انضمام فنلندا والسويد الى الحلف الاطلسي سيغير العالم..!
بقلم العميد منذر الايوبي
على نقطة تقاطع مشتركة بين روسيا وتركيا سجلت الدولتان تحفظهما الواضح لجهة انضمام كل من فنلندا والسويد الى حلف شمال الاطلسي NATO وان اختلفت الاسباب والنتائج لدى كل منهما.. في نفس السياق بدا تحفظ الكرملين ضمن اطار الموقف السياسي المبدأي، حيث أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاحقآ إلى أن انضمام كلاهما للناتو “لا يشكل تهديداً مباشراً لروسيا” وفي نفس الوقت توعد بردٍّ حازم في حال “توسيع البنية التحتية العسكرية النوعية للناتو ..!
بالتزامن، وازاء التحديات التي تواجهها موسكو على المسرح الاوروبي فإن بولندا باتت تشكل التهديد الاهم على خلفية انغماسها بشكل مباشر في دعم اوكرانيا. اذ عبرت بولندا عن خشيتها من الغزو الروسي، كما شجعت فرض مزيد من العقوبات الاميركية والاوروبية على الاشخاص والكيانات الروسية، مشرعة حدودها امام اللاجئين الاوكرانيين، مقدمة التسهيلات اللوجستية ومسهلة عبور السلاح والعتاد عبر حدودها، اضافة الى اعلانها عدم الممانعة في نشر اسلحة نووية على اراضيها؛ مما اثار حفيظة موسكو إزاء سلوكها العدواني، مدرجة (بولندا) على لائحة الاهداف الاساسية الإستراتيجية والجيو عسكرية لا بل في مقدمتها..
من جهة اخرى؛ يبدو الرفض التركي لضم فنلندا والسويد الى عضوية حلف الناتو نوعآ من فيتو مرحلي، امر لا نهائي قابل للنقاش والمساومة ضمن مدى زمني معقول، ما يسمح بفتح باب المفاوضات بين الحلف الاطلسي وواشنطن في آن. واذ يتهم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان السويد انها “حاضنة للتنظيمات الارهابية مثل حزب العمال الكردستاني” فهو يعتبر ايضآ ان بلاده “لا يمكنها قبول دول تدعم الإرهاب في الحلف”، في اشارة الى رفض السويد تسليم ارهابيين من معارضي النظام لديها مع وقف مبيعات الاسلحة وفرضها عقوبات على تركيا..
كما انه من الوجهة الاستراتيجية يعتبر ايضآ “توسع الناتو مهم بذات القدر الذي تقابَل فيه حساسياتنا باحترام” على هذه النقطة المفصلية سارع البلدان الى تشكيل وفد دبلوماسي بهدف زيارة انقرة في اشارة ايجابية قابلة للاستثمار قد تدفع باتجاه التفاوض والحوار بين الجانبين..!
في سياق متصل؛ من الواضح ان الغزو الروسي لاوكرانيا بات حربآ مفتوحة دون اي مدى زمني، يخضع لغرفة عمليات الكرملين في تحديد الاهداف وتنفيذ عملية القضم العسكري التدريجي،.. واذ يعتبر الغرب امداد اوكرانيا بالسلاح والعتاد حاجة قرار المواجهة المستمرة استنزافآ لموسكو وقدراتها؛ فان الرئيس بوتين ينظر الى العملية العسكرية ايضآ وتورط الغرب والحلف الاطلسي في الصراع ولو بشكل غير مباشر اداة نزف اقتصادي وعسكري مستمر..!
تاليآ، الرهان بعيد عن الاوهام، ففي ظل العقوبات الاقتصادية والمالية القاسية من جهة واقفال حنفيات الغاز الروسي وامدادات الطاقة عن اوروبا من جهة ثانية، باتت المواجهة اسيرة انتظار من يتألم ويصرخ اولآ في كباش لي الاذرع، اذ سيخضع وينكفئ الى فترة طويلة، وهذا ما لن يسقط في حفرته قيصر الكرملين، طالما ان غواصاته الضاربة تجوب المحيطات الثلاث وصوامع الصواريخ النووية في الشمال القطبي جاهزة لإذابة الجليد وإنهاء اللعبة Game Over..!
الرقعة الاوروبية مسرح المواجهة، حبلى بمفاجآت كما توقعات سقوط البيادق سواء في حضن الناتو او في دائرة القلق والخشية من التمدد الروسي.. ومما لا شك فيه ان العملية العسكرية دفعت نحو انهيارات متتالية وارباكات في البنية الامنية والعسكرية الاوروبية والتموضعات الجيوسياسية اضافة الى تحديات قضايا الامن الغذائي والتضخم المتصاعد، كما ان الهرولة نحو الناتو تحول مأزقآ اضافيآ للاتحاد الاوروبي يحاول إبطاءه..!
أخيرآ؛ ان اعلان مجموعة السبع التي تضم “الولايات المتحدة الاميركية، المانيا، فرنسا، كندا، بريطانيا، ايطاليا” رفضها الاعتراف بالحدود التي تسعى موسكو لتغييرها من خلال حربها على كييف، يؤكد ارتسام خارطة مستقبلية جديدة بخطوط محددة لا قدرة على وقفها من المعسكر الاول ولا تجاوزها من الثاني..! في تصريح صحفي لنائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ورد ما مضمونه: “ان انضمام فنلندا والسويد الى الناتو سيكون خطأ بعواقب بعيدة المدى وستغير العالم” واللبيب من الاشارة يفهم..!
———————
بيروت في 10.06.2022