رجل ال KGB ورفات “باومل” !…
بقلم ألعميد منذر ألأيوبي
رُغم أنه أصبَح زعيم روسيا ألقيصرية ،، نُفوذه أول في ألإقليم و ترسانته ألتَسليحية ألثانيَة في ألعَالَم
إن لم نَقُل مُتكافئة مع نَظيرتها في ألولايات ألمُتحدة ألأميركية، فهو لا يزال يُمارِس أداءً إستخباراتيآ في ألكَثير مِن مَهامِه على ألمُستوى ألإستراتيجي أو ألتَكتي ، سواء تحت ألضَوء أو في “ألعتمَة” أو كِلاهما مَعآ ..
أتَت عَملية تَسليم رُفات ألجندي ألإسرائيلي Zachary Baumel إلى تل أبيب في عَملية إستخبارية دَقيقة بِِمبضَع ألرئيس ألروسي فلاديمير بوتين ، كانَت ألمُهمة سرية بدايةً نَفذتها وحدة من ألمُخابرات الروسية FSB شُعبة ألتَدخل ألخارجي FIS لَكن إعلان جهاز ألموساد ألإسرائيلي مُشاركته بها أو تَبَنيها عَبر ألناطق بإسم جيش ألعدو ألإسرائيلي ألميجور “أفيخاي أدرعي” دَفَع ألرئيس ألروسي إلى ألإستِدراك فَكَشف “أن وحدة من ألقوات ألخاصة نَفذت عملية نَوعية في سوريا أدَت إلى ألعُثور على رُفات ألرقيب “باومل” وإستعادَتها”..
في ألتَفاصيل ،، بَقيَ ألرئيس بوتين على إطلاع مِن مُدير ألمُخابرات ألعسكرية ألخارجية ألعامِلَة في
– ألخارِج ألقَريب – “سيرجي ناريشكين” Sergey Naryshkin ” على تَفاصيل ألعَمليَة بِكُل مَراحلها ،
و ألتَفاصيل مَبدأ في قَواعد العَمل ألإستخباري ف َفيها تَكمُن “ألشياطين” ألتي تَحتاج إليها أجهزة ألمُخابرات في مَهامها ألإستعلامية و ألأمنية ..!!
مِما لا شك فيه أن هيئة ألإستخبارات ألعسكرية للعدو “أمان” Aman بذلت جهدآ إستعلاميآ كبيرآ للعثور على رفات ألجنود ألثلاثة خلال ألأعوام ألماضية و تكثف هذا ألجهد خلال ألحرب ألسورية و معارك مخيم أليرموك خاصةً ،، لكن ألبحث بقي عقيمآ إلى أن طلب “نتنياهو” من ألرئيس ألروسي بوتين خلال شهر تشرين ألأول 2017 ألمساعدة ، بعد أن سلمه ملف ألجنود ألمفقودين عام 1982 أثر ألمواجهة ألضارية بين ألفرقة ألإسرائيلية ألمدرعة 162 و أللواء 58 في ألجيش ألسوري “معركة ألدبابات” محور ألسلطان يعقوب / بيادر ألعدس في ألبقاع ألغربي ، و قد تضمن ألملف صورآ ملتقطة من بعض وسائل ألإعلام تُظهِر إستيلاء ألقوة ألسورية على ثمانية دبابات نوع Magach 5 – M 48 تُرِكَت في أرض ألمعركة ، تَم نقلها في حينه عَبر أحد ألممرات ألجبلية بين منطقتي “ألصواري و ألمصنع” إلى ألداخِل ألسوري ، كما تَضمن ألملف أيضآ ما تم جَمعُه من معلومات و ألإحداثيات ألمُحتَملة بما فيها أحدى ألمقابر على مدخل مخيم أليرموك ألواقع على مسافة 8 Km من ألعاصمة دمشق ، علمآ أن ألمخيم بَقي مُحاصَرآ من قبل ألجيش ألسوري بِشكل تام منذ شهر حزيران 2016 قَبلَ إخلاءه من ألمُسلحين ..
ألمُعطيات حول عملية إستعادة رفات أحد جنود ألعدو ألثلاثة ألمفقودين كانت مُشَوَشة و مُتناقضة إلى حَد بعيد :
*مصدر إعلامي سوري نَفى معرفة دمشق بموضوع رفات الجندي الإسرائيلي الذي فُقد في معركة السلطان يعقوب في لبنان عام 1982 و يؤكد تعاون المجموعات الإرهابية مع الموساد.!
*المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي العميد “رونن منيليس” B.G Ronen Manelis أعلن إن جثة ألجندي Baumel ألمفقود وصلت من دولة ثالثة عبر طائرة شركة العال، مضيفاً أن الجثة في تل أبيب منذ عدة أيام ..!
*القيادي في ألجبهة ألشعبية لتحرير فلسطين أنور رجا في تصريحٍ لَهُ إعتبر أن المجموعات الإرهابية في مخيم اليرموك سلمت رفات الجندي الإسرائيلي إلى تل أبيب مُرَجِحَآ نَقلَها وَ إستردادها عبر تُركيا ..!
*مصادر إستخبارية إسرائيلية أفادت أن العثور على الجثة جاء بتنسيق بين إرهابيين و عملاء جندتهم في مخيم أليرموك ..!
