“الدنيا نيوز” – دانيا يوسف*
هل خطر ببالك مرة قبل اختراع فرشاة الأسنان كيف كان يهتم العالم بمختلف عصوره بتنظيف أسنانهم للحفاظ عليها وعلى اللثة من الأمراض. تطوّرت أساليب الحفاظ على سلامة الأسنان من التسوّس خاصة أن عملية خلع الأسنان كانت قاسية للغاية قبل اختراع البنج. أعزائي المستمعين، جميع التوصيات العالمية حاليا توصي بغسل الأسنان مرتين يوميا واستخدام الخيط الطبي لتنظيف ما بين الأسنان واستخدام غسول الفم أيضا. فكيف ظهرت فرشاة الأسنان وتطوّرت؟
مرت فرشاة الأسنان بمراحل عديدة لتصل إلى الشكل التي هي عليه الآن، بدءا بكونها غصن شجرة أو قطعة من القماش مغموسة في الملح مروراً بالشكل التقليدي المتوفر في بيوتنا وصولاً إلي فرشاة الأسنان الكهربائية أو الذكية التي يمكن التحكم فيها عن طريق الهاتف الذكي، ومراحل أخرى كثيرة. فهناك أكثر من 3000 براءة اختراع لفرشاة الأسنان.
المسواك وأساليب أخرى لتنظيف الأسنان:
كان المسواك هو وسيلة تنظيف الأسنان الوحيدة قديما،ً فكان يُستخدم منذ 3000 سنة قبل الميلاد لإزالة بقايا الطعام والترسبات في الحضارات القديمة مثل قدماء المصريين والحضارة البابلية. وقد استخدم المسلمون السواك منذ القرن السابع، كما استخدم الصينيون أغصان شجرة عطرية لتنعش النفس، وكان الإغريق يستخدمون شرائط الكتان وأشكال الأخرى لتنظيف الأسنان مثل ريش الطيور وعظام الحيوانات وغيرهم الكثير.
فرشاة الأسنان الصينية القديمة:
اخترع الصينيون في القرن الخامس عشر أول أداة شبيه بفرشاة الأسنان الحديثة لتنظيف أسنانهم وكانت مصنوعة من شعر الخنزير تحديداً من الجزء الخلفي من رقبته مربوطاً على مقابض من العظم أو البامبو. وقد طور الأوروبيون هذا التصميم واستخدموا بعد ذلك شعر الحصان لكونه أكثر نعومة كما استخدموا ريش الحمام.
سجين يخترع فرشاة للأسنان:
خطرت فكرة صنع فرشاة الأسنان لسجين يدعى وليام أديس William Addis عام 1780 بعد انتشار التسوس فى بريطانيا. وليشغل وقته في السجن، قرر أديس صنع شيئ لينظف به أسنانه بدلا من استخدام قطعة قماش غير نظيفة. جمع أديس العظام المتبقية من وجبة العشاء وشعيرات من ذيل البقر كان قد اقترضها من أحد الحراس لصنع فرشاة أسنان. وعزم وليام أديس بعد الإفراج عنه على إنتاج أول فرشاة أسنان حديثة على نطاق واسع وبيعها في كل أنحاء العالم، وصُممت أول فرشاة أسنان بثلاث صفوف عام 1844.
فرشاة الأسنان النايلون
كان المصدر الوحيد للشعيرات المستخدمة في تنظيف الأسنان هو شعر أو ريش الحيوانات و الطيور إلى أن اكتشف عالم فرنسي مادة النايلون. وقامت شركة دو بونت الأميركية باستبدال الشعيرات الحيوانية الطبيعية بالألياف الاصطناعية أو النايلون. وعُرضت أول فرشاة أسنان مصنوعة من خيوط النايلون للبيع يوم 24 شباط/فبراير عام 1938. وفي الحرب العالمية الثانية، صرفت فراشي أسنان ذات شعيرات مصنوعة من النايلون للجنود الأميركيين حيث شجّعت قيادة الجيش الجنود على الحفاظ على الصحة الفموية. وعندما عاد الجنود الى وطنهم، عوّدوا عائلاتهم وأصدقائهم على عادة تنظيف الأسنان بالفرشاة.
كانت شعيرات النايلون الموجودة في فرشاة الاسنان قاسية بادئ الأمر، وهذا ما تسبّب في تهيّج اللثّة. فعملت شركة دو بونت مجددا على حل تلك المشكلة في خمسينيات القرن العشرين عندما صنعت فرشاة أسنان ذات شعيرات نايلون رقيقة.
معجون الأسنان:
سجّل التاريخ مستمعينا الكرام اهتمام الانسان بالعناية بأسنانه. فالصينيون حاول ابتكار ادوية لعلاج تسوّس الأسنان، وعرف الإغريق والرومان معجون الأسنان وحاولوا أن يطوروا فيه. ويقال أن أول محاولة لتصنيع معجون أسنان كانت على أرض مصر في القرن الرابع الميلادي، وكان يتكون من ملح مطحون وأوراق نعناع وفلفل وزهور السوسن.
ويعدّ أطباء الأسنان الفرنسيين أول من استخدم معجون الأسنان في أوروبا في القرنين السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر.
كان معجون الأسنان يباع في زجاجات صغيرة، وعند غسيل الأسنان يدفع الناس الفرشاة داخل الزجاجة ليحصلوا على قطعة من المعجون. وفي العام 1892، فكّر الطبيب “واشنطن وينتورث شفيلد” بفكرة أفضل إذ لاحظ أن الرسامين يحتفظون بألوانهم داخل انابيب معدنية، لذلك اقتبس الفكرة من الرسامين ووضع المعجون داخل أنابيب معدنية. ولاقت الفكرة إعجاب الناس وانتشرت بسرعة كبيرة لسهولة استخدامها وما توفّره من نظافة.
أول فرشاة كهربائية
اُخترعت أول فرشاة أسنان الكهربائية عام 1939 بسويسرا وكانت توصّل بالكهرباء عن طريق سلك مما جعلها غير عملية أو آمنة. وفي بدايات الستينات طرحت فرشاة الأسنان الكهربائية التي تعمل بالبطاريات في السوق الأمريكية، ثم تطورت الفرشاة إلى أشكال كثيرة فمنها الذي يتحرك عموديا وأفقيا ومنها الذي يدور في إتجاه عقارب الساعة وعكسها.
احتلت فرشاة الأسنان مكانة مهمة في حياة البشر اليومية، حتى وإن كنا بحكم اعتيادنا عليها لا نتوقف كثيراً أمامها. إلا أن استطلاعاً للرأي قامت به منظمة “ليملسون” الأمريكية المعنية برعاية الابتكار أكّد اعتراف الملايين من مستخدميها بأهميتها. احتلت فرشاة الأسنان المركز الأول في قائمة الابتكارات التي لا يستطيع الإنسان الحياة من دونها، متقدمة على مجموعة أخرى من الابتكارات التي نستخدمها في حياتنا اليومية كان من ضمنها السيارة، وفرن الميكروويف، وحتى الكمبيوتر، والهاتف المحمول.
————————————-
*رئيسة القسم الثقافي في “الدنيا نيوز”