كاترين الثانية ..!
بقلم ألعميد منذر ألأيوبي*
دقيقتين تقريبآ بَدَت أو لخصت دهرآ ، فترة إنتظار مقلق محرج قضاها ألرئيس ألتركي رجب طيب أردوغان والوفد ألمرافق في أحد صالونات قصر ألكرملين ألفخم قبل أن يستقبله ألرئيس ألروسي فلاديمير بوتين متجاهلآ ألبروتوكول .. على أرضية من مرمر وفيء جدران مذهبة حملت عبق ألتاريخ تأمل لوحات زيتية بأطر عاجية لكاترين ألثانية إمبراطورة روسيا القيصرية والقادة ألعسكريين ألروس “قائد أسطول ألبلطيق ألكسي أورلوف 1771 , أليكساندر سوفوروف ألكونت بيوتر روميانتسيف” وغيرهم … من ألذين خاضوا حروبآ جيوسياسية هزموا فيها جيوش ألسلطنة ألعثمانية تكرارآ بدءآ بحرب أستراهان 1568 – 1570 مرورآ بحرب موسكوف وصولآ إلى حرب ألقرم 1853 – 1856 إستعاد فيها ألرئيس أردوغان ذاكرة علاقة إستراتيجية باردة بألمطلق بين ألإمبراطورية و ألسلطنة مع ما تخللها من معارك كانت رسالة واضحة ألمغزى شكلآ و مضمونآ ..!
القمة الروسية – التركية تمت على مرحلتين ألأولى في جلسة مغلقة بين ألرئيس فلاديمير بوتين ونظيره ألتركي رجب طيب أردوغان وألثانية ضمت وفدي ألبلدين وعلى رأسهما وزيري ألخارجية وألدفاع لكل منهما ..! ميدان ألعمليات ألعسكرية و ألمواجهات في محافظة إدلب السورية هو ألقاسم ألمُشترك على طاولة ألمباحثات سواء لجهة ألتنازلات ألمطلوبة أو رزمة ألتفاهمات ألمرتجاة ..!
إستطرادآ ، تعتبر الحرب “الجيوسياسية” الجارية في نسختها ألجديدة ألحالية بين تركيا وروسيا امتدادآ تاريخيآ لحروب ألقرون من 15 حتى 18 ألقيصرية – ألعثمانية ذات الأبعاد ألإستراتيجية التاريخية في ألهيمنة على آسيا ألصغرى “ألبقعة ألجغرافية ألممتدة بين ألبحر ألمتوسط و ألبحر ألأحمر” و من جبال طوروس حتى ما بين ألنهرين و ما يجاورها من مدى حيوي متعدد ألطيف ..!
ألرئيس ألتركي حاول ألإستدراك في ألحِفاظ على ماء وجهه عبر تنازلات غير ظرفية تلبي مطالب موسكو فرضها ألسقوط ألسريع ألثاني ألمكرر لمدينة سراقب ألإستراتيجية بيد ألجيش ألسوري و حلفائه إضافَة إلى عدد ألضحايا ألمرتفع في صفوف ألجيش ألتركي 59 قتيلآ حتى الآن منذ بداية عملية “درع ألربيع” ألتي أطلقتها قيادة ألأركان ألتركية ضد ألجيش ألسوري ..!
من جهة أخرى ، ألتثبيت ألفعلي لوقف إطلاق ألنار ، حماية نقاط ألمراقبة ألتركية مع سحب بعضها وفقآ للمعطى ألجغرافي و تعهد عدم تشكيلها ملاذآ أو محطات دعم لوجستي للإرهابيين ، ألمنطقة ألآمنة و رغبة أنقرة بتوسيعها بما يسمح بإستيعاب ألموجة ألأخيرة من أللاجئين ، ألجيش ألسوري و خطة تقدمه لتحرير مناطق جديدة هي ما طرح على مسودة جدول أعمال ألتفاصيل ..
في سياق متصل ؛ قدم الرئيس بوتين تعازيه في جنود ألجيش ألتركي ألذين سقطوا في سوريا ؛ و من منطلق ثقافة إستخباراتية معهودة أبدى ليونة ملحوظة في مراعاة نظيره أردوغان خاصة إثر إنتفاضة بعض نواب ألبرلمان ألتركي ضده مؤخرآ خلال جلسة برلمانية صاخبة تخللها تشابك بألأيدي إعتراضآ على التدخل ألعسكري التركي في ألعمق ألسوري و ذلك عبر موافقته على تسيير دوريات مشتركة من ألشرطة ألعسكرية ألروسية و ألقوات ألتركية لا سيما على ألطريق ألدولي M-4 إعتبارآ من 15 آذار ألحالي ..!
