ضريبة الكربون … L’ impot Carbon
بقلم ألعميد منذر ألأيوبي*
قَتيلان و حوالي ستمائة جَريح من ألفرنسيين ألمُحتجين سَقَطوا نتيجة ألتظاهرات و ألإعتصامات ألتي عَمَت مختلف أرجاء فرنسا وألأراضي التابعة لها في الخارج Outre – Mer و ذلك رفضآ لزيادة ألضرائب على ألوقود ألنفطي .. ما يُسمى حركة “ألسُترات ألصفراء” Mouvement des Gilets Jaunes نسبةً إلى ألسُترات الفوسفورية “ألتي يَفرض القانون الفرنسي وجودها مع سائقي ألسيارات” أطلقت هذه ألإحتجاجات منذ حوالي ألأسبوع تقريبآ و لم تهدأ أو تتوقف بَعد ، إذ حُدِد ألأول من الشهر القادم موعدآ لِلتحرك ألإحتجاجي ألثالث ،، هذه ألتحركات تخللها أعتداءات على ألأملاك ألعامة و أعمال عُنف أدت إلى مواجهات دموية مع عناصر مكافحة ألشغب التابعة للشرطة ألفرنسية Police National ألتي عُزِزَت لاحقآ بوحدات ألدرك Gendarmerie إثر مُحاولة ألمتظاهرين التوجه إلى ألمُربع الذهبي حيث مقر الرئاسة الفرنسية Palais Elysee و مجلسي ألنواب و ألشيوخ Senat و مقر ألحكومة Palais Bourbon … و إذ شكر ألرئيس ألفرنسي القوى ألأمنية على شجاعتها و إحترافها عَابَ على من أساء إليها بعد أن بلغ عدد ألموقوفين ١٣٠ شخصآ بينهم ٤٢ من مُشاغبي ألعاصمة ..
ألأسباب ألمُعلَنة و ألمَعروفة لهذه ألإحتجاجات ألغَير مَسبوقة تَتَمَثل أولآ بزيادة قيمة الضريبة على ألمشتقات النفطية “ديزل-بنزين” ، بِهدُف ألحَث على نَقلة نوعية و بُنيَوية بإتجاه الطاقة ألنظيفة عَبر تشجيع ألمواطنين إستخذام وسائل النقل ألأكثر موائمة مع ألبيئة و تأمين حوافز لِشراء السيارات الكهربائية ،، كما يضاف إلى هذا السَبَب جملة أسبابٌ أخرى تراكُميَة منها تَدهور الوضع المعيشي ،، تراجع القدرة الشرائية ،، تعديل أنظمة ألتوظيف و ألتقاعد ،، إنخفاض فُرص ألعمل ،، إصدار قرارات تُفقِد ألكثير من ألعمال و ألأجراء بعض أمتيازات مالية ، صحية و إجتماعية ،، بالتزامُن و في خطوة لها تَبِعات مُقلِقَة أُلغيَت ألضرائب على ألثروات بِحجة تَحفيز أصحابها على ألإستثمار في ألإقتصاد ألفرنسي .
كُل هذه ألاجراءات و ألتدابير عُمِلَ بِها أو طُبِقَت بِموجب مراسيم حُكومية و وزارية دون أللجوء إلى ألبرلمان لِتَصدر بقوانين أُصولَآ مما زاد ألنقمة … ألقضية إذن كَشَمسِ ألمُنتَصَف عُنوانها ألعريض غياب ألعدالة ألاجتماعية لِصالح ألطبقة ألغنية على حِساب ألطبقتين ألفقيرة و ألمتوسطة …
لا يبدو أن هذه ألأسباب فَقَط على أهميتها هي ألتي دَفَعت المواطنين إلى ألتوافُد من غرب و جنوب فرنسا إلى ألعاصمة لِلمُشاركة في تظاهرات ما عُرِف بالسبت ألأسود و الذي تكرر أول من أمس لا سيما أنَه مَضى على صدور هذه ألقرارات اكثر من سنة -“تشرين ألأول ٢٠١٧”…!
في نظرة تحليلية “شريرة” ،، مُخابراتية رُبَما ، يُصبح ألأمر مختلفآ و قراءة ألقضية و ألمُعطيات في بُعدِ آخر ..!
نَجَحَ ألرئيس ألفرنسي إيمانويل ماكرون في جعل باريس عاصمة ألعالم على مدى يومين مُتتاليين ١١ و ١٢ من ألشهر ألحالي من خلال تواجد سبعون رئيس دولة في ألأحتفال الذي دعا إليه بمناسبة مئوية ألحرب ألعالمية ألأولى ،، و رُغم كثافة أللقاءات ألجانبية بين قادة الدول سواء ألعلنية منها أو في الكواليس إلا أن ما تَصَدَر ألحَدَث يومها كان إقتراح الرئيس ماكرون إنشاء جيش ألإتحاد ألأوروبي و الرَد القاسي عليه من الرئيس ألأميركي دونالد ترامب الذي إعتبر ألإقتراح “إهانة للولايات ألمتحدة ألأميركية” مطالبآ ألدول ألأوروبية بتسديد حِصتها و رفع قيمة مشاركتها في ميزانية حلف شمال ألأطلسي NATO .
لَم يَمضِ أسبوع على تلك ألإحتفالية ألمئوية حتى بدأت ألإحتجاجات ألعُنفية “ألرَد Respond” – ضمن سياق نظرية ألمؤامرة – و أرتفعت وتيرتها بتزايد أعداد ألمشاركين و تصاعد أعمال ألشَغَب مما بَدَد إنجاز العاصمة ألفرنسية و حولها ساحة عصيان و فوضى لا سيما أحد أرقى و أجمل شوارعها ألشانزليزيه ،،
رُغم عدم وجود مسؤولين عن ألتظاهرات للتنسيق و ألتفاوض معهم من قِبَل ألأمن ألفرنسي كما يحصل عادة و عدم إرتباط هذه ألإحتجاجات بأحزاب سياسية أو نقابات فقد كان لافتآ مُناداة ألمتظاهرين بِإسقاط ألرئيس ألفرنسي و تقديم إستقالته ..!
وزير الداخلية ألفرنسية Christophe Castaner أعلن ان ألمتظاهرين ألمُشاغبين بِمُعظمهم يَنتَمون إلى أليمين ألمُتطرف و مُحيطه ، و أيَدَه ماكرون في إتهامه “ألجمهوريين – أليمين ألمعارض” بتحريك ألمظاهرات كما ألتحريض عليها و تأجيج ألنزاع من أجل إسقاط برنامجه ألإصلاحي أو عرقلته على ألأقل رُغمَ نَفي رئيسة حزب ألتجمع ألوطني أليميني ألمُتَطَرف ماري لوبان ذلك ..!
إذن ضريبة ألكربون Carbon Tax “ألمحروقات” هي السبب ألآني ألمُباشر لِما يَحصَل ،، ماكرون في ألمأزق ،، فألعودة عن قراراته سُقوط سياسي و ألإصرار عليها كارثي !! و ألسؤال هل ما يحصل رَدٌ على “ألإهانة” حَقَآ ؟؟ أم أن ألوقود بدأ يحترق في نفوس ألفرنسيين كما في ألمُكَربِن Carburetor ..
*كاتب و محلل في ألشؤون ألأمنية و ألإستراتيجية.