قمة مجموعة ألسبع G-7 ..!
بِقَلَم العَميد مُنْذِر ألأيوبي *
“إن ألعَصر الذي يتسنى فيه لمجموعة من الدول الثرية أن تقرر وحدها مصير العالم قد بات غابرآ”، هذه العبارة تضمنتها كلمة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون التي ادلى بها امام الجمعية العامة للامم المتحدة في 25 ايلول 2018 كافية المدلولات عميقة ألفهم و المفهوم لما وصلت اليه العلاقات الدولية سواء عَلى المستوى ألإستراتيجي ألأعلى و الشامل أو على الصعيد الجيوسياسي ..!
هذه العبارة أيضآ لا تعكس تنازلآ أو مِنَةًمِن الدول الكبرى الغنية بمواردها أو القوية بإقتصادياتها أو ذات القدرات العسكرية الهائلة بل هي نِتاج صيرورة تطور الشعوب و الافكار الايديولوجية و القومية ، إذ لَم يعد حجم الدولة أو ضعف إمكاناتها أو صغر مساحتها الجغرافية أو ثقل وزنها السياسي ألمؤثر عائقآ في وضوح الرؤية عَلى شمولية مصير الكوكب و ألإنسانية جزءآ مِن مصفوفة حضارية متكاملة رفدتها التقنيات المتطورة و وسائل الاعلام كذلك ألأهم شبكات التواصل الاجتماعي بدعم وحصانة لا محدودة ..!
مِن جهة أُخرى ؛ ألسبت 30.05 الماضي و عَلى إرتفاع 28000 feet خلال عودة الرئيس الاميركي دونالد ترامب مِن ملكيته الخاصة “مارلاغو” Mar-a-Lago ولاية فلوريدا الى العاصمة واشنطن عَلى متن الطائرة الرئاسية AF-1 صرح للفريق الاعلامي المرافق “أن روسيا دولة ذات اهمية استراتيجية عالمية”..! لَم تأتِ هذه العبارة مصادفة بل ضمن سلوك ينتهجه ألرئيس مرتبط بالضرورة السياسية
و الاقتصادية و توازن القوى الدولي مقترحآ عودة روسيا إلى مجموعة الدول ألسبع G-7 ؛ علمآ انها استُبعدت منالمجموعة “G-8 سابقآ” عام 2014 إبانرئاسة باراك أوباما كرد مباشر إثر ضمها شبه جزيرة القرم (تافريدا بألروسية) ؛ و أيضآ بألتزامن مع قرار سيتخذه خلال ايام يقضي بتأجيل انعقاد قمة هذه المجموعة الدولية G-7 التي تضم أكثر الاقتصاديات تقدمآ في العالم الى شهر ايلول المقبل ألمفترض ان تستضيفها واشنطن عَبرَ حلقة البث الفيديوي المباشر أواخر شهر حزيران الحالي ..!
إستطرادآ ؛ لم يكن قَرار ألتأجيل عَلى خلفية وباء فيروس COVID 19 الذييجتاح الإنسانية و أودى بحياة اكثر مِن مليون شخص بينهم ما يزيد عن مئة الف مواطن اميركي حتى ألآن ؛ لكنه أي “قَرار ألتأجيل” يدخل ضمن الرؤية الاستراتيجية للرئيس الاميركي فيما يتعلق بالتجمع 7 الذي يمثل 50% مِن إقتصاد العالم و يضم كل مِن : فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية، المملكةالمتحدة، ألمانيا، اليابان، ايطاليا، كنداإضافة الى الاتحاد الأوروبي ، فهو يعتبر “ان هذه المجموعة باتَت قديمة للغاية في قدراتها و شكلها الحالي لا تعكس ما يجري في العالم عَلى النحو الملائم”..! و هو محق في ذلك ؛ مقتنعآ و معبرآ عن رأيه بضرورة تطوير صيغتها و توسيع قائمة الدول ألأعضاء لتشمل (روسيا، أستراليا، الهند، كوريا الجنوبية) ..!
