“الدنيا نيوز” – دانيا يوسف*
ظاهرة الألقاب الغريبة موجودة في كل العالم، وترتبط أحيانا بلاعبين من الصف الأول. وخلف كل لقب هناك قصة مختلفة، نتعرف اليوم على الأسباب التي دفعت الصحافة والجمهور لتلقيب لاعبين بالأنبوبة والبرغوث والحمار.
الأنبوبة: هيجواين
بالطبع أنت تعرف أن لقب المهاجم الأرجنتيني جونزالو هيجواين هو البيبيتا- El Pipita، لكن هل تساءلت يوما ماذا يعني هذا اللقب؟ حسنًا، استعد للمفاجأة، هذه كلمة إسبانية تعني الأنبوبة الصغيرة. نعم، ما قرأته كان صحيحا، فما دخل جونزالو بالأنابيب سواء كانت صغيرة أو كبيرة؟
للوهلة الأولى قد تظن أنه حاز هذا اللقب من كارهينه، ربما يكون أحد جمهور الأرجنتين الذين صبوا عليه غضبهم بعد إهداره الفرص بالنهائيات الدولية، لكن في الواقع هذا اللقب أقدم من نهائي الكوبا أمريكا والمونديال، فهو يعود للعاشر من ديسمبر/كانون الأول عام 1987، وهو تاريخ ميلاد جونزالو.
يحمل هيجواين الجنسية الفرنسية إلى جانب الأرجنتينية، وذلك لأنه ولد في مدينة بريست غرب فرنسا، حيث كان والده خورخي يلعب كمدافع في نادي المدينة على سبيل الاحتراف بعد ظهوره بشكل جيد رفقة بوكا جونيورز. ويقول جونزالو إنه ورث من أبيه الجدية والقوة الذهنية، إلا أن أمرًا آخر قد ورثه أيضا، وهو ذلك الاسم.
اشتهر خورخي باسم البيبا، أي الأنبوبةEl Pipa، وذلك لطول أنفه. بالتأكيد لا ينبغي لأحد التعليق على شكل أو هيئة الآخر، لكن لا يبدو أن اللقب كان يزعج خورخي كثيرًا، حيث التصق به طوال مسيرته. وما أن بدأ نجم جونزالو يسطع مع ناشئي ريفر بليت، إلا وأطلق أحدهم عليه البيبيتا، واستمر معه الاسم بعد تألقه في ملاعب أوروبا، وتفوقه على مسيرة والده البيبا.
البرغوث: ميسي
الآن ننتقل لصانع الألعاب الفذ ليونيل ميسي، هو الآخر يحظى بلقب غير مألوف، وهو البولجا La Pulga وتلك أيضا كلمة إسبانية تعني البرغوث. فمتى صار ميسي برغوثًا بالتحديد؟ الإجابة هي عام 2005، ومع دخول ليو لتشكيل برشلونة الأساسي تحت قيادة المدرب فرانك ريكارد. حينها كان يتابعه صحفي أرجنتيني، وقد وجد تشابهًا بين أسلوبه في تسجيل أهدافه وبين البرغوث، ولكن كيف؟
كان ميسي ضئيل الحجم، وطوله لم يصل لـ170 سم بعد، لكنه سريع ومراوغ ويعرف الطريق نحو المرمى بصورة مزعجة لأي مدافع. وهو بذلك يشبه البرغوث الذي يعكر صفو يومك بسبب لدغاته، وتقضي يومك التالي في محاولة اصطياده دون جدوى. من رحمة الله أنه لا يظهر بكثافة سوى في فصل الصيف.
أما ليونيل فهو يظهر في كل الفصول، ربما يكون البرغوث الأكثر إزعاجًا على كوكب الأرض، ولذلك ارتبط الاسم به طوال مسيرته، ولم ينجح أي لقب آخر في مقارعة البولجا.
الطريف هو ما كشفته شبكة Oh my goal عن تاريخ هذا اللقب مع ميسي، إذ تؤكد أن أشقاءه اعتادوا تلقيبه باسم البولجيتا Pulgita حين كانوا يلعبون الكرة في سن صغيرة، إذ كان أقل أفراد عائلته طولًا ولكنه أمهرهم وأكثرهم قدرة على اللدغ كلما كانت الكرة في حيازته.
الحمار: أورتيجا
يبدو أن الأرجنتين تتخصص في إطلاق الألقاب الغريبة، وهذه المرة الأمر أكثر غرابة من تسمية لاعب بالأنبوبة أو البرغوث، لأننا ببساطة بصدد لقب كالحمار الصغير. حسنًا من يكون سعيد الحظ صاحب هذا اللقب؟ إنه أرييل أورتيجا، صانع الألعاب صاحب المهارات الرائعة والمسيرة المخيبة، ونجم منتخب العالم في بلاي ستيشن 1 حيث كان ينال تحية خاصة من المذيع الياباني في لعبة Pro evolution 1.
يحل أورتيجا عادة في قوائم المواهب المهدرة، إذ كان يتوقع له أن يذهب بعيدًا بعد بدايته المبهرة مع ريفر بليت ويحمل الراية عقب اعتزال دييجو مارادونا، لكن مسيرته تراجعت بنهاية التسعينيات حين كان لا يزال في الخامسة والعشرين من عمره، ولعلك تعتقد أن هذا التراجع كان السبب في إطلاق مثل ذلك اللقب الغريب، لكن في الحقيقة الأمر يتعلق بالمكان الذي نشأ فيه أورتيجا.
