“الدنيا نيوز” – دانيا يوسف*
ينتظر جميع المسلمين في العالم قدوم عيد الفطر المبارك والاحتفال به من خلال التقاليد المعروفة والمتبعة في هذه الأيام ومنها ارتداء الألبسة الجديدة وإهداء الحلوى للأقارب والجيران وزيارتهم والخروج للتنزه.
ومن أهم هذه التقاليد “العيدية” حيث يتجمع الأطفال يوم العيد حول آبائهم وأقاربهم وأجدادهم للحصول على حظهم من النقود.
إن كلمة “عيدية” تعني العطاء والعطف وهي مشتقة من كلمة “عيد” ومعناها كثرة عوائد الرحمن على عباده وهي إما أن تكون عوائد مادية أو روحانية.
ظهرت العيدية في مصر في العصر الفاطمي على يد الخليفة المعز لدين الله الفاطمي الذي أراد أن يستميل قلوب الشعب إليه في بداية حكمه للبلاد، كان يحب أن يرى الناس مسرورة وسعيدة وهو نوع من الدعاية بالنسبة له.
عرفت العيدية في ذلك الوقت باسم الرسوم أو التوسعة وكانت الدولة توزع النقود والهدايا وكسوة العيد على المواطنين ورجال الدولة كما كانت تهدي الدراهم الفضية للفقهاء وقراء القرآن الكريم.
في صباح يوم العيد كان الخليفة يخرج على الرعية الذين يأتون للقصر وينثر الدراهم والدنانير الذهبية عليهم.
ويقول الدكتور إبراهيم العناني عضو اتحاد المؤرخين العرب في دراسة تاريخية بعنوان “تاريخ العيدية عبر العصور” إن الفاطميين أطلقوا على عيد الفطر اسم “عيد الحلل” وذلك لأنهم كانوا يتولون مهمة كساء الشعب في هذا العيد وخصصوا لذلك 16 ألف دينار (عام 515 هجرياً) وخصصوا للكعك 20 ألف دينار وأنشأوا (دار الفطرة) وهي دار حكومية تولت صناعة الكعك وكان يعمل بها 100 عامل منذ شهر رجب حتى النصف من رمضان.
وفي بداية حكم الفاطميين كان هناك ازدهار اقتصادي واسع لكن العيدية بدأت تقل قيمتها بعد أن أصاب الدولة بعض الركود الاقتصادي.
العيدية في العصر المملوكي
تحولت العيدية ليصبح اسمها “الجامكية” وهو اصطلاح فارسي يعني العطية المادية وكانت تقدم على هيئة طبق به حلوى فاخرة ودنانير فضية أو ذهبية.
كان السلطان يقدمها إلى الأمراء وكبار رجال الجيش والدولة وتختلف قيمتها باختلاف رتبة الشخص ومكانته الاجتماعية.
كان السلطان يأمر أيضاً بذبح الأضاحي وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين وإقامة الموائد طوال أيام العيد، كما كانت توزع أكياس من الدراهم والدنانير على الناس وتصرف الكسوة للمحتاجين.
العيدية في العصر العثماني
صار تقديم العيدية يقتصر على الأطفال في صورة نقود بعد أن كان يتم تقديمها للأمراء ورجال الدولة والمواطنين.
وصار الأب والأم والأقارب بدورهم يمنحون الأطفال نقود العيدية الجديدة بعد صلاة العيد مباشرة.
وبعد ذلك، لم تعد العيدية تقتصر على الأطفال فقط، فقد صار الرجال يقدمونها لأمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم وبناتهم خلال زياراتهم ومعايداتهم في العيد.
والعيدية ليس لها قيمة محددة بل تختلف باختلاف الوضع المادي لكل شخص.
أتيكيت تقديم العيدية
يجب أن تكون النقود جديدة: تتلقى فروع البنوك العامة والخاصة، حصتها من النقود الجديدة استعداداً لتلبية طلبات العملاء لاستبدال النقود القديمة بالجديدة لتوزيع العيدية. لذلك احرص على أن تكون نقود العيدية جديدة.
يفضل أن تكون العيدية في صورة نقود: لا تستبدل العيدية بهدية حتى لا يشعر الطفل أنك فرضت هدية عليه، وإنما الأفضل أن تترك له الحرية ليتصرف في النقود ويشتري ما يريده من ألعاب وحلوى أو يدخر أمواله لشراء لعبة ثمينة يريدها على سبيل المثال.
أيضاً يفضل أن تكون العيدية على شكل نقود حتى تكون شيئاً خاصاً بالعيد يختلف عن الهدايا التي يمكن أن تقدم في مناسبات أخرى كأعياد الميلاد وعند النجاح وغير ذلك.
احرص على تقديم العيدية بشكل أنيق في ظرف ملون وشيك حتى تكون قيمتها معروفة فقط للشخص الذي أعطيتها إليه، إذا كنت لا تملك الكثير من الأموال فلا تتردد في تقديم عيدية رمزية فهي بلا شك لها قيمة معنوية أكثر من القيمة المادية.
إذا كنت لا تعرف الشخص فمن الممكن إعطاء أطفاله هدية أو حلويات وليس نقوداً.
العيدية واجب اجتماعي لا بد من رده، فإذا أعطى أحد الأشخاص لأولادك عيدية وهو غير متزوج أو ليس لديه أطفال فلا بد من رد ذلك بهدية عند زيارتك لمنزله.
من المهم تقديم هدية لوالدة الزوجة لتوطيد العلاقات الأسرية ويمكن أن تكون هدية شخصية أو هدية منزلية.
عيدية الخطيب تقدم أي ظرف شيك ومن الممكن أن تكون هدية بشرط أن تكون هدية خاصة بها وليست هدية منزلية.. يمكن أن يقدم لها عطر أو ساعة أو ذهب.
من المهم تقدير زوجتك وتقديم عيدية لها حتى ولو كانت وردة بسيطة فهي ستقدر ظروفك وسيسعدها كثيراً ما قدمته لأجلها.
إذا كانت ظروفك المادية تسمح فلا تنسَ تقديم عيدية بسيطة للفقراء والمحتاجين حتى تدخل البهجة والسرور عليهم في العيد.