، المملكة العربية السعودية” من حيث الشكل حاجة استمرارية مبادرة او حراك، لكن البيان الختامي في مضمونه ليس الا وجهآ آخر لبعض بنود بيان الاتحاد الاوروبي الاخير..! واذ مُنِح جان إيف لودريان تفويضآ من الدول الخمس لمتابعة سعي الى حلول ترتكز على حوار وطني بين اطراف في صفاتها دون تعميم جحودة مصلحية مرتهنة فتعويضٌ بَعدَ لأيٍ عن سقوط المبادرة الفرنسية بالضربة القاضية لا اكثر ولا اقل..
في السياق؛ ثبت ان التفرد الفرنسي بايجاد مخرج للانسداد الرئاسي ماحِلٌ، ولو اعتمد تنسيقآ خجولآ باردآ مع الدول الخمس المعنية.. لم تعد الفاجعة خلاف على شخص رئيس وتباين كما مفاضلة في مواصفات، بل قضية كيان مأزوم ذو دستور مثقوب ومؤسسات شبه سرادق عزاء متوارثة..!
في وضع النقاط على الحروف مع استبعاد الفواصل:
-أنّ ما ادرج في بيان الاتحاد الاوروبي وما اعلن من شروط اممية لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، غير قابلة التحقق او تكاد.. كما ان التحايل والمراوغة لعدم تلبية القرار اللبناني تسليم داتا النزوح الى الدولة اللبنانية وضاعة تعامل خارج الاصول الديبلوماسية وفصل من فصول المؤامرة..!
-ان استمرار المنظمات الدولية دفع المساعدات المالية للنازحين المتواجدين على الاراضي اللبنانية رغم ان دعمهم المادي في سوريا امر ممكن منطقي وشرعي يساهم في عودتهم، لهو توطين غير مباشر بتشجيع، شبه احتلال مقنع..!
-ان التنسيق الحكومي الرفيع مع الدولة السورية امر استراتيجي حيوي وضروري ملح لكلا البلدين الجارين، يفترض ان يتوازى مع حوار مباشر بين الحكومة اللبنانية والاتحاد الاوروبي هدف حل ازمة النزوح بكل تفهم للابعاد والانعكاسات الآنية والمترتبات المستقبلية…!
– ان اجتماع رباعي الصف الاول المحلي من المرجعيات “المسيحية؛ الشيعية؛ السنية؛ الدرزية” السياسية منها او الدينية ضرورة مركزية ومصلحة وطنية عليا لاعلان رفض ما يجري بالخط العريض، اذ ان القضية اخطر بكثير من انتخاب رئيس او اطلاق اصلاح، إنها دفن وَطَن..
خِتامَآ؛ ان تغيير وجه لبنان بكل ابعاده “الديموغرافية، الثقافية الخ..” عبر محاولة دمج النازحين السوريين مع شرائح المجتمع اللبناني هو كارثة حضارية تفوق في العواقب والنتائج لا بل تتفوق على اي من نوائب الانسانية..! انها تمثل بعدوانيتها وعنصريتها انتهاكآ اخلاقيآ لحرمة رسولية “وصية البابا يوحنا بولس الثاني “لبنان الرسالة”؛ موئل القيم الروحية والعيش المشترك؛ وطن الفرادة والتنوع حيث حريته قدس اقداسه..!
—————————
بيروت في 19.07.2023