**تقرير إعلامي إسرائيلي يقول أن روسيا لعبت دوراً في إعادة رفات الجندي الإسرائيلي ..
تَضارب ألمعلومات سَواءً عبر ألتصريحات أو ألبيانات ألإعلامية لا يحجب ألحقيقة ،، ، فألثابت أن ألعملية نفذت من قبل وحدة ألعمليات الخاصة ألروسية “السبيتسناز” ‘Spetsnaz بعد إجراء تقاطع معلوماتي لما هو بحوزة ألموساد ألإسرائيلي و تلك ألتي توصلت إليها ألمخابرات ألروسية FIS عبر مخبريها ألسوريين من تنظيمات موالية متعددة ، بعد ألعثور على ألرفات نقلت مع أغراض ألجندي ألشَخصية جوآ إلى موسكو و أُخضِعَت للتحليل ألمخبري ألجيني DNA حيث تطابقت ألنتيجة مع تلك ألمأخوذة و ألموجودة في معهد الطب ألشرعي في “أبو كبير” بحضور الحاخام العسكري البريغادير “إيال كريم” Eyal Moshe Karim ،، على ألأثر أعلَم وزير الدفاع الروسي ألجنرال “سيرغي شويغو” Sergey K. Shoygu ألرئيس بوتين ألذي إتصل بدوره ب نتنياهو و أبلغه بألأمر،، سارع ألأخير إلى موسكو لِإستلامِ ألرُفات في مراسِم تكريم وِفقَ ألتقاليد ألعسكرية ، فألعملية رصيد إنتخابي بألنسبة له
و لِشُكر ألرئيس ألروسي تاليَآ ..
مصادر موثوقة أفادت أن رفات Baumel وصلت إلى موسكو أواخِر ألشَهر ألماضي ، بقيت ألعملية طي ألكتمان حرصآ على إكتمالها بألعثور على رفات ألباقين إضافة إلى ضرورات ألتأكيد بألفحص ألمخبري
و ترتيبات ألتسليم كما تُرِك أمر توقيت عملية ألإسترداد لرئيس وزراء ألعَدو نتنياهو ألذي “لعبها على ألمكشوف” بما يدعم صورته لدى ناخبيه ..
ماذا عن رُفات رفاق Baumel ..؟؟ ألأرجح و بألتحليل ألمنطقي أن رفاتهم أصبحت في موسكو أو في ألطَريق إليها فألرئيس بوتين يعتمد “ألعمل بألقطعة” كي لا نقول “ألبَيع بألمفرق” ،، و ألأمور مرهونةً بأوقاتِها ..
في نفس ألسياق فَ روسيا سبق و سلمت إسرائيل عام 2017 رفات أربعة جنود عُثِر عليهم بألقرب من ألمقبرة أليهودية بعد ألإشتباه أنها ربما تكون للجنود ألمفقودين و قد جاءت نتائج فحوصها سلبية ..
من جهة أخرى ، يَعْلَم ألرئيس بوتين أن دفع ثمن ألصفقة من قبل “نتنياهو” مؤجل إلى ما بعد ألإنتخابات ألإسرائيلية ، و ألكرملين هو من يُحدد ألثمن ألمتوجب ،، إذ أن إسترداد ألرفات و ألعلاقة ألدافئة مع ألرئيس ألروسي و توجيه ألناخبين أليهود ذوي ألأصول ألروسية لإنتخابه سيضمن له ألعودة إلى رئاسة ألوزراء بِألتَزامُن مع ألدَعم ألأميركي ألمؤكد و ألدلال ألذي يحظى به لدى ألرئيس ترامب ..
إستطرادآ ،، إذا كانت ألإنتخابات ألأميركية تم ألتصويب عليها مخابراتيآ في ألظل ألإلكتروني ألروسي بِهدف إيصال ألرئيس ترامب إلى ألبَيت ألأبيض ، و بِألرغم من أن نتائج تحقيق مولر Muller حول تورط ألرئيس ألأميركي جاءت سلبية ، و لهذا ألتَحقيق بحث آخر مع شَرح أوفى ، أقَلَهُ أن عَدم ألتَوصُل إلى إثبات ألتَدخل ألروسي أو تَجاهُل بعض ألحقائق رُبَما يَعود إلى أن ألقضية باتت تَتعلق بألأمن ألقومي Raison D ‘Etat – و هَيبة ألرئاسة ألأميركية و أجهزتها ألأمنية « .. أما في حالة ألإنتخابات ألإسرائيلية فإن ألدَعم على ألمكشوف مُعلن و مَعلوم ..
خِتامَآ ،، عام 2002 شَكَلَت إستخبارات ألعدو – وحدة الأشخاص المفقودين في الجيش الإسرائيلي
“إيتان” Etain – سواء عن قَناعة أو لِأمتصاص غَضب أهالي ألجنود ألمفقودين ، و بِصَرف ألنَظَر عن ألواقع ألإنساني فأنَ كُل هذا ألضَجيج هو مِن أجل إستِعادَة رُفات عِدة جُنود مضى على أسرهم أكثر
من 37 عامآ ،، أُطلِقَ على ألعملية تَسميَة “ألأنشودة ألحزينة” بِألعبريَة “زيمر نوغي” ،، لكن ألأنشودة ألحزينة ألحقيقيَة هيَ في ألعالم ألعربي حيثُ آلاف ألجُثَث من مَدنيين و عَسكريين تَتَكَدَس دونَ أفُق لنهاية حُروب ألأشقاء ،، ها هي “صَفقة ألقَرن” على ألأبواب و ألآتي أعظَم …
بيروت في 07.04.2019