لبناني أنت..!
بقلم العميد منذر الايوبي*
لبناني أنتَ..! في عيشك الحاضر بمآسيه و آلامه تَحضُرك مرارة الحياة مرارآ واليأس تكرارآ، فيما يحبو الامل متلمسآ نهوضآ امام عينيك باحثآ عن معبر خلاص؛ حافز مضي إلى الامام قُدّما على ضآلة ضمانات التحقق والإمكانات..! لا يمكن الارتهان الى الحاضر ولا الندم على الماضي.. اذ شغف الحياة استمرارية، دافع تجاوز، فرض قفز فوق الحواجز.. ان يكون العائق شاهقآ فالخيار على صعوبته لا مناص منه وللحظ دوره..!
في المراوحة غدو ورواح، نوع من أريحية استسلام يشوبه التردد.. لطالما تلا مسح الدموع ابتسامة ترنو الى المستقبل وهو في ثناياه ضامر كثير من مجهول؛ لكن الاستبصار ادق من التبصير اعادة ترتيب خصائص الموقف وفهمه، يبقى للعقل ان ينتقي..!
في التدوين كثير من ارتباط بين التابع والمتبوع إن نطق الأخير.! ووضاعة الحديث او ضحالته له التنقية والتحوير من الاول.! ما قد يحتويه من باطل او افتراء قصدآ ام سهوآ وجهلآ فسيان الَملام.. وللموطآت والمسانيد دور،، وفي المستدركات والمستخرجات فتاوى..!
اتت مدونة ١٧ تشرين كأسبقية حركية تحررية عفوية بالحبر الاحمر و مآقي العيون، تزاوج فيها عنصرين الاخلاص في الارادة والصواب في التفكير.. سريعآ وعلى مقلب الصفحة ذاتها تحولت بالحبر السري مزيجآ من تهم تخوين او عمالة وفي احسن الاحوال غباء ومصالح شخصية.. صارت القضية بعد الانتخابات النيابية مجرد رواية قصصية من سِيَّر، للقاصِ فيها دور تعديل او تحوير ومبالغة إن انتمى الى نسل الهلالي “ابو زيد”.. قد قال العرب المستعربة “الدُخلاء”: «سكة أبي زيد كلها مسالك» تدليلآ..!
تاليآ وخارجآ عن الترميز؛ اقدم الشعب اللبناني على خرق حدود اللياقة والعبودية الطائفية بشكل لا تخطأه العين معتبرآ نفسه ندآ للآلهة، فثار على نزقها وعجرفتها وفسادها لكنه لم يتفوق على مُكرِها، فكانت الانشطة عديمة الهدف او محال التحقق، رسومآ على جدران مدينة “دلفي” Delphi والاخيرة دمرها الاباطرة المسيحيين بعد ان كانت مركز العالم القديم Oracle عصور الاغريق..!
اللبنانيون يتعالون على الجراح رغم نزيف قاتل؛ صار رغيف الخبز والدواء ومصادر العيش الكريم معضلة تحصيل وحصول؛ واذا كان مال الناس للناس فما سُلِب جريمة لا غفران فيها..! لكن الامر المقيت ان لا توبة ربانية نصوحة او ارادية قنوعة لدى الساكنين فوق كما لا على محاسبة ذاتية ايجابية يجرؤون، كليهما (التوبة والمحاسبة) يرصفان مسار خيبة واقعية معنوية اشواكها مؤلمة لا بل قاتلة..! هؤلاء الذين امسكوا نواصي البلد عقودآ لا يجلدون ذواتهم، استمرارية سلوكيات بعيدة عن قيم غير متجردة، نزوع يرتقي ولا يرتوي من جلد الناس دون رحمة ..!
في شغف العامة بديهي حب الحياة، هو حق وواجب بغير منة احترام هبة الخالق.. في الشغف الفكري لا ظلمة بل ظلال المشاعر، ينبوع من تسامٍ والباقي ولع وحماس، رغبة لا تقاوم حد الاعجاب او الانجذاب، نزعة نفسية وهي امر عظيم..! التصاق الشغف بالعاطفة صدى تمازج احاسيس ورغبات، ادراكه بالعقل ضمان خير لا شر على اكتمال فضائل لا رذائل..! في اختيار العاطفة انعكاس تصرفات هي وعي لا اضطراب، قمة تذوقها بقاءها تحت السيطرة منع شرود الغريزة، والاخيرة في ضبطها تميز بشري عن سائر المخلوقات..!
في الغرابة نوع من خيال؛ مصطلح تعددي الابعاد والدلالات، غير قابل للتحديد او التعريف الدقيق نسبي اجمالآ، وفي التغرب عن وطن قهر نزوح او غصب رحيل..! المُستَغرَب ان المستعلين لم يرعووا او يفقدوا شهوة الفساد Lust of corruption توق غريب وشراهة غير عادية .. كف القانون والمحاسبة عقيم، لا نبتة علاجية ك “كف مريم” المعروفة بفلفل الراهب تثبط الشهوة الجنسية Anaphrodisiac وتضبط توازن الهرمونات..! اما شجرة العفة فبالرغم من اللا طهارة السياسية المستفحلة لم تُزرع سهوآ بجوار ارز الرب رغم الحاجة اليها ..!
لبناني أنت؛ أٰ من دولة ننشدها ترسم مناعة وطنية، وسياسات متوازنة متجردة متزنة الخطوات تدفع نحو حفظ سيادة، تقدم اقتصادي، تحسين عيش ونمط حياة..؟ أٰ مِن سلام داخلي نتمناه ونبلُغُه كي لا تنام الناس على الطُوى، عل الطَّي أَو الحِقْد يُطْوَى في القلب..؟ قد يتأخر يوم الحساب..! هم (لا يرغبون في سماع الحقيقة لأنهم لا يريدون ان تتحطم اوهامهم) ..! اهل البلد ينتظرون المحاسبة (ما لا يقتلنا يجعلنا أقوى)..! وكلا العبارتين للفيلسوف الالماني فريديريك نيتشه..!
بيروت في 19.07.2022