لبنان .. “عبقرية” الطبقة الحاكمة !
بقلم العميد مُنذِر الايوبي
مؤكد ان لا احد من قادة هذه الدولة المنكوبة وضع جديآ وبعيدآ عن محاولات استهلاك او تمرير الوقت الضائع “برهان مرور سنتين ونيف” جدول اولويات للأزمات المستفحلة ولا برامج مرحلية معجلة الصفة لمعالجتها، تضع البلاد على مسلك دخول غرفة العناية المركزة بدل إبقاءها في ردهة الطواريء، انتظار بحث او حضور اطباء، سواء من اختصاصيي صندوق النقد الدولي او غيره، من مدراء مستعمرات المال النظيف الموجهين المرتبطين بجماعات الضغط والمصالح Interest and pressure groups في واشنطن..!
لم تعد الجريمة غامضة فهي وضوح شمس الظهيرة تكالب على المال العام امتصاص Absorption آحادي الوجهة لخير البلاد ثم تذويب Solubility منظم لجنى العباد..! المجرمون معروفون لا مجهولين مُجهلين٫اعترفوا علانية بعد “خراب البصرة” بفعلتهم ساعين لتبريرات من نوع “مصلحة الدولة العليا” Raison D’état تسمح لهم انتحال صفة المصلحين الصالحين..!
اما الانتخابات النيابية فيثيرون الغبار حولها، كأنهم عاشقي ديمقراطية حقة يعلنون جهارآ نهارآ اصرارآ على إجرائها تبييض صفحة او سحنة غبراء.. هم راغبين حقآ بالانتخابات لا بل ساعين اليها مطمئنين لنتائجها، فهجين قانونها فانوس سحري يخرجهم من قمقم المآزق، اعتقاد تثبيت شرعية إقامتهم في نواة النظام وبنيته المهترئة، تظهرهم غصبآ الاصلح الافضل امام الرأي العام الدولي والعربي، مصادرة محسوبة البنود والفقرات لقرار شعب إن إستسلم إراديآ او غباءً إنتخبهم مجددآ..!
عباقرة اصحاب تقية، استبدلوا لائحة المآسي وخطوات التعافي المتوجبة بلائحة بنود في جمعها وتحقيقها مبايعة متجددة.. خبث غُلُول ترادف مُكر لا يضاهى، عجزت عن ممارسته اكثر الديكتاتوريات فجورآ وتجذرآ.. قبضوا على أعنة النظام بعد حرب اهلية ضروس؛ موقعين رضائيآ بالتواطؤ عقد تأمين ذي كفالات ثلاث: ديمقراطية مزيفة تمارس على “صُدِق”، صبغة طائفية مذهبية الكيانات والممارسات تطال “النسب والزواج الى السياسة والمناصب”؛ موانع نجاح معادلة “الجيش هو الحل” عبر انقلاب او حكم عسكري شريف العقيدة نظيف الكف..!
سعداء هم لا بل مشجعين، مستمتعون بمشاهدة صور “الفوتوجنيك” photogenic و”بوسترات” اعضاء اللوائح المرشحين “ملونة بسيدات رائعات الخلق عاليات الكفاءات، ملصقات على لوحات الطرق تقاوم رياحآ موسمية ساخنة اثناء عبور مواكبهم الشبحية.. يحفزون عليها، أٰ ليست من براهين وقواعد اثبات وجودهم في ازقة النظام بعد 15 أيار..!
على اعتياد وتطبيق المثل المحلي “اطعم الفم تستحي العين” في مرحلة الاربعين قبل يوم الاستحقاق؛ ينتعلون وجهآ انسانيآ كذوب، من ملامحه توزيع منح ومساعدات مالية، صناديق اعاشة تختزل اذلالآ، الى ان اصبح توزيع الديزل المهرب من ثوابت تدفئة الرأي والفكر والولاء، كما تحطيم امل سراب..!
ها هي فطنتهم الديبلوماسية كما السياسية تنجح في اقناع عرب الخليج بمظلوميتهم أٰ سُنة كانوا ام شيعة أٰ عربآ جلهم ام أعاجم مُقِلَهم.. يعود السفراء الى قواعدهم في بلاد الارز مهزومين، معتقدين نصرآ واهمآ تحقق على نظام فاسد ان استنكفوا عن حضور. برهان ان لاشيء تغير عند مغادرتهم ولاشيء اصطلح اثناء عودتهم..!
في القضاء واستقلاليته فازوا بالضربة القاضية، لا تعيينات اذ اجهزوا على النظام القضائي بمجمله، سيناريوهات وافلام هوليودية اسبوعية العرض، قزمت سلطة هي في تصنيفها الاعلى، تنطق احكام العدل باسم الشعب إفتراضآ، سعي تساوٍ مع تمثُلٍ وتماثل بعدالة السماء إن أفلحت..!
في الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي؛ “حدث ولا حرج” دبابير الكترونية من متحورات الذباب، لسعات كورونية مؤلمة تطال الشخصي لا السياسي، تهتك الحرمات ولا تهتم بالمفردات.. كوفئت من ادارات المواقع لارتفاع نسبة المشاركة والمشاهدة؛ مانحة اياها مجانآ الوقت والسعة بالاصفار الستة Mega Bite حوافز تشجيع ومتابعة.. لم يعد ينقص في “السيبيري” Cyber الافتراضي سوى فوز بجائزة نوبل “مقترح” ارتفاع نسب المتابعة الالكترونية..
في عالم المصارف ومغارة المركزي دوزنة مشتركة ل “الكابيتال كونترول”، الهندسات المالية وسيلة وتكتيك، مباحثات ومفاوضات عشوائية مع وفود وبعثات، بحث عن تقاسم خسائر دون محاسبة، لا ارقام ثابتة، اما الذهب فموجود مفقود؛ وتبقى اموال المودعين مرتجى استعادة بالسنوات إن تحقق..!
الى آخره ..! الكثير الكثير.. مجموع حواصل موبقات لا تعد او تحصى، ُكرِست عرفآ من نوع الرذالات البسيطة او الهفوات الهينات سبق اعتبار مرور الزمن العشري ..! السؤال: هل سيبقى اللبنانيون يعيشون “حلم ليلة صيف” اسرى منظومة نجحت في ايجاد شرخ اجتماعي طبقي، طورت ارتكاباتها المعتادة منتعلة وجهآ انسانيآ كاذبآ، تمارس استراتيجية اللف والدوران عبر “القوطبة” احتياطآ لا التباسآ، مع تراشق اتهامات ورمي مسؤوليات ..؟ انهم مجموعة عاجزة عن ايجاد الحلول بنزاهة، معاقة عاق رافضة تطوير النظام او تحسين اداءه بالحد الادنى.. ورغم ان الحبكة معقدة في بعدها السببي توازيات وتشابهات بين الشخصيات والمواقف والأحداث، فإن الفولكلور المسرحي متواصل العرض على الشاشات..! اما الجواب: فرهن ترجمة ارادة مطلوبة ملحة من شعب معذب يرفض إرتهانآ اعمى البصيرة..!
بيروت في 08.04.2022