متى يقيل منصوري “حوت المطار” ؟ ومتى تتوقف فضيحة حصرية الاجواء اللبنانية بشركة “ميدل ايست”؟
خاص – “اخبار الدنيا“
كتبت المحررة الاستقصائية :
يوهم رئيس محلس ادارة شركة طيران الشرق الاوسط محمد الحوت، اللبنانيين وكل المعنيين ويمنِّنَهُم صباح مساء بأنه هو من انتشل شركة الناقل الوطني الجوي “ميدلإيست” بعد تسلمه إدارتها منذ اكثر من ربع قرن، من مستنقع الخسارات المتتالية، وقفز بها نحو تحقيق ارباح فعلية! علما ان في هذا القول افتئات على عقول الناس وضحك على ذقونهم. كيف؟
ببساطة شديدة، طلب محمد الحوت من الحكومة اقرار حصرية الاجواء اللبنانية بشركة طيران الشرق الاوسط التي يملكها مصرف لبنان وهذا امر معروف بأنه حتماً وحكماً سيحقق ارباحا خيالية، نظراً لعدم وجود اي منافس في هذاالمجال . وخاصة عندما تستأثر بفرض اسعار خيالية ومرعبة احياناً، وتفوق كل الاسعار المتقاربة لدى الشركات الاخرى وتتحول الى أغلى شركة ناقل جوي في العالم مفروض على اللبنانيين فرضاً. وهم بغالبيتهم الساحقة مضطرون لشراء خدمته حصراً، على اعتبار ان معظم الرحلات الخارجية من لبنان وإليه محصورة بهذه الشركة التي حولها الحوت بعد ذلك من شركة وطنية الى “مملكة” خاصة يتصرف بها، وبأموالها، على هواه من دون حسيب ولا رقيب باعتبار انه الرجل الثاني في منظومة سلامة الاخطبوطية.
بمعنى مبسط ، يمكن لأي تاجر ان يقول انني على استعداد لأن أُدخل يومياً مليار دولار وربما أكثر الى خزينة الدولة اللبنانية، او الى المصرف المركزي، اذا خصصتني الحكومة ببيع سلعة محددة بمتجري حصراً، ومن دون اي منافس لي، فكيف والحال بحصر الاجواء في شركة طيران واحدة ومحددة، في وطن يعتبر ابناءه من اكثر الشعوب انتشاراً في كل اصقاع الارض واكثرهم إستخداماً للطيران؟
إذن، من ابسط البديهيات ان تحقق شركة تتمتع بمثل هذه الصلاحيات الحصرية، ارباحاً تفوق الخيال فعلاً، وذلك ليس بقوتها او بذكاء القائمين عليها، انما يعود ذلك الى تعسف الحكومة في اجراءاتها، وتجييرها القوانين العامة لخدمة شركات متعثرة، صارت شبه خاصة بفعل الهيمنة الطاووسية عليها، وإعطائها ما يفترض ان يترك للمواطنين، او يدخلحصراً الى مالية الدولة.
ولولا التبذير الذي يوزعه الحوت ويستخدمه في شراء ذمم الذين يغطونه بمبالغ طائلة لكان بامكان شركة “ميدل ايست” بكل سهولة ان تسد عجز الخزينة اللبنانية في كثير من الاحيان، وربما تساهم في سد فجوات كبيرة من الموازنة السنوية للبنان. لكن من حسن طالع الرجل انه وُجد في دولة سائبة، وتسلم شركة عملاقة بصلاحيات مفتوحة وممنوحة وصلتالى حد حصرية الاجواء اللبنانية بها، وهو لا ينقصة الدهاء ولا المكر بل هو “صياد مناسبات” ماهر، يلعب على كل الحبال السياسية، ليغطي نفسه ويشبك ويسلك مع جميع القوى فلا يفوت مناسبة سياسية الا ويقتنصها، ودائماً ماتجد اصدقاء سياسيين من مختلف المشارب والانتماءات في جلساته العامرة، والكثير من السياسيين ممن كانوا هاجموه سالقاً صاروا اصدقاء له، بعدما عرف كيف “احتواهم” و”اسكتهم”.
رشاوى ورواتب لكل معني بالمطار!
يتمتع الحوت بحيوية عالية في مجال العلاقات السياسية فيجول بشكل شبه اسبوعي على كل المرجعيات والمسؤولين والوزراء، وقلما تزور قصراً من القصور الرئاسية، على تبايناتها، الا وتجد الحوت بين الزوار والمريدين. وهو منذ ان تم تعيينه في هذا المنصب يعتمد اسلوب عمل يقضي باختراق كل وزير أشغال ونقل يسمى عند تشكيل كل حكومة، وتبدأ محاولات فتح شراكات معه منذ لحظات تهنئته بالوزارة، وكثيرا ما نجح في جعل الوزراء المتعاقبين يتماهون معه متجاهلين أدوارهم الرقابية المنوطة بهم قانونياً، بعد ان ينجح الحوت جعلهم شركاء نسبة بصفقاته الكبيرة، وهذا ما جعل منه في نهاية الامر “امبراطور المطار” الذي لا يتورع عن ان يقول بكل بجاحة: “الامر لي” في كل شاردة وواردة تتعلق بالمطار.
