بقلم ألْعَميد منذر ألأيوبي*
تَحَرر ألرئيس ألأميركي دونالد ترامب من أعباء ألتحقيق ألذي إنغمس فيه مدير مكتب ألتحقيقات ألفدرالي FBI ألسابق “2001-2013” ألمحقق روبرت مولر Robert Mueller و ألذي أثار إعصارآ في قلب ألدَولَة ألعميقة طوال ما يقارب نصف ألولاية ألرئاسية ، أضافت “كاريزما” Charisma ألرئيس و نمط أداءه إرتدادات زلزالية عادةً ما تلي أو ترافق ألإعصار كان أقلها موجة إستقالات لم تشهد لها مثيلآ ألإدارة ألأميركية في تاريخها ، شملت مستشار ألأمن ألقومي ألجنرال “مايكل فلين” Michael Flynn ، تبعه كبير موظفي ألبيت ألأبيض “رينس بريبوس” Reince Priebus ، ثُم كبير ألمستشارين للشؤون ألإستراتيجية “ستيفن بانون” Stephen K.Bannon و ألناطق ألرسمي “شون سبايسر” Sean Spicer
و مؤخرآ و ليس أخيرآ وزير ألدفاع “جيم ماتيس” Jim Mattis …
بَرأ تقرير Muller بنتيجة ألتحقيقات ألمُجراة ألرئيس ترامب من إتصاله أو تواطؤه مع ألأجهزة ألروسية عام 2016 ، مما سمح له بِ إلتقاط أنفاسه و إسقاط تحفظه عن علاقته بألرئيس ألروسي فلاديمير بوتين . في نفس ألسياق أشار ألتقرير إلى تدخل ألحكومة ألروسية في ألإنتخابات ألرئاسية ألأميركية “بأسلوب شامل و ممنهج“ و خَلُصَ إلى عدم إعفاء ترامب من عرقلة سير العدالة ،لكن يتعذر على وزارة العدل ألأميركية توجيه أية تهم جنائية إليه …
يوم ألجمعة ألمنصرم 03.05. رن جرس ألخط ألهاتفي ألمباشر ألمعروف بِ “الخط الأحمر” في مكتب ألرئيس بوتين في ألكرملين ، و من ألطبيعي أن يكون ألمتحدث هو ألرئيس ترامب ، إذ أن هذا ألخط ألآمن أنشيء بين موسكو و واشنطن عام 1962 بعد أزمة ألصواريخ ألكوبية بهدف تمكين رئيسى القوتين ألعظميين على ألكَوكَب إجراء الاتصالات الفورية العاجلة ، لا سيما خلال الأزمات الدولية الطارئة الخطيرة
بغية إزالة أي سوء تفاهم أو لتسوية قضايا عاجلة .
وُصِفَ ألإتصال من قبل ألرئيس ترامب بِ “ألجيد جدآ”، 90 دقيقة كانت كافية لمناقشة و تبادل ألآراء تناولت مختلف ألقضايا ألحيوية ألدولية ألشائكة و ألإستِقرار ألإستراتيجي وفقآ للتالي :
١- فنزويلا ، أوضح بوتين أن روسيا متحالفة مع ألدَولَة وألرئيس ألشرعي “مادورو” ، في حين عَبر ترامب عن رغبته إرسال مساعدات إنسانية مؤكدآ أن لا نية لتدخل عسكري أميركي في هذا ألبَلَد ألذي تسوده ألفوضى ، أما بخصوص “غوايدو” زعيم ألمعارضة فلتترك ألأمور حاليآ لتطورات داخلية ربما إيجابية و معالجة هادئة .
٢- أوكرانيا ، يعتبر ألرئيس ألروسي أن ألرئيس ألمنتخب فلاديمير زيلينسكيVolodymyr Zelensky سيؤسس لمرحلة جديدة قد تؤدي إلى تسوية ألنزاع حول منطقة “دونباس” Donbass ذات ألأغلبية ألناطقة بأللغة ألروسية ، وألواقعة في ألشرق ألأوكراني على تخوم ألحدود ألجنوبية ألغربية لروسيا ألإتحادية ، كما أبدى بوتين ملاحظاته و إمتعاضه من تصريحات ألمبعوث ألخاص لوزارة الخارجية الأميركية إلى أوكرانيا “كورت فولكر” Kurt Volke إذ عبر ألأخير عن رفضه أية تسوية تقود إلى التخلي عن جزء من الأراضيألأوكرانية لصالح روسيا . و في بادرة حسن نية أعرب ألرئيس ألأوكراني ألمنتخب عن تعازيه ألحارة لأقارب ضحايا طائرة “سوخوي سوبر جيت-100” الروسية المنكوبة حيث لقي 41 شخصا حتفهم بعد اشتعال النيران فيها و هبوطها اضطراريا في مطار”شيريميتيفو” Sheremetyevo- موسكو .