ولد أرييل في منطقة سكنية تدعى جوجوي، وهي منطقة تحاوطها التلال والصخور الشاهقة والحياة البرية. وإذا بحثت عن اسمها بموقع WelcomeArgentina.com السياحي، ستكتشف صور لبعض الحيوانات البرية، وأكثرهم انتشارا هو الحمار. هكذا اكتسب والد أرييل كنيته بين رفاقه خارج المدينة، وانتقل اللقب لأورتيجا بمجرد أن ذاع صيته مع ناشئي الريفر، بحيث أصبح البورتيوEl Burrito، أي الحمار الصغير.
الدب الصغير والغضب الشديد: نيدفيد
كفانا من الأرجنتين، الآن دعنا نبحث في أوروبا، وتحديدًا في جمهورية التشيك حيث ظهر أحد أفضل لاعبي القارة العجوز بل والعالم بأسره: بافل نيدفيد. لا يمتلك التشيكي لقبًا غريبًا واحدًا، بل عدة ألقاب، بعضها أطلق عليه في موطنه، وبعضها الآخر أطلق عليه في إيطاليا حيث صال وجال بألوان لاتسيو ويوفنتوس.
نستعرض منها اليوم لقبين؛ الأول هو الدب الصغير، وقد حازه حين كان لاعبًا في صفوف الفريق المحلي سبارتا براج، فما سر تلك التسمية؟ يعود السبب إلى اللغة التشيكية التي لا يتحدث بها سوى مواطني التشيك وبعض الأقليات في بولندا والنمسا وكرواتيا. وفيها يكتب اسم نيدفيد بتلك الصورة: Nedvěd، وهو يتطابق تماما مع كلمة أخرى حين نستبدل حرفًا بأخر، وهي: Medvěd وتعني الدب الصغير.
وقد نال الدب اهتماما ومتابعة كبيرين قبيل انتقاله للاتسيو عام 1996، ليأخذ مسيرته لمستوى آخر ويتوج بالكالتشيو موسم 1999/2000، ثم ينتقل للبيانكونيري ويحصل على لقبه الثاني: الغضب الشديد.
كان ملحوظًا كيف يتمكن نيدفيد من الظهور بشكل جيد في أكثر من مركز كالجناح وصانع الألعاب ولاعب الوسط، بفضل ما يمتلكه من سرعة ولياقة بدنية عالية، وهنا أطلقت عليه الصحافة Czech Fury أو الغضب التشيكي، نسبة للفيلم الأمريكي Blind Fury أو الغضب الأعمى الذي صدر مطلع التسعينيات.
الكواخي والمارافيا: دافيد فيا
ربما يكون دافيد فيا أحد أكثر اللاعبين الإسبان جماهيرية في عالمنا العربي، لذلك شاعت ألقابه بشدة خصوصا بين مشجعي برشلونة، ويمكنك ببحث بسيط على فيس بوك أو يوتيوب اكتشاف عشرات النتائج عن الكواخي أو المارافيا، لكن ماذا تعني للدقة هاتان الكلمتان؟
الأولى كلمة إسبانية El Guaje وتعني الولد، وهي تتعلق بنشأة دافيد الذي عاش ظروفًا صعبة بعد كسر عظم فخذه الأيمن وهو في الرابعة من عمره، وقد أبلغ الأطباء والديه بوجود احتمالية لأن يصاب دافيد بعجز كامل في حركته إذا خضع لعملية جراحية وفشلت، لذلك رفض الأبوان الفكرة، وبدلًا عن ذلك اختارا مسارًا آخر.
قررا أن دافيد سيرتدي جهاز لتقويم الركبة والفخذ، وسيعمل الجهاز على التئام الكسر. كان ذلك هو الحل الذي سيجنب فيا أي عواقب سيئة، لكن المشكلة أنه سيمنعه من ممارسة رياضته المفضلة كرة القدم لفترة طويلة، وهنا فكر الأب أن عليه تدريب ولده في المنزل علي بعض المهارات الأساسية بمجرد أن تسمح حالته بذلك.
بعد مضي شهرين، كان الوالد قد أعدّ خطة جيدة لدافيد، سيركز فيها على التمرير والاستلام والتسديد بقدمه اليسرى لأن الأخرى لن تكون بالقوة ذاتها قبل الكسر. بالفعل خضع دافيد لذلك التدريب لشهور، ثم عاد بعد فترة للمباريات مع أقرانه، فأظهر قوة وإجادة غير متوقعة، مما جعل من هم أكبر منه سنًا يستعينون به في مبارياتهم، ولم يكن اسمه معروفًا للبعض منهم، فباتوا ينادونه بالكواخي أو الولد.
أما الكلمة الثانية، فأصلها هو Maravilla، وتعني المعجزة. وكما تلاحظ فإن الجزء الثاني من الكلمة يتطابق مع اسم فيا، الذي صنع الأعاجيب بقمصان فالنسيا وبرشلونة وأتليتكو مدريد، وتوج رفقة لاروخا بالمونديال ثم تربع علي عرش أكثر من سجل الأهداف الدولية لإسبانيا، ولا يزال حتى كتابة تلك السطور يلعب بصفة احترافية وهو في السابعة والثلاثين من عمره.