ماذا فعلتم بوطن موسى الصدر؟
بقلم : البروفوسور ايلي الزير
لفتني قول للإمام السيد موسى الصدر رحمه الله يقول فيه: “لن أقبل ان اكون انا عظيماً ووطني يكون ذليلا”. وقادني إلى سؤال جوهري وأساسي هل هذا فعلاً ما يطبقه اليوم الزعماء في لبنان؟ والسؤال موجه للجميع بلا استثناء، لانصار السيد موسى الصدر والى بقية الاحزاب والجماعات اللبنانية ؟ في ظل هذه المعاناة الجامعة والازمات القاتلة لجموع الشعب اللبناني، والتي اسفرت عن دولرة كل الاسعار والخدمات والسلع والتقديمات . يحدوني سؤال عن هؤلاء الموظفين المساكين الذي يتقاضون رواتب زهيدة من اين سيأتون بالدولار؟ اذا كانت صفيحة البنزين ب18 دولارا والمازوت مثلها والكهرباء والغاز كذلك والكهرباء ايضاً. وهنا اطرح سؤالاً استطرادياً عن الكهرباء. في ظل ما تم الاتفاق عليه مؤخراً ان مصرف لبنان هو من يتقاضى فواتير الكهرباء حصراً ويقبض الفواتير مباشرة، وذلك في محاولة لضبط الهدر الفاحش والفائق لكل منطق، الذي كانت تتعرض له جبايات الكهرباء من سرقات وعمولات وسمسرات لم يعد بمقدور اي جهة تحملها او تغطيتها .. ولكن ماذا فعل مصرف لبنان الذي بات يتقاضى مباشرة فاتورة كهرباء كبيرة جداً هي الاعلى في العالم اليوم بلا منازع، وماذا يقدم للمواطنين في مقابل ذلك؟ هل يعقل ان هذه المدفوعات تسدد في مقابل ساعتي تغذية كهرباء خلال ال24 ساعة؟ وماذا فعل في شركة الكهرباء وسواها ؟ وهناك اسئلة كبيرة تطرح في هذا السياق عن كل ما حدث في ازاء ذلك كقضية الكهرباء ومئات المليارات من الدولارات التي هدرت بلا طائل، وسرقة البنوك لاموال المودعين ؟ وانفجار مرفأ بيروت؟ فيما لا تزال الاحزاب كلها تغطي على بعضها البعض ، وفي ازاء ذلك، هل ان رؤساء الاحزاب اللبنانية والزعماء الكبار سعداء اليوم بما يرونه يحصل في هذا البلد ؟
فاذا كانوا سعداء فعلاً بما يحدث فعلى البلاد السلام، واذا لم يكونوا سعداء بما يحصل فعليهم تصليح الامور ما امكنهم، على قاعدة قول السيد موسى الصدر بأنه لا يقبل ان يكون عظيما ووطنه ذليلاً وبمقدورهم ذلك.
فنحن الان اصبحنا كمواطنين اكثر من اذلاء ، نعم ، صرنا شحادين ونبحث في حاويات القمامة عن لقمة خبز ، وصرنا لا نستطيع ان نحصل على ادويتنا لغلائها الفاحش، وصرنا عاجزين عن ارسال اولادنا الى المدارس، كما صرنا عاجزين ان نشتري اقل الحاجيات والضروريات لاولادنا ، وصار بعضنا يطعم ولده خبزاً مبللاً بزيت وزعتر ، دون سواه من الاطعمة ولا سيما الجبنة ومشتقات الحليب، التي لم تعد في متناول طبقاتنا على انواعها.
هل يرى زعماء هذا الوطن واحزابه ان ما يحصل على هذا المستوى سليماً في بلد لطالما عاش البحبوحة وكان رائداً ومعلماً ومشعلاً في الازدهار وفي قطاعات المال والبنوك والصحة والسياحة والتعليم والطبابة والاعلام والانتاج والنشر وفي كل ميادين الحياة …اين اصبحنا اليوم؟ وهل يجوز ان يموت هذا البلد هكذا ميتة؟!!!
وهنا انوه انني لا اتكلم حصراً عن الطائفة الشيعية بل اتحدث عن كل الطوائف في لبنان ماذا فعلتم بوطنكم؟ وماذا انتم فاعلون؟ هل تقبلون بما يحدث؟
فموسى الصدر كان جامعاً لكل الطوائف والبراهين على ذلك كثيرة لا تنحصر في مواقفه الكثيرة من الاعتصام بالكنيسة وصولا الى اعتصامه في بلدة دير الاحمر يوم تعرضت لهجوم من التنظيمات الفلسطينية، وموقفه اللافت حين زار محل حلويات في صيدا يملكه مسيحي كان تعرض لمقاطعة من جيرانه المسلمين بذريعة ان طعامه محرم، وتناول عنده البوظة على الملأ، ليكسر بذلك قواعد استخدام الدين في المضاربات التجارية. وما الك ذلك من مواقف لا تنسى لسيد كان جامعاً لكل الطوائف وكان وطنياً بامتياز! فاذا كنتم تريدون انقاذ هذا الوطن وانعاشه فعلاً، يكفي ان تتصرفوا كموسى الصدر. فلا شيء يدوم ابداً . وما يبقى هو انت اذا كنت مرتاحاً مع نفسك وضميرك وانا اجزم بان كل افراد هذه المنظومة الحاكمة اليوم ليست مرتاحة مع نفسها وضميرها ابدا . لان الجاه يدوم ولا المال ولا اي شيء من هذا يدوم، كله زائل وما يبقى هو الصيت والسمعة، ونحن نعرف ما هو صيتهم ، ولكي تستطيع ان تريح الاخرين، يجب ان تكون مرتاحاً مع نفسك، وهؤلاء الحكام ليسوا مرتاحين مع ضمائرهم ولا مع انفسهم، والدليل انهم يسيرون جميعاً ضمن مواكب مؤلفة من عشرات المرافقين والامنيين والسيارات وهذا دليل قاطع على انهن خائفين من الشعب .
واختم مقالي بقول لأمين الريحاني “المدينة العظمى تنتصر فيها الحقيقة وتسود فيها الحرية”. فأين نحن اليوم من وطن موسى الصدر ومن مدينة امين الريحاني؟…