٣- معاهدة الحد من ألأسلحة ألنووية ألإستراتيجية ألمتوسطة و ألقصيرة ألمدى IRNFT ألتي عُلِق ألعمل بها في شهر تموز 2018 بناء لقرار ألرئيس ترامب سيتم ألسعي لتفعيلها بعد تعديل بعض بنودها و تحفيز ألصين للإنضمام إليها .
٤- ضرورة وقف ألمناوشات مع ألأسطول ألروسي ألمتمركز في مدينة سيفاستوبول (Севасто́поль)
و إلتزام قواعد ألعبور ألدولية إلى ألبحر ألأسود عبر مضيق “كيرتش” Kerch Strait تلافيآ لأية حوادث .
٥- كوريا ألشمالية ، وضع ألرئيس ألروسي نظيره ألأميركي في أجواء لقاء ألقمة ألذي عُقِد منذ أسبوعين مع ألرئيس “كيم جونغ أون” Kim Jong-un في مدينة “فلاديفوستوك” Vladivostok ألروسية ، وقد رحب ألرئيس ترامب بألدخول ألروسي على خط ألمفاوضات معتبرآ موسكو شريكآ ضروريآ وموثوقآ لا سيما بعد محادثات قمة “هانوي” ألتي جمعت ألرئيسان ترامب و جونغ أون خلال شهر شباط ألماضي، وبقيت نتائجها عقيمة . مع ألإشارة إلى تضارب ألآراء بين صقور ألبنتاغون وألديبلوماسية ألأميركية حول طريقة و أسلوب ألتعامل مع ألبرنامج ألنووي و ألصاروخي لِ “بيونغ يانغ” Pyongyang .
٦- ألملف ألسوري ، على طاولة مكتب ألرئيس بوتين توصلآ إلى ألحَل ألسياسي ألملائم ألذي يحفظ وحدة سوريا و ألمصالح ألجيوسياسية و ألإستراتيجية لروسيا ، كما يراعي بألحد ألأدنى ألتوازنات ألمتداخلة ألمتشابكة و ألمتضاربة لدول ألإقليم و يضمن حماية ألأقلية ألكردية .
٧- من باب ألتوضيح لا ترى موسكو في حيازة تركيا لمنظومات ألدفاع ألجوي ألصاروخي ألروسية ألمتطورة S400 مَساسَآ بأمن حلف ألناتو NATO ، كما لا يجب أن يعتبر ذلك تحديآ للولايات ألمتحدة ألأميركية فألقرار تُركي صَرف .
٨- في ألموضوع ألإيراني ، ألتباينات في وجهات ألنَظَر واضحة ، موسكو تفضل ألتسويات على ألبارد
في حين تثابر واشنطن على تشديد ألعُقوبات (ضمن نظرية أمن إسرائيل فوق كل إعتبار) و فرض تصفير تصدير ألنفط ألإيراني مع إدراج ألحَرَس ألثَوري على لوائح ألمنظمات ألارهابية ، بألمقابل تهدد إيران بإغلاق مضيق هرمز و ألعودة إلى برنامج تخصيب أليورانيوم U235 إلى نسبة مرتفعة و ألمُرمَز بإسم Oralloy و هو ألعنصر ألحاسم لإنتاج ألطاقة ألكهربائية عبر ألمفاعلات ألنووية أو للأغراض ألعسكرية ، لكن فرص ألمواجهة ألعسكرية ضئيلة إلا إذا حصل ما ليس بألحسبان .
٩- صَفقة ألقَرن ليس من ألسهولة تمريرها لأسباب متعددة أقلها رفض ألسلطة ألفلسطينية و ألفصائل ألفلسطينية لها و ألتي من نتائجها سُقوط حل ألدولتين ، في ظل تنامي قدرات ألمقاومة في قطاع غزة
و ألأسلحة ألنوعية ألتي باتت تمتلكها ، فَ ألحرب ألرابعة ألتي شنتها إسرائيل على ألقطاع ألأسبوع ألماضي مؤشر لما يمكن أن تصل إليه ألأوضاع ، و ربما يكون ألتطبيع ألهاديء مع ألدول ألعربية أجدى في ألمرحلة ألحالية .
خِتامَآ ، لا شك أن ألعلاقات ألأميركية ألروسية ستتطور إيجابآ ، و هذا سينعكس حَتمَآ على مشكلات ألعالم ألمتراكمة و ألمتفاقمة ، إذ أعلن ألرئيس ترامب لاحقآ أن «هناك إمكانيات ضخمة لعلاقات جيدة ممتازة مع روسيا ، رغم ما تقرأونه وترونه في إعلام الأخبار الكاذبة».
“بوتين كان يتحلى بروح ألمَرح”، عبارة للرئيس ترامب تُوَصِف إنطباعه عن إتصال أل 90 دقيقة بين ألزعيمين من ألزاوية ألإنسانية بعيدآ عن لعبة ألأُمَم …
—————–
بيروت في 08.05.2019
*عميد متقاعد، كاتب و باحث.