السؤال هنا : ماذا عن الصين ..؟ و لماذا تَجاهُلها ..؟ في العلاقات السياسية الاميركية – الصينية “لا لون رمادي”..! أما علاقات تعاون إقتصادي وثيق أو حرب تجارية مفتوحة لكنها تبقى في كلا الحالتين العلاقات الاهم خلال القرن الحالي 21 فهي تحتل مكانة إستراتيجية لدى الدولتين رغم تعارض الايديولوجيات (ألرأسمالية و الاشتراكية) ؛ و إذ حَاوَلَ الرئيس ترامب دون جدوى فرض أسلوبه و مصطلحاته المكتسبة في عالم الاعمال معتمدآ سياسة إحتواء تقضي بتعديل الميزان التجاري بينهما عَبرَ فرضه رسومآ جمركية مرتفعة و أُخرى جديدة عَلى ألسلع ألصينية جاء جواب بكين صارمآ بإجراء مماثل طال اكثر مِن 128 منتج أميركي علمآ ان العجز التجاري هو لصالح الصين يبلغ حوالي 800 مليار دولار ..!
في سياق مُتَصل ؛ أتَى إنتشار وباء كورونا “ألقشة التي قصمت ظهر البعير” إذ رفع مِن منسوب العلاقات المتوترة حيث هاجم الرئيس ترامب بكين معتبرآ أنها أحتفظت أو تكتمت عن معلومات متعلقة باالفيروس و سرعة انتشاره ، ثُم أمر إدارته الانسحاب من منظمة الصحة الدولية WHO متهمآ إياها بألتواطؤ مع الصين في هذا الملف ..! كما طلب يوم الجمعة الماضي إنهاء المعاملة الأميركيةالخاصة لمنطقة هونغ كونغ ألإدارية و ذلك ردآ على قرار الصين فرض قانون جديدللأمن القومي في المستعمرة البريطانيةالسابقة معتبرآ هذا القانون وسيلة لإسكات المعارضة و تقييد الحريات ..! علمآ أن هونغ كونغ تتمتع بإستقلالية واسعة النطاق مع حرية التعبير و حيادية القضاء و ذلك ضمن مبدأ (دولة واحدة ؛ نظامان) The principle of one country and two systems ..!
في نتائج القمة ألمرتقبة ؛ أيآ يكن عديد أعضاء المجموعة G-7..8 etc .. فإن ألقصور ألمريع في تطبيق مقررات القمة السابقة التي عقدت في فرنسا العام الماضي و التي ركزت بناء لإقتراح ألإليزيه عَلى كيفية مكافحة أوجه “انعدام المساواة” في المصير و التعليم و الخدمات و الحريات العامة و العدالة الاجتماعية
كَ مسألة أولوية ملحة ينبغي إيجاد حلول لها و معالجتها بما يكفل إستعادة ثقة الشعوب بنظام الحوكمة الدولية Global Governance System أكد أن إلتزام الدول الاعضاء من الهشاشةِ بمكان مما يستدعي مستقبلآ إمتلاك مؤسسات الحوكمة كمحكمة العدل الدولية او البنك الدولي أوغيرها من المنظمات الدولية سلطة إلزام أو آلية إرغام محدودة بما يؤمن تسارعآ حيويآ مطلوبآ في استجابة الدول للمقررات ألمتخذة ..
خِتامَآ ، في ايلول القادم تصبح الانتخابات الرئاسية الاميركية قاب قوسين أو أدنى هذا ما سيدفع الرئيس الاميركي الى تسجيل نقاط هامة في القمة ليس أقلها نجاحه في توسيع المجموعة الدولية و زيادة عديد أعضاءها إضافة إلى مقاربة أوضح للمعايير الاستراتيجية ألتي تضبط إيقاع العلاقات الصينية – الاميركية
و رُبما بمساعدة قيصر الدولة ذات الأهمية الإستراتيجية العالمية – روسيا .. ..
بيروت في 01.06.2020