الأخوَّة والإنسانية في الاسلام…
بقلم : د. معراج أحمد معراج الندوي*
الإنسان هو قبضة من طين الأرض ونفحة من نور الله، تتمثل فيها أشراقه الروح الصافية وقوة الوعي المدركة وقوة النفس المريدة. لقد وهب الله للإنسان مكانة سامقة وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا. أراد الله أن تكون إنسانيته جميلة قوية كخلقه المركب في أجمل صوره وأحسن تقويمه.
اعتبر القرآن الاختلاف حقيقة إنسانية وحاجة طبيعية لا يمكن قمعها. وعلى هذا الأساس خلق الله البشر في ألسن وثقافات وجنسيات مختلفة. إن خلق الإنسان من نفس واحده وخلق زوجته أمنا حواء منه ثم خلق منهما رجالا كثيره ونساء ومنهم تكونت شعوب وقبائل عديده متنوعه في شكلهاوفى ثقافتها ولونها ولغتها وتاريخها وعاداتها لايه عظيمه منآيات الله التى تدل على قدرته وحكمته فى الخلق.
إن الوجود البشري المتنوع في أعراقه وألوانه ولغاته وثقافاته، يرجع إلى أصل واحد، كما يؤكد على ذلك القرآن الكريم، وفي الشعوب والقبائل هناك تعددية تثم التمايز الذي يدعو القرآن إلى توظيفه في إقامة علاقات التعارف بين الفرقاء المتماييزين.
الإسلام يتصور الحياة بوحدة إنسانية غايتها التعارف والتعاون بين الجميع، ولا يتصورها صراعا بين الطبقات، ولا حربا بين الشعوب، ولا عداوة بين الطبقات، ثم يخطو الإسلام خطوات كبيرة لتحقيق هذا الهدف النبيل بتقربه لحقوق الإنسان وبتمسكه بالآداب النفسية والقيم الاجتماعية وتوجيهاته لبناء مجتمع ينمو فيه الحب والتعاطف والتعاون وتشريعاته لضمان الأمن والسلام في الحياة البشرية.
الوحدة هي التي تربط بين المجتمع البشري رغم كل اختلاف وتنوع بسبب دينه وشكله ولونه. تكونت فكرة الوحدة والسلام في الإسلام وترسخت به لتصبح فكرة أصيلة وعميقة. تشمل جميع جوانبه سواءا في الكون الإنسان والوجود والطبيعة بحيث تجتمع عقيدة وتشريعاته وتوجيهاته ومبائه ونظمه إلى السلام والأمن.
يدعو الإسلام إلى الوحدة الكبرى في هذا العالم المختلف أنواعه وأشكاله وأساليبه. تبدأ خطوات الإسلام لترسيخ السلام من سلام الفرد إلى سلام الأسرة، وإلى سلام المجتمع وإلى سلام العالم في نهاية المطاف. يشتمل تعاليم الإسلام على أنظمة وأساليب متميزة لتوطيد علاقة الفرد بالفرد، وعلاقات الأفراد بالجماعة، وعلاقة الأفراد بالحكومة وعلاقات الدول بالدول الأخرى.
أما مبادئ الإسلام للإنسانية تقوم على العدل والمساواة والحرية، وضمانات الحياة القانونية والمعيشة، ومنع البغى وإزالة الظلم والعدوان، وتحقيق التوازن الاجتماعي والتكافل والتعاونوإزالة أسباب الخصام والنزاع بين الأفراد وبين الجماعات، ومنع التمييز حسب اختلافهم في الأجناس والطبقات والألوان والأماكن.
وبعد ما أن سكب في ضمير الفرد الأمن والسلام يحاول الإسلام بناء المجتمع في ضمائر الأفراد وأعماقهم، ولتحقيق هذه الغاية يأخذ المسلمين بالآداب النفسية والآداب الاجتماعية على نشر إشاعة المودة والمحبة في النفوس والقلوب.
يدعو الإسلام إلى إشاعة الكلمة الطيبة بين الناس كما يدعو إلى افشاء السلام في مكل مكان ولكل إنسان. ويمنع الإسلام عن الأعمال التي تثير الأحقاد وتورث الضغائن في النفوس.لعب الإسلام دورًا عظيمًا في تطوير الإنسانية، ونتيجة لذلك ولج التاريخ الإنساني عصرًا جديدًا من التقدم والتطور. وقد آن الأوان اليوم لكي يلعب الإسلام دورًا عظيمًافي البناء القيم الإنسانية ويقود التاريخ الإنساني مرة أخرى إلى عصر جديد من التقدم في الأخوة والمحبة والسلام والمساواة التي تسمو الإنسان وترفعه إلى مستوى بناء حياة يسودها الحب والخير والعدل.
———————————-
*استاذ مساعد، قسم اللغة العربية وآدابها
جامعة عالية ، كولكاتا – الهند