فاكهة القاعدة … ISIS Fruit..!
بِقَلَم ألعَميد مُنْذِر ألأيوبي*
يُعتَبَر ميناء “مَصْراته” ألليبي ألبَوابَة ألأوسَع لِلتجارة ألليبية و يَبلُغ مُتَوسِط عَدَد السُفُن التي تَرسو في الميناء حوالي 80 باخرة شهرياً، و تَختَلف نَوعياتَها بَين سُفُن بضائع، سُفُن حاويات، سُفُن حُبوب، سُفُن نَفْطيَة تُوَرِد شُحْنات الغَاز والبنزين وغَيرها.
بِتاريخ ١٣ كانون ألثاني ٢٠١٨ تَلَقَى رئيس مَجلس إدارة ميناء “مصراته” الليبي إشعارآ بِمَوعد رَسو ألباخِرَة ألتُركية “أندروميدا” ألتي تَحمِل عَلَم تَنزانيا و ألقادِمَة مِن ميناء “مرسين” ألتركي دُونَ أن يَتَضَمَن ألإشعار أية تَفاصيل أُخرى ، و بِوصول ألباخِرة إلى قِبالة ألسواحل أليونانية أُوُقِفَت مِن قِبَل خَفر السواحل في جَزيرة “كريت” Crete و تَمَ إحتِجازها و سَوقها مع بَحارتها إلى ميناء “بيريوس” Piraeus أليوناني بَعدَ تَفتيشَها حَيثُ تَبَيَنَ أنَها مُحَمَلَة بِمواد أوَليَة “نيترات ألأمونيوم” Ammonium Nitrate ألمُخَصَصة لِتَصنيع المُتَفَجِرات والألغَام بِحُمولَة تَصِل إلى حوالي 410 أطنان تَقريبآ مُوَضَبَة داخِل ٢٩ حاويَة …
مِن ناحيَةٍ ثانيَة ،، في مُنتَصَف ألشَهر ألحالي أوقَفت ألبَحرية ألليبيَة ألسَفينة “إسبرانزا” BF Esperanza ألتي إنطَلَقَت بتاريخ ٢٥ تشرين ألثاني ألمُنصَرِم مِن ميناء “مَرسين” Mersin جَنوب تُركيا وَ وجَهَتها ألسواحِل ألليبية حَيثُ ضُبِطَت حُمولَتها البالِغة حَوالي ألألف طُن مِن ألأسلِحَة و ألذخائر و ألمُتَفجِرات تَحتَ سِتار “مواد بناء” ، كَما تَبينَ أنَ مُجمَل ألأسلِحَة ألمَضبوطَة مُصَنعَة في تركيا من قِبَل شركتي Relay و Zoraki .
ألسؤال ألبَديهي ألمَطروح ، ماذا تُريد تُركيا من ليبيا ؟
هَل ألسُلُطات ألتركية على عِلم بِألعَمَلية ؟ هَل تَكرار ضَبط سُفُن السِلاح المُتَجِهَة من تركيا إلى ليبيا مَحضُ صُدفَة ؟ مَن هو ألمُوَرِد ؟ مَصْدَر ألأسلِحة ؟ مَصدَر ألتَمويل ؟ هَل إسبيرنزا و أندروميدا اللَتان ضُبِطَتا هُما كُل ما أُرسِلٍ مِن تُركيا ؟ إضافةً إلى جُملَة أسئِلَة أُخرى تُطرَح سَواءً عَلى خَلفيَة سياسية أو قَضائية جَزائية بَحتَة ..
لا شَك أنَ ألعَبَث بأمنِ ليبيا و إستقرارِ ألمَغرِب ألعَرَبي ليسَ وَليد ألساعة كما أنَه ليسَ صَنيع جِهَة بِمفُرَدها فألأمور بَدأت بِالتَدحرُج و ألانفِلات نَحوَ ألحروب ألأهليَة ألقَبلية و ألعَشائرية مُنذُ بِدايات ألرَبيع ألعَرَبي و سُقوط ألنِظام ألليبي في حِينه مِما أهَلَهَا لِتَكون سَاحَة صِراع و تَمَدُد نُفوذ ..
كَما أنَه مِن غَير ِألجائِز في هذا ألمَلَف تَجاهُل ألنَزعَة ألكولونيالية Colonialism لِمُحاولة ألتَوَسع ألتركي نَحوَ أفريقيا مِن ألبَوابَة ألليبية ألهَشَة بِدَلالة ما يَحصَل ، فَخُروج السُفن ألتركية ألمُحَملة بالأسلحة و الذخائر و المتفجرات مِن ميناء “مرسين” نَحوَ ألشواطيء الأفريقية و الليبية تَحديدآ لا يُمكِن أن يَتِم غفلةً في بَلَدٍ مَمسوك أمنيآ و إستخباراتيآ ك تُركيا سَواءً كانَ ذَلِكَ عَبرَ تَواطؤ أجهِزَة ألأمن و الجَمارك مع المَُورِدين أو عَن عَدَم إحتِراف و إستِرخاء أمني مُستَبعَد حَتمَآ ..
