كارتيلات النفط ومافياته هم الدولة العميقة في لبنان.. وأركان السلطة موظفون لديهم
بقلم : عباس صالح*
أركان السلطة في لبنان وأدواتهم يشنفون آذاننا كل يوم، وكل عشية بإعلاناتهم عن مداهمات “ربما وهمية” لمحطات وخزاناتوقود مقفلة، وبالحديث عن إنجازاتهم العظيمة والقول بأنهم فتحوها واجبروا اصحابها على بيع محزونهم من الوقود للمواطنينونظموا المحاضر بحق التجار المخالفين وانتزعوا منهم التعهدات القاطعة بأنهم لن يكرروا عمليات الاحتكار … والخ.
والأنكى والاكثر استغراباً واستهجاناً، انهم يطلبون عبر الاعلام من كل مواطن ان يُبَلِّغ عن اي محطة وقود لا تبيع المحروقات،بالقول ان التبليغ يكفي ان يكون من خلال نشر الحالة – الشكوى على وسائل التواصل الاجتماعي !!!!
الى حد انهم يعملون على ايهامنا فعلاً بأن المحطات تبيع الوقود بشكل طبيعي وان الامور عادية جداً ، واذا كان هناك مناستثناء بين المحطات التي تحاول احتكار المحروقات فليتم التبليغ عنها لاجراء المقتضى بحقها!!!!
والواقع انهم انفسهم يعرفون والناس كلها تعرف وتعاني، والكون كله يشاهد ويعرف، وحتى الشمس تعرف والسماء تعرف انكل المحطات في لبنان مقفلة، وأن الاستثناء يكاد لا يذكر مع محطات وقود تنظم طوابير الذل بشكل يجعل المرء يفضل الجلوسفي منزله وعدم التحرك اذا كان الثمن انخراطه في طابور يستغرق ساعات وساعات من وقته، ويستنفذ اعصابه للحصول علىبضعة ليترات من البنزين وسواه .
فوق ذلك يأتيه النبأ عبر الراديو وهو في لجة الانتظار غالباً بأن السلطات على انواعها، دهمت وصادرت واجبرت المحطات علىفتح ابوابها امام الزبائن . والخ.
شيئ مقرف فعلاً، يجعل الانسان يكره العيش مع هذا النوع من الكذابين الذين وصلت بهم الصفاقة وقلة الحياء، والاستخفافبعقول المواطنين إلى حد انهم باتوا يظنون أن الكذب والايهام يمكنهم من جعل الناس تشكك بعقولها وعيونها!!!!
لقد وصلوا بالفعل الى درجات متقدمة جداً في الانحطاط الاخلاقي والانحلال القِيَمي، وباتوا يمارسون فجورهم وصفاقتهمعلى رؤوس الأشهاد، لا بل صاروا يتحدون عقولنا وكل حواسنا من خلال تكذيب عيوننا وآذاننا وإيهامنا بأن الدنيا بألف خير ،وأن الطوابير التي نراها بأمهات عيوننا ما هي الا أضغاث أحلام نراها في مناماتنا وأننا نعيش في كوكب آخر .
كنا نعرف منذ أمد بعيد أن المسؤولين في لبنان، على اختلاف مناصبهم ورتبهم، يعيشون على الكذب والدجل وبلف الناسوبطرق وقحة وفجة ومقرفة ومفضوحة دائماً…
لكننا في الآونة الأخيرة، بتنا نراهم يتفاخرون بكذبهم ودجلهم وصرنا كمن يشاهد مباريات حقيقية في ما بينهم حول منيتفوق بالكذب وقلة الاخلاق وانعدام الكرامة على الآخر. حيث نراهم يومياً بالبث الحي يمارسون أبشع أنواع الكذب الاسودوالاحتيال والدجل.
فلماذا كل هذا الاصرار على الكذب الأسود يا رجال السلطة واركانها؟
واذا كنتم بشراً حقيقيين ينبغي عليكم مصارحة الناس، على الاقل، وتسمية الاسباب والاشخاص الذين يتسببون بأزمةالمحروقات وحجبها عن الجمهور، والافصاح عن المعوقات الحقيقية التي تمنع الاجهزة القضائية والامنية والعسكرية من القيامبدورها الفعلي في تسطير المحاضر – عملياً وواقعاً وليس وهمياً – وإقفال المؤسسات المخالفة بالشمع الأحمر “الأصلي” بعيداًمن الخدع الحمراء، والتشدد بمعاقبتها كمنعها من مزاولة المهنة مجدداً، سواء كانت شركات استيراد محروقات او محطاتوقود ومصادرة كل صهريج يضبط في المناطق الحدودية وبيعه لصالح خزينة الدولة والى ما هنالك من إجراءات رادعة فعلياً ،كنتم بالطبع ستتخذونها وتمضون بها لولا انكم شركاء بالكامل مع عصابات المافيا، لا بل لولا انكم تشغلون تلك العصاباتلحسابكم.
هذا ما افصح عنه النائب جبران باسيل بشكل صريح في الجلسة الاخيرة للمجلس النيابي، وهو العارف بالخبايا والخفايا،بحكم موقعه الاقرب من قلب رئيس الجمهورية. وهو الامر الذي نصدقه فعلاً لأن أحداً لم يجرؤ حتى الان على نفيه او تكذيبه،ولم يقل لنا ما الذي يحدث سوى ذلك ويتسبب في الازمة الخانقة لاستمرار انقطاع المحروقات، رغم وصول البواخر وافراغهافي خزانات الشركات التي ابتزت الدول ووصلت الى مضاعفة الاسعار بطرق عكست مدى تحكم تلك الكارتيلات المافياويةبأركان الدولة قاطبة وسيطرتها على القرار الحقيقي في الاقتصاد اللبناني وبشكل كشف الامور على حقيقتها المرة وهي انتلك الشركات التي لا يتجاوز عددها أصابع اليدين تشكل فعلياً الدولة العميقة في لبنان ، وان أركان السلطة المعلَنين، في أعلىالمناصب والرتب عبارة عن موظفين لديهم ينفذون إملاءات الكارتيل النفطي وسواه بانصياع كامل وبكل إخلاص لأولياء النعمة.
هذا هو الحكم الثابت على كل أركان السلطة وأدواتهم، وسيبقى حكماً إلى الابد ما لم يخرج منهم من يقول لجبران باسيل : أنت مخطئ. وما لم تتحرك قوافل المفتشين من القضاء والجيش والاجهزة الامنية وموظفي البلديات في كل لبنان بلا استثناءلتسطر محاضر قاسية فعلاً ومن شأنها ان تردع أي شرير عن قطع الامدادات الحيوية على اختلافها، عن شعبه وأهله.
——————–
*رئيس تحرير “الدنيا نيوز”