حروب الغاز …!
بقلم ألعميد منذر ألأيوبي*
شَرقي ألمتوسط سيكون مَورِد ألغاز ألرئيسي في ألعالم قريبَآ ،، فحقوله ألبحريَة سهلة ألإستثمار
و ألإستخراج ، متلاصقة و متجاورة من مصر إلى ألشواطيء ألتركية مرورآ بفلسطين ألمحتلة، لبنان قبرص و سوريا ،، فَبَعدَ التحول العالمي في خريطة الطاقة سَتسعى و تَتَسابَق بلدان الثروة الجديدة على ألبدء في ألإنتاج و ايجاد أسواق لها إذ أن المنافسة التجارية ستحتدم و ألفوز لمن سبق …
ألسؤال إذن هل ستكون هذه ألثروة ألإستراتيجية نِعمَة أم نَقمَة …؟؟
كُثُر من متابعين و مراقبين يَرونَ أن إكتشاف الغاز في هَذِه المنطقة يَعني فَجرَآ جَديدَآ لَها سيجعلها محط أنظار العالم ، و سيدفع بِألتالي الدول ألفاعلة لِلعمل على حفظ السلام و ألأمن ألإقليمي بُغيَة إستخراج خيراتها ، ألأمر ألذي يفرُض إذا حَسُنَت ألنيات إيجاد حلول لمشاكلها ألمُزمِنة بدءآ من ألقضية ألفلسطينية “حَل ألدَولَتين”،، إضافَةً إلى جملة قضايا جيو سياسية أخرى على مستوى ألإقليم و أيضَآ على صعيد ألصراعات ألداخلية
و ما تَرَتب من تداعيات مَصدَرها ما سُميَ ألربيع ألعَرَبي …
في هذا الإطار ، و بعد وضع خرائط النفط و الغاز
و حقولهما استضافت مصر منتدى غاز شرق المتوسط بتاريخ 14 كانون الثاني ألمنصرم ضَمَ مسؤولين من إسرائيل ، قبرص ، أليونان ، ألأردن ، إيطاليا و فلسطين … حيث إعتبر وزير البترول المصري “طارق الملا” أن ألثروة من الغاز يمكن
أن تساعد عملية السلام في المنطقة قائلآ :
“كنا فخورين جدا باستضافة الفلسطينيين و الإسرائيليين معآ في غرفة على طاولة مستديرة
مع دول مجاورة أخرى” مُضيفَآ “إن احتياطيات الغاز في الشرق الأوسط سَتخلق فرصآ لرجال الأعمال في العالم و بالتالي التوظيف و صنع السلام”…
موضوعيَآ ،، سَتؤثِر طَفرَة ألغاز و ألنَفط على طَبيعَة ألعلاقات ألدولية و ستؤدي على المستوى الجيوسياسي إلى تعزيز الروابط الاقتصادية كَما ستساهم في تحقيق الاستقرار المالي لِمعظم دول ألإقليم و كذلك في الحد من ألتلوث ..! و مِن هذا ألمُنطَلَق أكَدَ كبير الاستراتيجيين لأسواق الغاز العالمية “مايكل ستوبارد” Michael Stoppard “إننا نشهد فجرًا جديدًا في ألمنطقة “.
هَذِه ألنَظرة ألتَفاؤليَة ، تقابِلُها وِجهَة نَظَر مُختَلِفَة شَكلَآ وَ مَضمونَآ ،، إذ أنَ عُدوانيَة ألكَيان ألإسرائيلي و أطماعِهِ تُشَكِل عَقَبَة كَأذاء ،، إذ من غير المستبعد أن يتطور الصراع ألمتعدد الأطراف حول حقول الغاز و النفط المكتشفة في شرقي البحر المتوسط
إلى حرب إقليمية ، فهي تضم حَاليَآ احتياطات استراتيجية ضخمة بَلَغَت وفقاً لتقديرات المُسوح الجيولوجية الاميركية – Seismics Survey 3D ما يقارب 122 تريليون قدم مكعب من الغاز …!
من ناحية أخرى ،، و على خلفية سياسية بحتة و خلافات مزمنة ستعمل بعض ألدول ألأوروبية لا سيما منها تلك ألشيوعية سابقآ على وقف تعاملها
و إستيرادها ألغاز من روسيا ألإتحادية في حين ستكون كلا ألدولتين إسرائيل و مصر ألموردين ألجديدين لهذه ألدول ،، و سيترتب على تدفق ألغاز ألمتوسطي إلى أوروبا إضطرار روسيا لخفض أسعار مبيعاتها بغية ألمحافظة على حجم محفظتها ألمالية من ألغاز ألطبيعي ..
