عبد الرحمن منيف (2)
الدنيا نيوز – دانيا يوسف
بعد إسقاط جنسيته السعودية وسحب جواز سفره، وجد عبد الرحمن منيف نفسه وسط دوامة من الإبعاد والنفي. وعاد إلى الترحال والتنقل، فنجده يتنقل من بلدة إلى بلدة، ومن قطر إلى آخر، إما مبعدا أو منفيا، لكنه ظل متمسكا بما يؤمن به من أفكار وما يعتمل داخله من آمال وأحلام. ووسط التنقل والرحيل ووسط المشاق التي يخوض غمارها فاجأ الجميع بإصدار روايته الأولى “الأشجار واغتيال مرزوق” عام 1973، وكان هذا الحدث إيذانا بميلاد روائي كبير كان له أثره الواضح على طريق الرواية العربية الحديثة. هل تحدثني قليلا عن تجربتك الروائية؟ “بكل سرور… الرواية بالنسبة الي هي عالمي والرئة التي أتنفس بها ووسيلتي في مخاطبة الاخرين. وربما كان صحيحا أنها هي التي اختارتني لا العكس. والآن بعد أن أصبحت هي كل شيء لي بدأت أكتشف فيها جوانب كبيرة وخطيرة شديدة التأثير ويمكن أن تساهم في تغيير معالم الحياة التي نعيشها لأنها تمثّل الرؤية الشاملة،الكشف الجارح، الخيبات الكبرى، التحريض العميق. وبالتالي فانها تهيئ امكانية لعملية التغيير تفوق امكانية وسائل التغيير الأخرى.”
اذا الأدب كان الهواية التي غيّر من خلالها عبد الرحمن منيف أدواته في مواجهة الحياة. فهل هجر السياسة وتقوقع في بوتقة الأدب متخليا عن قناعاته السياسية؟ “لا أذيع سرا اذا قلت أن هزيمة 1967 هي التي جعلتني أتوجه للرواية ليس كوسيلة للهروب وانما كوسيلة للمواجهة. فقد كان للهزيمة تأثير في روحي لا يمكن أن أنساه:عالم عربي بهذا الاتساع وبهذه الامكانيات، وأيضا بهذا الكم الهائل من الشعارات يتساقط ويهوي. قلت لنفسي:هناك خلل كبير في الحياة العربية ولا بدّ من اكتشاف هذا الخلل وفضحه أيضا. وربما تكون الوسيلة الأساسية الرواية واعتبرتها طريقي في الوصول الى ما أريد.”
القمع والاضطهاد شكّلا حيزا كبيرا في أعمال عبد الرحمن منيف لا سيما الثلاثة الأولى منها: “الأشجار واغتيال مرزوق”، “شرق المتوسط”، “قصة حب مجوسية”.
أحدثت روايته “شرق المتوسط” ضجة كبرى بين أوساط القراء العرب أثناء صدورها واعتبرت هذه الرواية من بواكير الروايات العربية التي تناولت موضوع السجن السياسي وما يمارس فيه من أساليب التعذيب. لكن عددا كبيرا من النقاد والقراء اعتبروا روايته “مدن الملح” في الصدارة من اعماله الروائية. لماذا اكتسبت مدن الملح كل تلك الأهمية؟
في الجزء الثالث : (مدن الملح او مدن النفط؟)