يَظهَر جَليَآ بألإستِنتاج كَما مِن سِياق التَحقيقات أنَ ألجِهَة ألتي تَلَقَت أو سَتَتلقى ألأسلِحة هي من ألجَماعات ألإسلامية الدائِرة في ألفَلَك ألإيديولوجي للإسلام ألسياسي ألمُتَطرِف ألَتي ما انفَكَت تَعمَل على تَعميق حَالَة ألفوضى ألأمنية و تُشكل خَطرآ بَالِغَآ عَلى مَسار التَسوية ألتي يَعْمَل عَليها مَبعوث ألأُمم ألمُتحدة إلى ليبيا ألوَزير أللبناني ألأسْبَق غسان سلامة ألذي عَلَق على ألحادِثة بأن “ليبيا بِحاجَة للأمن و السلام لا لِلصواعق و ألمُتَفجرات”…
مِن جِهَةٍ أُخرى ،، لَيسَ خافيَآ أنَ هَكذا عَمليات لا تُنَفَذ مِن خِلال ألأجهِزة العَسكرية مُباشَرَةً ، بَل عَبرَ جِهاتٍ غٍير حُكوميَة و مُنَظمات إجرامِيَة تَعمَل بِرعاية قوى نافذة في ألسلطة ، مما يدعم فرضية رعايَة السُلُطات التركية أو جِزءٌ مِنها لهذِه العمليات ضِمنَ إستراتيجيتها بالهَيمَنَة و إنشاء مَناطِق نُفوذ تؤَمِن مَصالحها و طموحاتها ،، و يَتم ذَلِكَ في ألمَبدَأ عَبرَ أحَد أو مَجموع ألأقانيم ألثلاثة : تَحالفات سياسية و إقتصادية و تجارية ،، قَواعِد عَسكرية تَنتشِر خَارِج ألحُدود ،، عَمَليات إستخباراتية تَكتيَة تَضْمَن تَحقيق ألأهداف ألمَطلوبة ..
في سياقٍ مُتَصِل ،، لا يُمكِن تَجاهُل حِلم إستعادَة ألإمبراطورية ألعثمانية و هو أمر راسِخ في وِجدان ألرئيس ألتركي رجب طيب أردوغان ألذي ما فَتيء يَسعى إلى تَتبيت حُضور بِلادِه اقليميآ و على مُستَوى الشرق الأوسط بِدَعمٍ من الولايات المتحدة الأمريكية التي تَعتبر تركيا نَموذَجَا للإسلام الليبرالي المُعتَدل ، وأحد أهم مُرتكزات تَحقيق مَصالِحها في المَنطقة ..
بألتَوازي ،، فان قيام آردوغان بأكثر من ٢٣ زيارة رسمية لِبُلدان ألقارة ألأفريقية ناسِجَآ معها علاقات ديبلوماسية مُتَقدِمَة ، و تَركيز ٤٤ سفارة في دُوَلِها ألمُختلفة مؤشرٌ على ألأهَمية ألتي تُوليها أنقرة للقارة ألسَمراء ،، إضافةً إلى كَونها رِسالة مُوَجهة إلى ألقوى ألإقليمية و ألإستعمارية ألتَقليدية “فرنسا – أميركا” تؤكد مِن خِلالها قُدرَتها على ألمُنافَسة و ألتَموضع في ظِل هَشاشة ألأوضاع ألإقتصادية و ألإجتماعية ألمَعيشية ..
السُلُطات الليبية تُتابع تَحقيقاتها و هي تؤكِد أن شُحنات الأسلِحَة و المُتفجرات مُرسَلَة لِدَعم فَصائل إسلامية مُتَشدِدة و مُتَطرفة مُسَلَحة و أطراف سياسية تَنتَهِج العُنف السياسي بِهَدَف تَحويل ليبيا مَلاذآ آمِنَآ للتنظيمات ألإرهابيَة و هذَا ما لا يُمكِن قُبولَه إذ أنَهُ يُعيق التَحَول السياسي الديمُقراطي في ألمَرحَلة ألأنتقَاليَة كما أنه يُؤذي و يُمَزِق ألمُصالَحَة ألوَطَنيَة ألشامِلَة .. إثْرَ ذَلك إعتَبَرَت أللَجنة الدَولية لِحقوق ألإنسان ألتَدَخُلات ألتُركية في ليبيا إنتهاكَآ صَارِخَآ لِلمواثيق الدَولية و مِيثاق ألأُمَم المُتحدة .
أخيرَآ لا بُدَ مِن العَودَة إلى عُنوان ألمَقال ألمُتَصِل ، فَمادة نيترات ألأمونيوم NH4NO3 هي ألمادَة المُفَضَلَة في عَمَليات ألتَفجير ألإرهابية ألتي تُنَفِذُها ألتَنظيمات ألجِهادية و ألمُتَطرِِفَة بَعدَ خَلطها بِمواد كيمائية أُخرى و يُطلَق عَلَيها تَوصيف ( فَاكِهَة ألقاعِدَة ) ISIS Fruit نَظَرَآ لِصُعوبَة حَظرها و سُهولَة الوصول إليها بِسَبَب إستخدامِها في ألأسْمِدَة ألزراعيَة ..!
مع ألإصْرار على عَدَم تَذَوق “فاكهة ألأرهاب” و ضَرب زارِعيه ،، لَكُم ألتَمنيات بميلادٍ مَجيد و سَنَة جَديدة مُبارَكَة تَحمِل الخَير و ألطَمَأنينَة و ألسَلام لِلُبنانِيين …