على ألصعيد ألوَطَني ،، تبين أن شركة Spectrum ألتي أنجزت مؤخرآ نصف ألمسح ألجيولوجي 50% للمنطقة ألإقتصادية ألخالصة ألبالغة مساحتها ~ 22700 km2 قدرت قيمة ألثروة أللبنانية من ألغاز حتى ألآن بحوالي 45 مليار دولار ،، و دون ألدخول في ألحسابات ألتقديرية و ألمُسوح ألجغرافية فإن ما يتهدد أمن ألطاقة أللبنانية عاملان : ألأول هو ألبطء في عملية ألتلزيم و إعطاء ألتراخيص و كذلك إنجاز ألبنى ألبحرية أللازمة للحفر و ألإستخراج و ألبَحث عَن أسواق مستوردة ..
أما ألتَهديد ألثاني ،، فيتمثل في حسابات ألعَدو ألإسرائيلي ألإستراتيجية إضافَةً إلى نواياه و خططه في ألسطو على جزء من ألثروة ألغازية مُحاولآ إغتصاب 860 Km2 من مساحة ألحقول ألموجودة في ألمياه ألإقليميَة أللبنانية ،، مُصطنِعآ عَقبات في مجال ترسيم ألحدود ألبحرية تتناقض و إتفاقية الأمم المتحدة حول قانون البحار (UNCLOS) ،، معرقلآ بِذلِكَ إستثمار ألحُكومة أللبنانية حقولها و إطلاق نهضتها ألإقتصادية ..!
في سياقٍ مُتَصِل ،، رغم إمكانات ألجيش أللبناني ألغير متكافئة مع ألعَدو عديدآ و عتادآ لكنها ألمتفوقة عقيدةً و إلتزامَآ ، أعلن ألعماد جوزيف عون قائد الجيش اللبناني “أن لبنان لن يقبل أي مساس من قبل ألعَدو ألإسرائيلي بسيادته أو ألتهديد بِحقه في إستثمار ثروته ألنفطية” ..
هذا الموقف كان موضع تقدير و تأييد كافة القوى السياسية اللبنانية ألمقتنعة بضرورة التصدي لأي عدوان إسرائيلي على ألمياه ألإقليمية و ألحقول ألغازيَة ..
هل تَشتَعِل آبار ألغاز في حربٍ محدودة غير محمودة ألعواقب ؟؟
ألجَواب بألمطلق،، أنَ ألإعتِداء على لبنان لَيسَ بألسهولة ألتي يتصورها رئيس حكومة ألعَدو بنيامين نتنياهو ألباحث عن مَخرِجٍ وَ لو دموي لفضيحة ألفساد ألمتورط بها مع زوجته و ألساعي أيضآ لِفوزٍ وَ لَو خجولٍ و متواضع في إنتخابات أعضاء ألكنيست ألإسرائيلي ، إذ أن رئيس أركان جيش ألعَدو ألجنرال “آفيف كوخافي” حذره من ألإنزلاق إلى مواجهة على ألجبهة ألشمالية ، خاصةً و أن نصف عديد ألجيش سيكون في مهامٍ أمنية داخلية خلال مرحلة الانتخابات ،، كما يتوجب على “كوخافي” منع الجيش من الانجرار إلى حملة الانتخابات …
ختامآ ،، بِإمكان إسرائيل إشعال فتيل ألحَرب و ضرب لبنان جوآ ،، لكن لبنان بألمقابل واثق من قدرة ألمقاومة على ضرب منشآت ألعَدو و ألمصافي ألبحرية و بألتالي تعطيلها ،، إذن “توازُن الرُعب” يَحكُم !! و هذا جَليٌ و واضح من خلال زيارة وزير ألخارجية ألأميركية “مارك بومبيو” بيروت و ألمُدرَج في صفحاتِ مَلَفِه بند ألحدود ألبحرية و مَصافي ألغاز .. غدآ يومٌ آخر – إذ بعد إنتِهاء زيارة ألوَزير ألأميركي سيُبنى ألكَثير و إن كانَ أللون ألرَمادي هو ألغالِب ..!!
*عميد،كاتِب وَ باحِث.