لبنان في ظلام لن يطول..!
بقلم : العميد مُنذِر الايوبي*
هي البشرية ان استمرت ف لذات حرفين “أُم”، الخلقُ من رحمها والحب من لدنها، ما كان ثدياها الا ينبوع غذاء، دفء وحنان.. منها الدواء وقاية لا علاج اذ سُمي “اللبأ” Colostrum سائل غني بمضادات تقوي جهاز مناعة المولود.. بغريزة البقاء يبحث عن صدر امه، منها يرتشف اكسير الحياة لبن “السرسوب” المكنى بالذهبي..!
ثم رسم الطب خط البداية، مدة الرضاعة من ستة اشهر الى عامين، لكفي “الميكروبيوم” Microbiome “كائنات دقيقة تعيش في جسم الرضيع” ذات اختصاص مؤثر ايجابآ على وظائف الدماغ وتطور السلوكيات المعقدة، كما رَفع مستوى الذكاء لاحتواء المعادلة البيو-كيميائية الحيوية على حمض الدوكساهكساينويك” Docoahexaenoic acid، عنصر داعم لتكون الاغشية والقشرة المخية، ذو دور حيوي في آلية درء مرض “الزهايمر” Alzheimer’s …
تاليآ، دون الغرق في جاذبية علوم الاحياء Biologia، ابحار في السلوك السياسي المضطرب للجماعة اللبنانية توليفة محلية Synthesis جامعة بين الطريحة والنقيضة على مثال السياسة والدُعر..
واذ يقال “حليب السباع” فهو مشروب العَرَق عنصر اساسي على المائدة اللبنانية، كما صفة تطلق على الشجعان الفوارس رجال النخوة في قرى الجبل الاغر، يفتقد اليها الغالبية من مسؤولين اشباه (اللحيمية)- طيور ذات لحم دون ريش..! ومنهم بالاصل المتحولين من سبع الى “طِلي” خروف..!
اما قول هذا “لم يرضع حليب امه” فقصد صفة من دَرَجَ على سلوك سيء في حق الاحياء والاموات، اشباه ديدان العَلَقات الطفيلية Hirudo Medicinalis؛ استوطنت احشاء الدولة العميقة فيما لا خلاص منه، اداء مثير للريبة لا بل مؤكد الكفر في ازدواجية مريضة، قابلية انقلاب ذاتي او دوران نصف دائري معتاد على مواقف تُبَنت ونظريات اُطلقت.. اذ تعلموا مع الوقت ان حياتهم اتقان سياسة من نفاق لطالما كوفئوا عليها، تطويب تسيدهم الشأن العام مَرِ عقود مُرَة، مرد قناعة خداع شعب واظب على انتخابهم سيان إن لصدق سريرته او لحاجته او لخلفية انتماء مذهبي بغيض ..!
في الفجيعة، لون خط الدم النازف من مرفأ بيروت حُمرة الغسق، في رواية “كورماك مكارثي” Cormac McCarthy “خطيئة الدم” تماثل في حبكة الرواية، عصابة خارجة عن الدستور والقانون، تعاقدت مع السلطات المكسيكية لملاحقة الاهالي وقتلهم واستجلاب فروات رؤوسهم بدل اموالهم، غير ان العصابة توحشت اكثر واصبحت تقتل الجميع..
في الغابة ما هو ارقى واعدل، حليب اللبوة ترضعه اشبالها مع القوة والشجاعة والعنفوان.. الحاجة الى حكم الجهضم “الأسد ذو الجبين الواسع، والهامة المرتفعة” حاجة لحكم الحكيم، زئير يفرض العدالة وبراثن القضاء رادع .. في كتابه “شطرنج القوة” يقول “روبرت غرين” Robert Green ان “عالم السلطة يتحرك بآلية غابة فقدت مليكها “الاسد”، فيه من يعيشون بالصيد والقتل، وهناك أيضاً أعداد هائلة من المخلوقات كالضباع ونسور الجيف التي تعتاش من صيد الآخرين..!
في تأملات سنتين مضت شاعرية عن الاعماق الرهيبة للفساد البشري، ترتسم قصة وطن شوهت،، تزاوج ثلاثية جمال الطبيعة اعتدال المناخ والشعب الوادع الطموح مع غيمة الموت الصامتة.. لبنان في ظلام لن يطول..!
بيروت في 13.02.2022