يصف الطبيب د.أحمد نبيل المشهد الطبي في ايطاليا بالمرعب في ضوء مشاهداته وانطباعاته الشخصية الاي سجلها من قلب المأساة الانسانية.
يقول نبيل حرفياًً فيjasonvanschoor ما يلي:
“أنا لا أقول بأنهم لم يجدوا أجهزة تنفس، أنا أقول بأنهم ماتوا دون أن يراهم طبيب.. وهم في المستشفى!”
“بدأنا بعدد قليل من الإصابات فلم يكترث الناس، والكل دعانا لعدم الهلع”
سأنقل وأترجم لكم -بتصرف- المشهد داخل مستشفيات إيطاليا كما ينقله طبيب عناية حرجة.
١/ يقول استشاري عناية مركزة إيطالي: لقد عملت في بريطانيا وإيطاليا وأستراليا، ولا أريد لأحد أن يتصور أن ما يحدث يحدث في دولة من العالم الثالث. لومباردي هي أكثر المدن الإيطالية تطورًا وفيها نظام صحي استثنائي.
٢/ من الصعب تخيل الوضع الحالي، والأرقام لا تشرح الأمور على الإطلاق. مستشفياتنا مُنهكة ومُرهقة بسبب مرض الكورونا وهي تعمل بسعة ٢٠٠٪
٣/ لقد توقفنا عن كل الأعمال الروتينية في المستشفى. كل غرف العمليات تم تحويلها إلى غرف عناية حرجة. حتى أنه تم التوقف عن علاج حالات الحوادث والجلطات، أو تحويلها لأماكن أخرى. لدينا مئات من المرضى الذين يعانون من فشل رئوي حاد وليس لدينا لهم سوى كمامات عادية.
٤/ المرضى من عمر الـ ٦٥ وأقل ممن لديهم أمراض مزمنة لا يتم حتى رؤيتهم من قبل أطباء العناية الحرجة. أنا لا أقول بأنه لا يتم تنبيبهم (أي وضع أنبوب بلاستيكي في القصبة الهوائية لإبقاء مجرى التنفس مفتوحًا) بل أقول لا يتم رؤيتهم، ولا يوجد طاقم أطباء عناية حرجة حتى عندما تتوقف قلوبهم.
٥/ أصدقائي الأطباء يتصلون بي وهم يبكون لأنهم يرون الناس يموتون أمامهم ولا يمكنهم فعل شيء سوى إعطائهم الأوكسجين. بسبب نقص الكوادر صرنا نستعين حتى بأطباء جراحة العظام وأطباء علم الأمراض. أرجوكم توقفوا هنا. اقرؤوا الكلام مجددًا. وتفكروا!
٦/ لقد رأينا ذات النمط في عدة أماكن مع فاصل زمني قدره أسابيع. ولا يوجد أي سبب أن نشاهد نفس النمط يحدث في كل مكان، إليكم النمط..
٧/ النمط: أولاً، إصابات قليلة مؤكدة، تطبيق إجراءات احترازية ووقائية بسيطة، الناس يمارسون حياتهم بشكل طبيعي ويستمرون في مناسباتهم الاجتماعية، الجميع يدعو لعدم الهلع. ثانيًا، بعض حالات الفشل الرئوي المتوسطة تحتاج إلى تنبيب. حتى الآن كل شيء يبدو رائعًا وبخير.
٨/ ثالثًا، أفواج من المرضى يصيبهم فشل رئوي متوسط تسوء حالتهم مع الوقت حتى يتم ملئ كل غرف العناية الحرجة ثم استنزاف جميع أجهزة التنفس وصولا للكمام والأكسجين العادي. رابعًا، تبدأ الكوادر الطبية بالإصابة بالمرض فيصبح من الصعب تغطية المناوبات. عدد الوفيات يزداد بحدة بسبب نقص الرعاية.
٩/ كل ما تحتاجونه من أساليب لمعالجة المرضى متاح على الإنترنت، لكن الشيء الوحيد الذي سيصنع الفارق هو عدم الخوف من اتخاذ أقصى الإجراءات مشددة لحماية الناس. إذا لم تتخذ الحكومات ذلك، فعليكم أنتم أن تحموا عوائلكم خصوصًا من لديهم أمراض مزمنة.
١٠/ سلوك آخر شاهدناه كثيرًا أن الناس حينما تقرأ وتسمع هذا الكلام يقولون “نعم الوضع سيء يا صديقي” ثم يخرجون ويتناولون العشاء معًا معتقدين أنهم في مأمن. لقد رأينا نحن هول المشهد. قد يمكنكم تفاديه إذا أخذتموه على محمل الجد. أتمنى ألا يصبح الوضع لديكم بهذا السوء، لكن.. تجهزوا.
أنقل لكم بقية المشهد باختصار من طبيب عناية حرجة آخر في إيطاليا اسمه Daniele Macchini. المصدر @silviast9
١١/ يقول: الوضع حرب فعليًا، كل شيء يبدو كالحُلم. لم يعد هناك شيء اسمه اختصاصات طبية مختلفة الكل “طبيب” فقط ويخدم في كل مكان. لم يعد هناك “مناوبات” نحن في المستشفى ليل نهار. ترددت كثيرًا في كتابة هذا الكلام. لكني أعتقد أن عدم كتابته هو تصرف غير مسؤول.
١٢/ تأتينا إصابة جديدة تلو الأخرى بنفس التشخيص؛ التهاب رئوي حاد، التهاب رئوي حاد، التهاب رئوي حاد. جميعهم يحتاجون لدخول المستشفى. الأعداد تتضاعف ولدينا ١٥-٢٠ دخول جديد للمستشفى كل يوم. بالله عليكم أخبروني أي إنفلونزا تلك التي تُسبب هذا المشهد؟
١٣/ أنا من الأشخاص الذين شكوا بأن الوضع سيكون بهذا السوء. لكني لا أفهم الدراما في احتجاج البعض على تخويف الناس بحجة أنهم لا يريدون لحياتهم اليومية أن تتعطل “مؤقتًا”؟ ما أسوأ ما قد يسببه الذعر؟ ألا تتوفر الكمامات في السوق؟ هل هذا الثمن يستحق الأرواح التي تُزهق والمشهد الذي نعيشه؟
١٤/ الحرب مستمرة ليل نهار. كوادرنا مُرهقة وأصابنا المرض رغم اتباعنا للبروتوكولات. لم يعد لدينا حياة اجتماعية. أجهزة التنفس في المستشفى أصبحت كالذهب. على الجميع مسؤولية. أرجوكم أوصلوا هذه الرسالة للجميع حتى نمنع حدوث هذا المشهد في أماكن أخرى من إيطاليا.