“الدنيا نيوز” – دانيا يوسف
هل تساءلت مسبقاً عن مقدار الألم الذي يمكن للمرء تحمله؟ عندما نتطرق عادةً لهذا الموضوع؛ نتخيل مثل هذه السيناريوهات المخيفة التي نراها في أفلام الرعب الدموية، كقلع الأسنان أو قلع أظافر الأصابع من مكانها، أو قد نعود لحكايات التاريخ القديم والعصور الوسطى، في وقت كانوا يعاقبون الناس بحرقهم أو تمزيق أطرافهم أو اقتلاع قلوبهم من صدورهم. لكننا لن نركز في هذه المقالة على الجوانب المروّعة للطبيعة البشرية، بل سنكتفي بتسليط الضوء على الآلام التي يمكن لأي شخص منا أن يعاني منها اليوم، لذلك تابع القراءة معنا لتتعلم عن أكثر الأشياء المؤلمة التي يمكن أن يختبرها البشر.
في البداية وقبل كل شيء، دعونا نتكلم قليلاً عن الألم وتباين تأثر كل فرد به. تشير بعض الدراسات إلى أن لدى الرجال قدرة أكثر على تحمل الألم مقارنة بالنساء. لفترة طويلة، كان يُعتقد العكس تماماً، حيث كانوا يعتقدون أن أجساد وعقول النساء مهيأة لتتعامل مع آلام الولادة وتحملها، في حين أشارت نتائج بعض الدراسات إلى أن الرجال يتحملون الألم أكثر من النساء بسبب المفاهيم المتأصلة في المجتمعات البشرية حول الذكورية والقوة الرجولية، أي أنه ليس لديهم هبة طبيعية تمكنهم من التعامل مع الألم وتحمله بشكل أفضل من النساء.
كيف يجد الباحثون موضوعات لقياس كمية الألم الذي يمكننا تحمله؟ هل قاموا بإخضاع البشر لمثل هذه التجارب؟ في أربعينات القرن العشرين، قام مجموعة من الباحثين من جامعة كورنيل الأمريكية بإجراء تجارب على البشر وأطلقوا على دراستهم هذه اسم «دراسات عن الألم: طريقة جديدة لقياس عتبة الألم»، حيث قارنوا آلام الحرق بآلام الولادة عبر حرق امرأة حامل أثناء وضعها لمولودها.
الآلام المرافقة لعملية الولادة شديدة حقاً، وأثارت جدلاً بخصوص ما إذا كانت المرأة أكثر تحملاً من الرجل أم لا.
كتب الموقع التقني والعلمي (جيزمودو): «عندما لامست الحرارة يدها تمكن الباحثون من تحديد شدة ألم الحرق مقارنةً بآلام الولادة». أما في بعض الدراسات الأخرى، عجز الباحثون عن قياس شدة الألم وذلك لأن بعض الناس لم يتمكنوا من تحمل الألم.
يوجد عدة مقاييس تستخدم لقياس شدة الألم. فعلى سبيل المثال، قد يفقد بعض الأشخاص الوعي بشكل أسرع من الآخرين بسبب شدة الألم، حيث يؤثر التوتر والضغط الذي يعاني منه الجسد أثناء تعرضه للألم على سرعة تدفق الدم إلى الدماغ وبالتالي يُغمى عليك، كما ولو أن جسدك يمنحك استراحة. في هذا الوقت، يبدأ دماغك بإطلاق هرمون السيروتونين والإندروفين لكي تستيقظ بحال أفضل. الإغماء والدخول في غيبوبة عند التعرض للألم هو أمر شائع الحدوث، فعندما يتعرض أحدهم لحادث ما ويفقد طرف من أطرافه فستلاحظ أنه لا يصرخ، وهذا دليل على أن الدماغ يفرز مسكن للألم في وقت تكون بأمس الحاجة إليه.