إستطرادآ ؛ بدت ألنتائج ألمحققة مرتبطة ببنود اتفاق سوتشي و أستانا مع تَطوير أو تعديل بعض بنودهما في ترجمة عملية لواقع ألمَيدان ألمستجد ؛ إذ من ألملاحظ ألثابت أن ألقمة سجلت تراجعآ تركيآ في ألشروط بعد مراوغة لطالما أعتمدت لجهة ألإلتزام بألإتفاقيات قبل أن يفرض تنفيذها توالي متغيرات ألجبهات ..!
أما ألمحك ألحالي فهو مدى صمود هدنة أدلب في ظل عِدَة إنتهاكات سجلت مؤخرآ من قبل ألتنظيمات ألإرهابيَة سواءً كانت “بقبة باط” تركية أو بسبب “ضعف ألمونة” ،،؟ مع ألإشارة أن وفدآ عسكريآ روسيآ سيزور أنقرة أليوم “أمس ألأثنين” لوضع نَتائج ألقمة ألمتواضعة في تفاصيلها ألعملانية قيد ألتنفيذ و من ألمقرر أن يسمح للجيش ألتركي ألإشراف و حماية مسافة 6 Km من ألجهة ألشمالية للطريق ألدولي M4 بموازاة مسافة متساوية للشرطة ألروسية جنوبآ ..!
في سياق متصل ، يتنازع ألواقع ألتركي خيارات عدة متضاربة فمن جهة هنالك ضرورة لتوطيد ألتحالف مع روسيا ألإتحادية مما يفرض ألإذعان لرؤيتها ألإستراتيجية لجملة أسباب تحفظ ألمصالح ألتركية ألإقتصادية
و تحد تاليآ من خسائر ألجيش في سوريا ، توازيآ فإن ألعلاقة مع ألولايات ألمتحدة لأميركية و خيار ألإستناد اإليها أو ألإستفادة منها في لجم ألإندفاع ألروسي ألسوري ميدانيآ يقابله ألخشية من لعب اميركا ألورقة ألجيوسياسية ألإحتياطية عبر غض الطرف عن تأسيس نواة ألدولة ألكردية ألتي يشجع عليها كيان ألعدو بإعتبارها قاعدة متقدمة بوجه روسيا و تركيا في آن معآ ..!
على صعيد ألعلاقة مع ألإتحاد ألأوروبي يبدو أن دولتي بلغاريا و اليونان قررتا مواجهة و منع أللاجئين ألسوريين و غيرهم كَ ألطاجيك و ألتركمان من عبور ألحدود ألمشتركة مع تركيا مما يفقد ألرئيس أردوغان ألبطاقة ألحمراء ألتي كان يرفعها في وجه ألأوروبيين إبتزازآ للحصول على مبالغ مالية جديدة تضاف إلى 6 مليار دولار سبق و حصلت عليها أنقرة خلال ألفترة من عام 2016 حتى ألآن ؛ من هذا المنطلق وصل أردوغان إلى بروكسل للبحث مع ألمسؤولين ألأوروبيين ألوضع ألإنساني ألمتردي في إدلب إضافةً إلى طلبه ألعودة عن قرار منع دخول ألمهاجرين و أللاجئين أراضي ألدول ألأوروبية و ذلك إلتزامآ ببنود إتفاقية ألهجرة ألموقعة بين ألجانبين عام 2016 ..!
من جهة أخرى ، باتَ واضحآ أن تحولات شرق أوسطية مرتبطة بكل من ألواقع ألسوري بدءآ بتدخل حزب الله بالحديد و ألنار للدفاع عن ألنظام و بألتالي عن محور ألمقاومة ككل ، إستخراج ألثروة ألنفطية و ترسيم ألحدود ألبرية و ألبحرية مع ألعدو ألإسرائيلي ، ألعلاقات ألمأزومة مع دول ألخليج ألعربي إلخ .. هي حزمة عوامل تهدد ألإستقرار ألداخلي أللبناني و ألإنتظام ألسلس في ألعلاقات مع ألغرب و ألولايات المتحدة على نحو خاص إضافةً إلى ألتذبذب أو ألتردد في قرارات ألتعاون أو ألمعالجات ألمرتقبة مع ألمؤسسات ألمالية
و ألنقدية ألعالمية بألتزامن مع ألإنهيار ألإقتصادي و ألمالي و ألواقع ألمعيشي ألمتأزم ..! و إذا كان فيروس كورونا يتطور نحو نوعية أشد عدوانية فإن ألوطن ألضغير قد يكون للمرة ألأخيرة في عين ألعاصفة قبل ألتلاشي ألنهائي لِلطائف ألورقي و أرشيفه المخبوء في لوح محفوظ في ظل تضارب ألمصالح ألإستراتيجية للدول ألمؤثرة في ألإقليم ..!