ذكرت مجلة “ساينس” الأمريكية العلمية عشرة اكتشافات رائدة لهذا العام، مثل التجسيد ثلاثي الأبعاد للبروتينات.
ففي عام 2021 كرّمت المجلة التكنولوجيا الثورية” باعتبارها “اختراق العام” الذي سيساعدنا أيضاً في مجابهة وباء كورونا الحالي، إذ تُظهر لنا التكنولوجيا القائمة على الذكاء الاصطناعي بشكل سريع وواضح للغاية كيف تبدو البروتينات وكيف تعمل. وبفضل التكنولوجيا الجديدة بات بالإمكان تحليل البروتينات المتناهية في الصغر وعرضها في ثلاثة أبعاد بدقة أكبر من أي وقت مضى.
وترى المجلة، ان العملية تعد ثورية بمعنى الكلمة على غرار مقص الجينات الجزئي CRISPR / Cas9، الذي تُوج من جديد هو الآخر وبات مؤخراً أداة قياسية في البيولوجيا الجزيئية، إذ يمكن استخدامه في إجراء التعديلات الجينية بسهولة ودقة.
تتكون البروتينات من سلاسل طويلة وتشكّل كرات معقدة تؤدي مهاماً محددة، فمثلاً يمكن لبعض البروتينات كالإنزيمات أن تكسر جزيئات السكر. أما الأحماض الأمينية فتحدد كيفية بناء هذه السلاسل. وتسلسل الأحماض الأمينية بدوره محدد سلفاً في ما يقرب من 20 ألف جين لدى الجنس البشري.
تحليل بنية البروتين بشكل أسرع وأرخص
حتى وقتنا الراهن لم يتمكن العلماء من تحليل هياكل سوى قرابة ثلث البروتينات البشرية فقط، لأنه حتى وقت قريب كانت تُحدد بنية البروتينات باستخدام التصوير البلوري بالأشعة السينية والفحص المجهري فائق البرودة، ما يجعلها أمراً شاقاً ومكلفاً للغاية.
لكن الآن بات هذا التحليل أسرع وأرخص بكثير بفضل أداتي الذكاء الاصطناعي الجديدة AlphaFold و RoseTTAFold. إذ يتعين على الباحثين فقط إدخال تسلسل الأحماض الأمينية الموجودة في الجينوم لبروتين ما في الكمبيوتر، لتبدأ التكنولوجيا الجديدة بخلق النموذج ثلاثي الأبعاد لها.
تمكن فريق جون جمبر، وهو مطور أداة AlphaFold، بالفعل من تحديد الهياكل المتكافئة لجميع البروتينات البشرية تقريباً، لأن الأداة المدعومة بالذكاء الاصطناعي تبحث في جميع هياكل البروتينات المخزنة سلفاً في قواعد البيانات، وبالتالي فإنها عملياً تدرب نفسها بنفسها أثناء تلك العملية.
معارف أساسية لتطوير الأدوية
لا يمكن للباحثين فهم وظيفة البروتين في الجسم إلا من خلال معرفتهم لتركيب هذا البروتين ووظيفته الدقيقة. لكن المعرفة الجديدة تساعد كذلك في تطوير الأدوية المصممة بدقة لبروتينات بعينها.
خلال فترة جائحة كورونا الحالية يستخدم الباحثون تقنية الذكاء الاصطناعي الجديدة لتحديد آثار الطفرات على شكل بروتين سبايك، حيث يلتصق فيروس كورونا بخلايا الجسم. وعلى سبيل المثال بات العلماء يحسبون في الوقت الحالي ما إذا كان متحور أوميكرون لفيروس كورونا لم يعد مُهدداً بالأجسام المضادة البشرية أيضاً وما إذا كانت الحماية المناعية قد انخفضت لهذا السبب.
تسعة إنجازات عملية أخرى
بالإضافة إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الرائدة تسلط مجلة “ساينس” العلمية أيضاً الضوء على التطورات العلمية الجديدة التي تركت بصمات واضحة على مختلف العلوم في 2021.
تجدر الإشارة بشكل خاص إلى طريقة يستفيد منها علم الآثار وأبحاث ما قبل التاريخ على وجه التحديد، حيث يمكن استخدام الطريقة الجديدة لاستخراج الحمض النووي البشري من التربة السطحية، على سبيل المثال من إنسان نياندرتال البدائي. وحتى وقت قريب كان هذا الأمر يتطلب دائماً الحمض النووي من شظايا العظام المكتشفة.
كما انطوت القائمة أيضاً على دراسات رائدة حول المهيجات النفسية المسماة بالإنجليزية Psychedelics، ما يفتح آفاقاً جديدة تماماً لعلاج الاضطرابات النفسية. لكن رغم ذلك، تختلف التقييمات بشكل كبير حول ما إذا كان ينبغي استخدام هذه العقاقير بالفعل لمعالجة القلق والاكتئاب.
كما أن دراسة عن نمو الأجنة البشرية بدون إخصاب يمكن أن تحدث ثورة في عمل الباحثين.
ومن الاكتشافات المثيرة للإعجاب حقاً أيضاً هو تفاعل الاندماج الهائل الذي تم إحداثه في منشأة الإشعال الوطنية الأمريكية (NIF)، ما قد يساعد يوماً ما ربما في حل مشاكل الطاقة على كوكبنا. وأُصيب الفيزيائيون بالدهشة من الاكتشاف الجديد في فيزياء الجسيمات، حيث أُعلن في أبريل/ نيسان الماضي عن تباين يبلغ 2.5 جزء في المليار، ما قد يشير إلى جسيمات جديدة كامنة فوق أفق الطاقة العالي.
وأكد فريق بحثي من مختبر أبحاث “فيرمي” الوطني الواقع بالقرب من شيكاغو الأمريكية أن نتائج تجاربهم الأخيرة على أحد الجسيمات دون الذرية، ويُدعى “الميون”، تُشير إلى أننا على مسافة خطوة واحدة فقط من أول خرق صريح لأدق نظرية في تاريخ الفيزياء بأسره.
وفي اكتشاف آخر مكّنت البيانات المأخوذة من مسبار “إنسايت” التابع لوكالة “ناسا” الأمريكية من استخلاص استنتاجات على قدر كبير من الأهمية حول تكوين باطن كوكب الارض الاحمر.
ومن الخطوات العلمية الرائعة بالطبع هو تطوير أجسام مضادة اصطناعية وأدوية لفيروس كورونا SARS CoV-2.