قد لا نستطيع قياس الحوادث الأكثر إيلاماً، ولكن يمكننا تصنيف أسوأ أنواع الألم التي يمكن لأي شخص التعرض لها في حياته. إليكم الحروق مثلاً، فكما نعلم هناك أنواع ودرجات مختلفة من الحروق، الخبر الجيد هنا هو أنه كلما كان الحرق أسوأ كلما كان الألم أقل وذلك بسبب الأضرار التي ألحقتها الحروق بالنهايات العصبية. لذلك قد لا تكون الحروق من الدرجة الرابعة مؤلمة كالحروق من الدرجة الثالثة أو الرابعة، كما أن معظم ضحايا الحروق سيخبرونك بأن أسوأ مرحلة هي مرحلة العلاج.
كتب أحدهم على موقع (ريديت): ”يزداد الألم سوءاً عندما تخمد النار“، كما أكد رجل آخر هذه الحقيقة بقوله: ”المرحلة المؤلمة حقاً هي مرحلة العلاج“.
النملة الرصاصة، والتي تُعتبر لدغتها من أشد اللدغات إيلاماً.
في الواقع، قد تسبب بعض لدغات الحشرات آلاماً تضاهي آلام الحروق، فمثلاً هناك لدغة النملة الرصاصة التي تصنف بأنها الأسوأ على الإطلاق. أكد هذه الحقيقة الدكتور (جاستن أو. شميدت)، الذي قام بجدولة آلام لدغات الحشرات ضمن قائمة وتصدّر هذا النوع من النمل رأس قائمته، واصفاً لدغتها بأنه وكأنك ”تمشي حافياً على فحم مشتعل وبداخل كعبك هناك مسمار صدئ طوله 3 بوصة“.
الأسوأ من هذا هو الصداع العنقودي، فقد عبرت النساء اللواتي خضن تجربة الولادة الطبيعية عن مدى الألم الذي يسببه هذا النوع من الصداع، فهو يصيب جانب واحد من الرأس ويستمر لمدة ثلاث ساعات. ساهمت البرامج التلفزيونية بشكل كبير في نقل المعاناة التي يمكن أن يمر بها الناس عبر تصوير المصابين بالصداع العنقودي وهم يصرخون ويتدحرجون على الأرض من شدة الألم. ووفقاً لجمعية الأبحاث الطبية (Migraine Trust)، فإن هذا الصداع يصيب شخص أو شخصين من بين 1000 شخص، والخبر السيء هو أنه غير قابل للشفاء، ولكن بالطبع لا يسبب الموت بل إنه مجرد صداع مؤلم.
يُعتبر الصداع العنقودي من أسوأ أنواع الصداع.
قال أحد المصابين بالصداع العنقودي بأن الهيرون والمورفين والأوكسيكونتين لم يساعدوه على التخلص من صداعه، ولكن هناك بعض العلاجات البديلة التي أظهرت تقدم في التخفيف من آلام الصداع العنقودي، ولكن معظمها غير قانوني، مثل فطر سيلوسيبين وعقار الهلوسة (إل إس دي). وفقاً لموقع الأخبار الأمريكي (ديلي بيست)، كان مُكتشف عقار (إل إس دي) (ألبرت هوفمان) يبحث عن طريقة لعلاج الصداع والصداع النصفي.
قامت منظمة الصحة الوطنية في بريطانيا بجمع قائمة تحتوي على أسوأ الحالات المرضية من ناحية الألم الجسدي، قد تتفاجأ عندما تعلم أن داء القوباء المنطقية، الذي يسببه نفس الفيروس المسبب لجدري الماء، يأتي بمرتبة أعلى من الصداع العنقودي والسرطان والنوبات القلبية والنقرس.
