صحافة الموبايل والعلاج بالصدمة …
بقلم: رانيا هارون محمد *
أحدثت صحافة الموبايل نقلة نوعية في تغطية الأحداث ، كما لعب الموبايل الدور الأول في الحشد والتنسيق والتعبئة والتوثيق والإعلام عبر منصات التواصل إبان الثورة السودانية ومن قبلها الثورة المصرية ها هو الآن يتسيد الموقف في الأحداث الأمريكية، النقل المباشر للأحداث يضع العالم في مواجهة بين النظري والعملي في ما يتعلق بالحريات والحقوق .متابعة المقاطع المنقولة عبر الموبايل لما يحدث في الولايات المتحدة تعكس لنا الغايات التي نادى بها الاعلان العالمي لحقوق الإنسان حريات وحقوق قرأنا كيف اعترف بها الدستور الأمريكي قبل أكثر من مئتي عام من قبل قيام الأمم المتحدة مظلة النظام الدولي لحقوق الانسان لكن احداثا متتابعة تثبت بأن التقدم الاقتصادي أو التكنولوجي ليس وحده كافيا للتدليل على احترامه الكرامة الإنسانية للأفراد بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم أو لونهم أو دينهم أو لغتهم أو رأيهم السياسي أو غير السياسي..
فُتنا نحن في دول العالم الثالث بالحريات المزعومة في العالم الأول وظلت هي المرجع والدليل طالما يصلنا منها ذاك الوجه المثالي ذو المساحيق لكن عند مشاهدة ما يحدث وما تنقله كاميرا الموبايل التي يحملها المواطن الذي من الممكن ان يكون شاهد للحدث أو جزء منه أو ربما الجاني نفسه كما في حالة حادثة نيوزيلندا الشهيرة حيث قام الجاني بتصوير الحدث وفي السودان في مجزرة فض الإعتصام عدد مقدر مما بث عبر وسائل التواصل تم تصويره من قبل الجناة المشاركين في المجزرة أنفسهم بهذا نتأكد أن العالم في مواجهة حقائق جديدة وصادمة ليس بالضرورة ان تكون بمعايير التصوير المتخصصة ولا بكل ما درسناه وطبقناه في الإعلام التقليدي اهم عنصر هو المصداقية والتي تتأتى من النقل المباشر الذي أتاح للعالم مشاهدة وقائع جرائم كانت الآلاف منها يتم في الخفاء وكيف قادت هذه المشاهد الصادمة لردود فعل شعبية ضخمة مثل حملة (I can’t breathe ) الأمريكية القائمة الآن .
إن صحافة الموبايل بهذه النقلة وفرت عناصر مهمة تتمثل في بناء مستوى رقابة الأفراد فيما يجري حولهم من أحداث وقدمت للعالم مبادرة المواطن الصحفي، كما لفتت انتباه الأفراد لمسؤولياتهم الفردية تجاه أنفسهم والمجتمع وأهم ما عززته صحافة الموبايل فكرة شاهد العيان الذي يوفر المشهد وهو جزء منه، كل ذلك أسهم في تشكيل أكبر ضغط على المسؤولين وصناع القرار والسياسات ومنفذي القانون خاصة بأن هناك ألف عين حولهم فلم تعد هناك إمكانية الإفلات من العقاب وسيادة حكم القانون بالإضافة الي ذلك ساهمت صحافة المواطن في تشكيل عقل جمعي انفعالي ما كان ليتكون بهذه السرعة لولا تلك الصور والمقاطع الصادمة في كثير من الأحيان والتي أصبحت الآن مادة ومرجعية لكثير من قنوات الاعلام التقليدي، فقد فرضت على العالم مبدأ العلاج بالصدمة. .
———–
* إعلامية وكاتبة سودانية