في الكونغو لا يغتصبون النساء بدافع جنسي .. بل لسبب آخر
“الدنيا نيوز” – نور ابراهيم
——————————
أكاديمي ليبي، كتب ما روى له أكاديمي من الكونغو ، فقال؛
أتيت في صباح أحد الأيام بعامل أفريقي لينظف لي سطح بيتي، واتضح لي فيما بعد إنه أستاذ مساعد في الجامعة بالعاصمة الكونغولية “كينشاسا” ، أكمل شغله معي وفي طريق عودتي به إلى جزيرة دوران “سيدي يونس” جلسنا نتحدث فقال لي :
– بلادي الكونغو كانت ولازالت مستعمرة بلجيكية في وسط إفريقيا ، وتمتلك من هبات السماء، غابات وذهب وماس ومعادن وثروات تدخل في كل شيء من شاشات هاتفك المحمول إلى أسلاك الطائرات في القوات الجوية التي تضرب الآن في بلادكم.
– ثم سألني إن كنت أعرف أن تسعة ملايين إنسان قتلوا في بلاده في خلال الأربعين سنة الأخيرة، وحين أجبته بالنفي، قال :
– مَن يملك الإعلام العالمي هو مَن يقتل البشر هناك ولهذا لن تسمع ..!!
– سألته عن دور بلجيكا في بلاده ..
فقال لي : ليست هناك دولة واحدة تسيطر على الكونغو.
العالم كله يسيطر علينا، وكلٌ حسب إمكانياته ، أميركا بالطبع لها حصة الأسد لأنها دولة عظمى.
كذلك فرنسا وبريطانيا والصين وبلجيكا كلهم يستثمرون في موتنا، لأنه لم يعد لدينا حكومة مركزية.
– لن يأتي إلينا دعاة السلام ولا حقوق الإنسان رغم اغتصاب نصف مليون امرأة.
– الرجل الذي تغتصب زوجته لن يستطيع أن ينظر في وجهها خجلاً من عدم قدرته على حمايتها وهي لن تنظر إليه خجلاً من وعدها له بالوفاء ..
ثم استطرد قائلاً: صدقني إنهم لا يغتصبون النساء بسبب رغبة جنسية بل لأن الاغتصاب أفضل سلاح لإحداث شرخ بين الأهل ، والوسيلة الأنجح للتشتت الأسري ..
– سألته : ماذا جاء به إلى ليبيا ..؟
فقال: ميليشياتهم اغتصبوا زوجتي أمامي ، ثم قتلوا أبي وبعدها رموا أطفالي في بئر مزرعتي وربطوني عند حافة هذا البئر لأيام حتى يجبروني على سماع صراخهم وأنا أحاول أن أطمئنهم ولكنهم سكتوا عن الحياة واحداً تلو الآخر ، كم تمنيت أن أستمر في سماع هذا الصراخ لسنوات حتى يأتي مَن يُنقذهم ، ولكن كلهم سكتوا ..!!
– سكتتُّ أنا أيضاً ، فقال:
– حين يكون هناك عدد كبير من المليشيات والشركات والدول والسياسيين الذين يريدون حصة منك ومن أرضك وثروة بلادك (كما يحدث في بلادكم ليبيا الآن) لن تستطيع أبداً أن تبقى دولة واحدة بقانون واحد ومؤسسات قضائية واحدة ، لأن الدولة الواحدة ستبرم عقوداً مع دول أو شركات أخرى، تتنازل فيها عن جزء من ثروتها لقاء حمايتها وحماية أمنها !!
– هناك مئات الجهات التي تريد بعض الذهب أو الماس من الكونغو وكل واحدة منها تملك عصابة وميليشيا ..
– نحن الذين نُحدث الكابوس المُعتم في بلادنا التي تشبه الجنة ..!!
– ودعته وشكرته بعد أن أوصلته ..
– عاد للجلوس مع رفاقه في انتظار لقمة عيش جديدة مع زبون آخر ..!!
– فكرت ببلادنا وكيف أنها تتشظى وتتشرذم ، لأن كل جهة تريد حصة من ثرواتها، ولأن مَن يصنع المال في مكان ما، يصنع معه تشرّدا ودمارا وجمودا ومشاكل مستقبليّة في مكان آخر..!!
– تذكرت شيئاً كنت أفكر به منذ أسابيع .. تذكرت كيف أننا انقسمنا إلى أجزاء.
– جزء يتصور أن الخلاص لن يتحقق إلا بالالتزام المطلق بالدين كما يفهمه هو ..!!
– وجزء آخر يتصور إن المشاكل التي نعاني منها لن تنتهي إن لم نقضِ على الدين ، أو نفصله عن الدولة ..!!
– ضحكت في وسط أمنية ذلك الإنسان الكونغولي الجميل بأن يسمع صراخ أطفاله من جديد .. !!
– ضحكت لأنني عرفت كم نحن ضحايا .. ضحايا وحمقى ..!
– هذا العامل الأفريقي جعلني أُعيد ترتيب مفاهيم حياتي الوطنية والفكرية والعقائدية وأنا أقول :
هذا مايحدث في بلدي – فهل لأهل بلدي أن يعوا ذلك؟
“لا رحم الله من يضحي ببلده ووطنه وعرضه لأجل حفنة مال أو جاه أو منصب”.