حتى الموظفين والعمال من كافة الدرجات العليا والدنيا وحتى والكادر الاداري في مطار بيروت عرف الحوت كيف يحتويهم، فاشترى الغالبية الساحقة من اصحاب الادوار والمهات في المطار حتى الموظفين من خارج شركة ال“ميدل إيست” وخصص رواتب شهرية لكل العاملين في المطار، سواء كانوا مدنيين أو غير مدنيين، حتى بات يمكن القول انهم جميعاً عاملين في شركة “ميدل إيست” وهذا الأمر أصبح واضحاً للعيان في فترة ما بعد الانهيار، عندما باشرت الشركة بقرار من الحوت، توزيع مساعدات مالية شهرية على العناصر المدنية وغير المدنية العاملة في حرم المطار، وذلك بذريعة ضمان التزامهم الحضور الى العمل خشية تعطل مرافق المطار الأرضية. لكن الواقع ان هذه المبالغ هي بمثابة “رشاوى” من الحوت لطاقم عمل المطار من خارج الشركة حتى يتمكن من إحكام قبضته براحة على كل مفاصل المطار، وبالتالي صار هو وحده من يدير اللعبة في الميناء الجوي الوحيد ويتحكم بأدق التفاصيل، وذلك ما يجعل الموظفين والعمال والجهازالاداري وكل الكادر في المطار يصفون الحوت بأنه “ملك المطار” والحاكم المستبد بكافة التفاصيل. ووحده صاحب القوة الضاربة، ووحده من يعاقب ويكافئ، تبعاً لدرجة الولاء له، ومحاولات معاندته وعدم مماشاته.
اكثر من ذلك ، فالحوت من خلال علاقاته السياسية الاخطبوطية مع كافة القوى السياسية بلا استثناء، هو من يركِّب الهيكليات النقابية لكل العاملين في كافة القطاعات في المطار ، وهو الذي يشرف على تأليف اللوائح ويدعم الفائزة منها، ويتحكم بقراراتها وتحركاتها، واذا ما تمرد اي نقيب على “ايحاءاته الهمايونية” فإنه يعمد الى دعم منشقين عنه من رجاله داخل النقابة نفسها، وينشيء لهم هيكلية جديدة تستقطب كل المنتسبين، ويجرده بحكم الامر الواقع من صلاحياته المفترضه ويسكته عنوة، واذا تطورت الامور فانه يلجأ الى التوقيف كما حصل سابقاً مع رئيس نقابة مستخدمي وعمال شركات الطيران في لبنان محي الدين مجبور قبل مدة حين اعترض على استقدام حمالين اجانب وطرد الحمالين اللبنانيين وتشريدهم مع أسرهم.
الكلام عن فضائح وصفقات الحوت ليس له حدود، وجزء منها منشور في الاعلام ، علماً انه اشتغل على سياسة “شراء” إعلام محدد لضمان سكوته وابعاده عن صفقاته، من قبيل ما تم نشره سابقا ًان الحوت منح منذ تسلمه ادارة “ميدل ايست ” عقدا اعلانيا للاستشارات والخدمات الاعلانية (هو عبارة عن رشوة) لشركة يملكها اعلامي شهير يقدم برنامجا سياسيا “توك شو“بقيمة 200 الف دولار، وما يزال سارياً حتى الان رغم مضي اكثر من 20 عاماً على توقيعه علما ان اهدار ذلك المبلغ سنوياً لا يفيد شركة ال“ميدل ايست” بشيئ سوى انه رشوة لتلميع محمد الحوت والسكوت عن فضائحه، والابتعاد عن صفقاته، وكل ذلك على حساب اللبنانيين الذين يسددون أثمان أغلى تذاكر سفر في العالم لشركة ال“ميدل ايست” جراء حصرية الاجواء اللبنانية بالشركة، ليبذر اموالها على صفقاته مع السياسيين ورجال السلطات، وبعضالاعلاميين، على غرار ما كان يفعله معلمه رياض سلامة.
في ازاء ما تقدم ثمة سؤال كبير وهو ؛ فضائح الحوت المدوية التي نشرناها في “الدنيا نيوز” سابقاً وننشرها تباعاً، وسنبقى ننشرها مستقبلاً، لكن أليس ذلك كافياً لأن يتحرك القضاء بشأنها؟ ومن تساوره الشكوك حول مصداقيتها لماذا لا يعمد الى الاجراءات القانونية التي تؤكد له صحتها ليتحرك في ضوئها؟والسؤال الاكبر الذي يفرض نفسه في هذه الاحواء هو : متى يعمد حاكم مصرف لبنان المركزي وسيم منصوري الى إقالة الحوت واحالته الى التحقيق؟