الجمهورية الثالثة …
بِقَلَم ألعَميد مُنذِر ألأيوبي *
في جَديَة قرار قيادة ألجيش اللبناني بداية ألأسبوع ألحالي تنفيذ مهام فتح ألطرقات و إزالة ألعوائق ومتابعة عملية مَنع ألأقفال تكرارآ تلافيآ لِكَرٍ و فَرٍ مع ألمتظاهرين بما يضمن تسهيل عبور ألمواطنين من منطقة إلى أخرى ومن منزل إلى عمل لأمرٌ حميد مشكور وهو واجب ..!
في نفس ألسياق رُغم حساسية ألمهمة وحراجة ألموقف سُجِل في أداء ألجنود و ضباطهم دقة في ألتعاطي ألسَلِس مترادفآ مع معالجة حكيمة بعيدة عن تشنج مع إلتزام إنضباط مشهود أمام جبهة شبابية تضم مواطنين مُتظاهرين سلميين و محتجين مَلدوغين من سموم طبقة حكم سلطوي يحتضن إدارات فاسدة تسلط على أرزاق ألعباد و أموال ألبلاد على مدى عقود في إجترارٍ آلي “بيوسياسي” BioPolitic (إصطلاح شخصي) يَنضحُ منه ما يندى له ألجبين جهارآ نهارآ ، نظام حكم ملتحفٍ رداءً ممزقآ من ديمقراطية عاقرة متجلببآ عباءة طائفية خادعة و معتمرآ قبعة إخفاء إقطاعية “مستنقعية” ذات ولاءات بائدة ..!
من جهة أخرى ؛ حَسنآ فَعل ألحراك بإنكفاءه عن تسكير ألطرقات و إبعاد قطاع ألطرق أو ألمحبذين لذلك و ألإكتفاء بالتجمعات وألاعتصامات في ألساحات ألتي أصبحت أماكن إقاماتهم و لجوئهم إلى إستِخدام ورقة الاعتصام أمام الدوائر الحكومية والمؤسسات في خطوة تؤيدها العامة دون تردد ..
من هذه ألمنطلقات ورغم أن الكيان اللبناني على مر تاريخه الحديث تعرض لهزات و حروب أهلية أنتجت في آخر ما سجل من محطات سياسية مفصلية إتفاق ألطائف إلا أنه بقي و لأسباب شتى داخلية وخارجية قاصرآ عن ألإنتقال بالدولة ومؤسساتها إلى مرحلة ألحداثة و ألدَولَة ألمدنية ..!
إستطرادآ ، لا شك أن ألساحة اللبنانية معقدة بتشعباتها وارتباطاتها و دهاليزها وخفايا طبقتها ألحاكمة لكن من ألمحال تبرير إستشراء الفساد و هدر المال العام وتقاسم المغانم وتعميم ألفضائح مع تعدد ألإرتباطات ألخارجية وألولاءات ؛ على هذا ألأساس فإن مطلب إستعادة ألأموال المنهوبة أمر أساسي لدى ألحراك لن يقبل بألتساهل فيه أو ألتنازل عنه إضافةً إلى محاسبة ألمتورطين ألأمر ألذي يستوجب لاحقآ تشكيل هيئة قضائية مستقلة مَشهود لأعضائها بألنزاهة وألكفاءة ونظافة ألكف تعمل بفعالية وضمن مهلة زمنية مُحددة على إقفال هذا الملف وإسترداد ما نُهِبَ وأُهدِر بما يعيد ألثقة المفقودة بين الشعب و دولته ..!
تاليآ إن إستعادة هذه ألثقة بين ألسلطة و مواطنيها ومن منطلق ألواجب ألوطني ألصَرف يفرض ضرورة ألإسراع في تشكيل حكومة إنتقالية مع منحها صلاحيات إستثنائية لإصدار مراسيم تشريعية تضم إختصاصيين بعيدين عن أية قيود سياسية أو تبعية حزبية أو إقطاعية مُحَصن أعضاؤها ليس بألقانون فقط بل بأخلاقيات لطالما إفتقدناها يَتولون الوزارات ألتي تُعنى بشؤون المواطنين ومعيشتهم واقتصادهم وطبابتهم ..إلخ بألتزامن مع إطلاق أصلاحات بنيوية في النظام و تجديده عبر تعديلات دستورية و قانون انتخابات جديد عصري يؤدي إلى ممارسة ديمقراطية حقة و يؤمن عدالة التمثيل ..!
تجدر ألإشارة وألتنويه إلى أننا اليوم لسنا إزاء لحظة عابرة من تاريخ لبنان ألحديث بل نحن أمام محطة مفصلية بكل ما للكلمة من معنى ، لحظة تاريخية ما قبلها ليس كما بعدها .. إذ أسقطت هذه ألثورة كل طرح فدرالي مُقَنع أو تقسيمي مُعلَن إلى ألأبد ؛ كما أثبتت أخيرآ بعد طول إنتظار ان لا شعوب لبنانية على ما رَوَج او اعتقد مراقبين ومحللين سياسيين كُثُر ذوي باع ؛ بل أن هنالك شعبآ لبنانيآ واحدآ عابرآ للطوائف و الأحزاب وألمناطق وألإنتماءات لا يُشرى ولا يُباع ..!
توازيآ ، لا يُمكن تجاهل أن لبنان هو ألبَلد ألديمقراطي ألبرلماني ألأعرق في هذا ألشرق ألعربي بِغَض ألنَظَر عن كثير من ألشوائب ألمرتبطة بخصوصيات متعددة في تركيبته ألإجتماعية و ألمذهبية ؛ و بألرغم من محاولات متعددة لإجهاض ألحراك – ألثورة أو ألإنتفاضة و ضربها عبر أفخاخ و مصيدات سياسية و طائفية أو حزبية أو ميدانية أمنية تؤدي إلى فتنة داخلية لا قدر الله ؛ فإن ألشَعب أللبناني يقرع باب ألجمهورية ألثالثة عن قناعةٍ و إصرار في ظل ضمانة ألوطن ألمؤسسة ألعسكرية .. حمى الله لبنان ..!