قصف العاصمة .. رسالة جوابية على مسودة التسوية الاميركية..!
بقلم العميد منذر الايوبي*
حفاة الاستقلال يمشون على رؤوس المسامير، نزوح لا مرد له او قضاء، بين خيم الشوارع ومراكز الإيواء شعب فقد كل شيء الا ثلاث كرامة وصمود، اما التضامن والتكافل بين اهل البلد فله حكايات حب ستروى مع الايام.. التحديات كبيرة والعبور الى بَّرِ تسوية تضمن على إستحالة بقاء انسحابآ لجيش العدو من مناطق التوغل مع وقف الاعمال العدائية دونه قراءة في التوقيت الانتخابي الاميركي حيث خط الطول الدولي المرجعي يمر عبر مرصد البيت الابيض، اما باريس فتحتفظ بتراثها الفلكي الخاص القاصر عن تغيير المنطقة الزمن-سياسية للقطب الكوكبي الاوحد..
في السياق، وطد جدول رحلات هوكشتاين على مثلث واشنطن-بيروت-تل ابيب، كما نتائج محادثاته مع نتنياهو ثقافة انتظار على إبتلاء، فيما الجولة الاخيرة عممت اجواء ترقب ايجابي مقرونآ بعبارة جديدة “تفاؤل حذر يتبدى في المدى المتوسط” دون اتفاق على وحدة قياس جبري للمَديَّات، ليكون معطى النتائج العملي قاصر عقيم..!
تاليآ، في سبر اغوار المحادثات لا ضرورة لمعرفة تفاصيل طالما بين المعلن الاعلامي والمضمر الديبلوماسي حقُ الأُمرة للكواليس، حيث مشروع التسوية بنقاطه المشتركة حظي من الجانب اللبناني بليونة ملموسة قابله تعنت رئيس حكومة العدو هدف اجهاض على حساب دمار وضحايا..!
في النقطة المفصلية للصراع تشبث نتنياهو برفض وقف العدوان على خلفية ثلاث: ان المدى الزمني مفتوح. ان هدنة الستين يومآ تسمح لحزب الله بإعادة تنظيم صفوفه مع تدعيم منظومة القيادة والسيطرة واللوجستية. اما ثالث الأثافي فمراده انتصار مكتمل فرض تغيير جذري للمعادلة اللبنانية سياسيآ داخليآ وخارجيآ. بالمقابل تقوم استراتيجية المقاومة على محددات صمود وتضحيات تتجاوز ما تعرضت له من نكسات، تفرض في الميدان ما يعيد الى القرار الاممي 1701 توازنه بعيدآ عن شروط تقارب استسلامآ..!
بداهةً، وعلى مؤشر مغادرة الوسيط الاميركي تل ابيب مباشرة الى واشنطن دون عودة إلى بيروت او تعريج على باريس اتت الرسالة الجوابية دموية في سطورها قصف جوي عنيف متصاعد شمل وسط العاصمة، ثَبَتت ان لا تقاطع ايجابي رغم تعديلات لبنانية أُدخلت على مسودة التسوية مقبولة اميركيآ وممنتجة على قناعة مزدوجة “انها الفرصة الاخيرة للتسوية في ظل ادارة الرئيس بايدن”..!
لا مناص من القول ان عمق الهاوية سحيق من منطلقات عدة:
-لا رئيس للجمهورية في هذه المرحلة والنظام باقٍ مقطوع الرأس إلى أجَّل وبالتالي دولة قاصرة..!
-القرار 1701 لم يعد كافيآ والتعديلات تشمل نشر الجيش اللبناني في نقاط محددة مسبقاً، مع تغيير في آليات عمل قوات الأمم المتحدة إضافة إلى تشكيل لجنة الإشراف والمراقبة..
-اقدام نتنياهو على دق اسفين سقوط الحل عبر اصرار معطوف على “إقرار لبناني مرفوض” بحرية عمل جيش العدو عند الاقتضاء..
-سعي إسرائيل للخروج منتصرة من هذه الحرب، وبالتالي فرض صياغة مستقبل المنطقة بطريقة او اخرى ضمن اطار المشروع الصهيوني والعقيدة التلمودية..!
أخيرآ؛ الصمت الدولي إزاء ما يرتكبه العدو من مجازر وتدمير مدعاة تساؤل، كذلك اطفاء جذوة المظاهرات والحركات التضامنية في دول الغرب الاوروبي ما يضفي على المشهد ريبة المؤامرة، في ادواتها سحق المقاومة واشعال الفتنة الداخلية، وفي ابعادها الاساس إزاحة لبنان عن دوره الرسالي، اخراج ايران من شرق المتوسط وهيمنة اسرائيل على كامل الاقليم بالترادف مع اطلاق مسار التطبيع العربي مجددآ..!
*عميد متقاعد، مختص في الشؤون الامنية والاستراتيجية
طرابلس في 23.11.2024