الحالة التي تسبب ألماً لا يحتمل هي حصوات الكلى، فبحسب إحصائية أُجريت على موقع (ريدت) عبر الطلب من الأشخاص تحديد ما هو أكثر شيء مؤلم تعرضوا له في حياتهم، أغلب الإجابات كانت حصوات الكلى. تتكون الحصوات جراء تراكم الكالسيوم ومواد أخرى في البول، يمكن لهذه الحصوات أن تكون كبيرة بحجم كرة البينج بونج، وفي حال تجزأت تسبب للمصاب بها ألماً شديداً أثناء خروجها عبر المسالك البولية. في حال كانت الحصوات كبيرة للغاية، يتم تفجيرها باستخدام الموجات الصادمة، لذلك أفضل حل أمامك هو شرب الكثير من الماء لتجنب تجربة هذا النوع من الألم.
ماذا عن الكسور العظمية؟ ما هو أكثر عظم يسبب الألم عندما ينكسر؟
قد تسبب الساق المكسورة ألماً شديداً ولكن هذا الألم يستمر لمدة بضعة أيام فقط، في حين يسبب الضلع المكسور آلاماً فظيعا تستمر لأسابيع طويلة وتحرمك من النوم. وفقاً للاعبي كرة القدم فإن ثاني أسوأ كسر بعد كسر الأضلع هو تمزق وتر أخيل، حيث وصف نجم كرة القدم السابق (رونالد كاري) هذا النوع من الألم بأنه ”مؤلم للغاية ويزداد الألم سوءاً خلال الأشهر التالية“. أما في المرتبة الثالثة لدينا كسر عظم الفخذ، أكبر عظم في جسم الإنسان.
يمكن لمسمار صدئ أن يحول حياتك لجحيم في حال دست عليه ودخل في قدمك، ولكن لا تقلق فلقاحات الكزاز قد تنقذك من الموت. تشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن من النادر أن يموت أحدهم من الكزاز وذلك بفضل الحقن التي لديهم، ولكن بالطبع تحدث حالات موت متفرقة من وقت لآخر، حيث يبدأ الأمر بكزاز الفك، ثم يعاني جسدك من التشنجات. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تحدث مئات الحالات من الكزاز كل عام حول العالم، وفي حال لم يعالج الكزاز في وقت مبكر، فإنه سيتسبب بموت ما بين 10٪ إلى 20٪ من المصابين به.
ألم العصب ثلاثي التوائم يُعتبر ألماً لا يطاق وفقاً لشهادات المرضى والأطباء كذلك.
يقول العديد من الأشخاص أن خراجات الأسنان هي الأسوأ على الإطلاق، ولكن هناك ما هو أسوأ وهو ألم العصب ثلاثي التوائم، وهو مرض يصيب حوالي شخص واحد من كل 15 إلى 20 ألف شخص، يطلق على هذا المرض اسم «المرض الانتحاري» وذلك لأنه سيدفع المصاب به بالانتحار من شدة الألم، فهو أشبه بالبرق يضرب في وجهك. قالت امرأة تبلغ من العمر 63 عاماً من ويلز بأنه هذا الألم هو ”أسوأ ألم قد يصيب الإنسان“، مشيرة إلى أن الأدوية المسكنة لم تنفعها في التخلص من الألم.
وصفت جمعية العصب ثلاثي التوائم في المملكة المتحدة بأن هذه الحالة هي الأكثر إيلاماً في العالم. في عام 2013، ذكرت صحيفة (ديلي ميل) أن 27٪ من المصابين بألم العصب ثلاثي التوائم يقتلون أنفسهم.
بعض الآلام المذكورة أعلاه قد تكون أسوأ من آلام الولادة، إلا أن الولادة سجلت مرتبة عالية جداً في مقياس الألم، ففي إحدى المقابلات قالت امرأة تبلغ من العمر 49 عاماً أن الدفعة الأخيرة ليست أسوأ جزء في الولادة الطبيعية، فعندما تدخل المرأة في المخاض تشعر وكأن شيء يضغط بشدة على أمعائها وتشعر بكل ثانية تمر.