بُقعة تحت الطلب ..!
بِقَلَم ألعَميد مُنْذِر ألأيوبي*
تتهاوى تباعآ دفاعات ألمسلحين ألإرهابيين و طرق إمدادهم في محافظة إدلب – ألريف ألجنوبي أمام ضربات ألجيش ألسوري ألنظامي لا سيما بعد إحكام ألطوق على مدينة خان شيخون التي باتت بحكم ألمحررة ، بألتزامن تحاول ألقوات ألتركية و ألميليشيات ألتي أنشأتها ألموالية لها إعاقة ألقوات ألسورية في تقدمها دون جدوى ، إذ تكفل سلاح ألطيران و ألإسناد ألجوي و المدفعي ألصاروخي بتَدمير معاقل و تحصينات ألمسلحين كذلك مستودعات ألذخيرة مع تأمين ألتغطية أللازمة لحماية و دعم ألألوية ألمهاجمة ..
بألمقابل ، أصبحت نقاط ألمراقبة ألتركية ألسبع ألمتاخمة لمدينة خان شيخون تحت مرمى نيران ألجيش السوري ألذي تمكنت وحداته من ألسيطرة و تحرير محاور تقاطعات ألطرق ألدولية ألتي تصل ألمحافظات و ألمدن ألسورية ألكبرى ببعضها ألبعض ..
بألتزامن ، نفذ ألطيران ألحربي عدة ضربات جوية دقيقة إستهدفت أحد أرتال ألجيش ألتركي ألمتجه نحو مركز ألمراقبة رقم 9 شمالي غربي ألمحافظة على تخوم مدينة معرة ألنعمان بعد إجتيازه ألحدود من معبر باب ألهوى مانعآ تقدمه و توغله جنوبآ في ألعُمق ألسوري ، مما حرم مسلحي ألميليشيات ألإرهابية من ألدَعم و بألتالي ألصمود في وجه ألقوى ألنظامية ألمهاجمة أو على ألأقل عرقلة تقدمها عبر قتال تأخيري قد ينجح في منح ألمسلحين مزيدآ من ألوقت لإعادة لملمة صفوفهم ألأمر الذي أدى إلى إرباك واضح على مستوى ألقيادة ألتركية ، مع الإشارة إلى ان هذه القوافل ضمت ألآليات ألمؤللة
و ألمدولبة ، وحدات ألمدفعية ألثقيلة ألمتحركة إضافة إلى صواريخ تاو BGM-71 TOW ألمضادة للدروع و آليات الدعم أللوجستي و ألذخائر (250 آلية) ..
توازيآ ، بدأ آلاف ألمسلحين بألإنسحاب نحو ألشمال ألشرقي ألمتاخم للحدود ألتركية ألسورية بعد تسرب معطيات عن تعليق تنفيذ ألعملية ألعسكرية ألتركية ضد أكراد ألشمال ألسوري ألمناويء رغم ألإتفاق ألأميركي – ألتركي مؤخرآ على تفاصيلها ..
من جهة أخرى ، مشهدية ما بعد سُقوط مدينة خان شيخون و ألهجوم ألمُحكم للجيش ألسوري وألقوات ألرديفة بدأت بألتظهير :
١- أصبح ريف حماه ألشمالي محاصرآ تقريبآ و باتت تاليآ نقطتي ألمراقبة ألعسكرية ألتركية في بلدتي مورك و شيرمنار محاصرتين و معزولتين تمامآ تحت قبضة ألجيش ألنظامي ..
٢- سُقوط أو تعديل إتفاق إدلب ألموقع في مدينة سوتشي – روسيا بين ألرئيسين ألروسي بوتين و ألتركي أردوغان ألقاضي بإنشاء منطقة منزوعة ألسلاح في محافظة إدلب بعرض يتراوح بين 15 إلى 20 كيلومتر على طول خط ألتماس ألسوري مع خروج كافة ألفصائل ألجهادية و سحب ألأسلحة ألثقيلة وألمتوسطة بِألإضافة إلى فتح حركة ألمرور للطريقين ألدوليتين حلب – أللاذقية و حماه – حلب ..
٣- فشل أنقرة في إقتطاع ألمنطقة ألآمنة بعد وقف إندفاعة ألأرتال ألعسكرية ألتركية ألمدرعة و منعها من إلتمدد جنوبآ تحت ذريعة حماية حدودها من ألتهديدات ألإرهابية ألمتمثلة بنظرها بوحدات حماية ألشَعب ألكردية .. “أوردت بعض وسائل الإعلام مساء أمس خبرآ عن بدء أنقرة في غضون أيام بتنفيذ خطة ألمنطقة ألآمنة تدريجيآ مع الولايات المتحدة ألأميركية و ألمحددة إلى الشرق من نهر الفرات” مع ألإشارة إلى أن القوات التركية والأميركية ستبدأ تسيير دورياتمشتركة في المنطقة ..
