“الدنيا نيوز” – دانيا يوسف
في الجزء الثاني من الكلام عن النابغة اللبناني العالم رمال رمال الذي كنا تحدثنا سابقا عم ظلم وطنه له وكيف تلقفه الغرب، نسأل : ما هي أبرز مميزات مسيرته العلمية؟ وكيف استطاع العالم اللبناني أن يحدث تأثيرا على مسار التطور العلمي في فرنسا وتصل شهرته الى مختلف أنحاء العالم؟
شارك رمال رمال بين أعوام 1986 و1991 بأعمال 38 مؤتمرا علميا دوليا في فرنسا والمانيا وبلجيكا وهولندا وايطاليا وانكلترا والولايات المتحدة، كممثل للمركز الوطني للبحوث العلمية ولجامعة غرونوبل، وكرئيس عام للوفد الفرنسي المشارك في تلك المؤتمرات. وانتخب عدة مرات ليكون سكرتيرا عاما لعدد من المؤتمرات العلمية الدولية. وقد نشر الدكتور رمال خلال هذه الفترة 113 بحثا علميا رائدا في مواضيع أبحاث الفيزياء الاحصائية. وساهمت ابحاثه في بناء أساسيات وأصول علم الفيزياء الحديثة وتطويرها. وفي العام 1989 أدرجت مجلة le point الفرنسية اسمه من بين مائة شخصية فرنسية تمثّل مجد فرنسا وفخرها، ومما جاء في تعريف المجلة قولها:”د رمال رمال عالم رياضي-فيزيائي من أصل لبناني، يعدّ أحد أبرز الاختصاصيين القلائل على المستوى العالمي في مجالات أبحاث تكثيف المادة وتخزين الطاقة”.
ظلّ رمال في رحلته العلمية ينهل من أنهار المعرفة دون ارتواء… ولم يكن أحد يتصور ان هذا العالم والباحث الذي وصل الى هذا المركز الاستراتيجي الحساس والخطير لا يحمل الجنسية الفرنسية ورفض الحصول عليها رفضا قاطعا لأنه كان فخورا بجنسيته اللبنانية…
قضى الدكتور رمال نحبه عصر الجمعة الواقع في الواحد والثلاثين من شهر أيار\مايو عام 1991 داخل المختبر في مركز الابحاث اثر ذبحة قلبية فاجأته وعاجلته وهو في ذروة نشاطه العلمي.
وبتاريخ الرابع عشر من شهر حزيران\يونيو كتب الاعلامي رؤوف شحوري في مجلة “الوطن العربي” مقالة تحمل عنوان: العالم رمال رمال هل قتلته نظرياته العلمية؟ ومما جاء فيها:”وفاة عالم الفيزياء النووية الشاب رمال رمال لا يمثل خسارة فادحة للعلم فقط. العلماء من امثال رمال رمال، هم آخر من يفهم في السياسة وحين يتوهم العالم انه اكتشف مصدرا جديدا ورخيصا للطاقة، ربما ارخص من النفط بكثير ينتظر أن يهلل له العالم ويكرمه. ولا يدرك أن للسياسة حسابات أخرى… وأن شركات النفط العملاقة لن تسمح لأحد بأن يهدد امبراطوريتها العالية قبل العام ألفين وخمسين، وهو الموعد الاقرب الذي حددته لاستهلاك مخزون النفط العالمي، قبل ان يبدأ عصر آخر من الطاقة تكون هي ذاتها المهيمنة عليه. وفاة رمال رمال عن تسعة وثلاثين عاما تثير أكثر من علامة استفهام وهو كان يتمتع ببنية صحية قوية وسليمة وصلبة. والغريب أن صحة رمال بدأت تسوء في السنوات الأخيرة فقط. ولم يعرف على وجه الدقة مم كان يشكو. ولماذا هذا التدهور الصحي والبطيء والمستمر بشكل ثابت. كانت صحة رمال رمال تذوب كل يوم مثل الشمعة المضاءة، وكأنه يتعرض الى شيئ يسمم حياته ببطء شديد، ولكن بشكل تصاعدي يؤدي الى الوفاة. وصحفيا اختلف تحديد سبب الوفاة، والبعض قال انه ناجم عن انفجار في الدماغ والبعض الآخر قال انه سكتة قلبية.”
الا أن عائلة العالم رمال رمال تنفي كل الشائعات المتعلقة بوفاته وتؤكد انها طبيعية نتيجة الجهد المضاعف الذي كان يبذله في المختبر.
يقول جبران خليل جبران:”أبناء لبناني هم الذين يتغلبون عل محيطهم أينما كانوا ويجتذبون القلوب اليهم أينما حلوا وهم الذين يولدون في الأكواخ ويموتون في قصور العلم.”
رحل العالم اللبناني الذي حصد العديد من الجوائز العلمية الهامة وكتبت عنه كبريات المجلات العلمية العالمية وبقي مجهولا في بلده ولم يقلّد وسام الأرز الوطني برتبة كومودور الا وهو في طريقه الى مثواه الأخير…
انطلق من الدوير الى بيروت الى فرنسا حيث وجد فضاء أرحب… ومن فرنسا انطلق الى العالم الواسع ليسبر أسرار هذا الكون وليعزز قدرة العقل البشري على الابداع والعطاء… قام بجهود علمية كبيرة ستبقى جميعها ساطعة مشرقة على صفحات المجد والخلود، ولابد ان يتحقق ذات يوم ما قاله هذا العبقري قبل مماته “لدي أمل واحد، هو ان ينتصر العقل البشري في النهاية”…