٤- سُقوط ألخطة ألتركية ألتي تلبي طموحات ألرئيس أردوغان ألتوسعية و ألمتعلقة بتعديل إتفاقية لوزان ألموقعة عام 1923 بما يسمح بإعادة ضم سوريا إلى تركيا أو على ألأقل ألسيطرة على ألمدن ألثلاث “حلب ، إدلب ، ألرقة” كمرحلة أولى تحت عنوان حماية ألأمن ألقومي ألتركي ..
٥- ستظهر نسخة جديدة من إتفاق أستانة (ألعاصمة ألكازاخستانية) ألثلاثي “روسيا – تركيا – إيران” ألموقع بتاريخ 24 حزيران 2017 و ألذي نص في أحد بنوده على إنشاء آلية مراقبة من ألدول ألثلاث
بما يضمن إلتزامآ كاملآ بوقف إطلاق ألنار مع تأكيد على مواصلة ألحرب على ألإرهاب ضد تنظيمي (داعِش و ألنصرة) كذلك تأمين ألحماية و حرية ألتنقل للمدنيين ..
٦- بألمقابل ستبقى دمشق مصرة على إلتزام تركيا مضمون إتفاقية آضنة ألموقعة عام 1998 ، و ألتي تنص على : إعتبار ألخلافات ألحدودية بين ألجانبين بحكم ألمنتهية و أن أيآ منهما ليس له أية مطالب
أو حقوق مستحقة في أراضي ألطرف ألآخر “لواء ألإسكندرون”..
ألمراقبون ينظرون إلى ألمَسرح ألسوري حاليآ كَقضية مُعَقدة ألحَبكة تتطلب فك ألعقد واحدة تلو ألأخرى توصلآ إلى ألتسوية ألسياسية في ظل إمساك ألقيادة ألسورية بورقة “ألمَيدان يحكُم” و وفق هذه ألإستراتيجية لم يكن يعنيها ألمشاركة في إجتماعات Sochi أو Astana طالما ألحليفين موجودين .. و على هذا ألأساس أيضآ زجت ألفرق ألمقاتلة ألمتفوقة نوعيآ عديدآ وعتاد في ألمعركة وستتابع تقدمها بعد إستعادة مدينة خان شيخون بهدف تحرير كامل محافظة إدلب ألأمر الذي سيرفع وتيرة ألتصعيد و إحتمال ألمواجهة ألمباشرة مع ألجيش ألتركي و قد سُجِلَ في هذا ألإطار تصريح لوزيرالخارجية ألتركي مولود جاويش أوغلو حذر فيه سوريا من “أللعب بألنار”.. في نفس ألسياق ستتولى ألفرقة إلسورية ألرابعة فتح جبهة جسر ألشغور و ألتفرغ لها بهدف حماية محافظة أللاذقية و قاعدة حميميم ألروسية من هجمات ألطائرات ألمُسَيرة عن بُعد ..
محوريآ ، لا يزال ألرئيس رجب طيب أردوغان يحاول تحسين مكاسبه في سوريا و توطيد مكانة تركيا ألجيوسياسية في ألإقليم تاركآ ألمَيدان لرئيس هيئة أركان ألجيش ألتركي Khaleesi Akar و مدير ألمخابرات Hakan Fidan بُغيَة إستثمار ألنتائج ألمحققة على كافة ألصُعُد ، و هو سيجري إتصالآ هاتفيآ بألرئيس ألروسي بوتين لمناقشة تبعات الغارة ألجوية على ألرتل العسكري ألتركي مؤكدآ فيه علىضرورة حماية نقاط ألمراقبة ألتركية .. كذلك أتى إرتفاع منسوب ألتوتر على كافة ألمحاور ألساخنة في ألإقليم و إحتدام ألمواجهات حافزآ لنقاش هاتفي بين رئيس ألأركان ألعامة للقوات ألروسية Valery Gerasimov و رئيس هيئة ألأركان ألمُشتركة Joseph Danford تمحور حول ألعلاقات ألعسكرية بين ألبلدين و ألوضع ألمتأزم في سوريا و ألمنطقة ..!
خِتامَآ ، ستبقى أرض ألمعارك مشتعلة طالما قائد ألقوات ألروسية في سوريا ألجنرال “أندره سيريوكوف” Andry Serdyukov أمام ألشاشة ألعملاقة في غرفة ألعمليات ألمُشتركة في قاعدة “حميميم” ألجوية ! و ستواصل ألقوات السورية تقدمها على نفس ألوتيرة بإنتظار إنعقاد ألقمة ألثلاثية ألتركية ، ألروسية ، ألإيرانية في أنقرة بتاريخ 16.09.2019 ، علمآ أن نتائجها ستكون ترتيبات جديدة لخفض ألتصعيد مع إنكفاء مسلحي هيئة تحرير ألشام و أشقاءهم بقيادة ألإرهابي (أسامة ألعبسي) ألملقب أبو محمد ألجولاني إلى بقعة “تحت ألطلب” بإنتظار أمر عمليات جديد ..!
*عميد ، كاتِب و باحِث .
بيروت في 23.08.2019