جلسة التين ..
بِقَلَم ألعَميد مُنذِر ألأيوبي*
لقاء ألقمة ألدوري ألخامس بين ثلاثي ألرؤساء حسن روحاني ، رجب طيب أردوغان و فلاديمير بوتين إنعقد يوم ألأثنين ألماضي في ألعاصمة التركية أنقرة متزامنآ مع جو ضبابي مخيم على ألإقليم ذو ألتناقض ألعميق جيوسياسيآ وأيديولوجيآ ، رغم قومية عربية وَحَدَت يومَآ ، سادت ثم بادت بمبيد قاتل
– أديان سماوية ثلاث هي ألأسمى إنسانيآ – فتنة دينية ، مُنتج رهيب غُرِز في صَدر ألأُمَة حُرِك نصله ألمُشذب شوكيآ شبيه “M9 حربة سكين القوات الخاصة” دائريآ أفقيآ و عاموديآ بما يضمن ديمومة ألنزيف وموت ألقضية ألمركزية – فلسطين – تدريجيآ ، إستُتبع بِ تَعليب ألعامَّة ضمن حوافي عاهة ألتعصب ألأعمى، مُترادفآ مع تغذيةً ألجَهل بجهالة مذهبية عوراء رايتها سوداء كتب عليها نفاقآ إسم ألجلالَة لا إنفكاك عنها وخلاص منها أو صعبة ألعلاج ..
تاليآ ، تبدو مشهدية ألواقع ألممتد من سواحل الخليج الفارسي وبحر عمان حتى ألساحل ألسوري وألعُمق ألعراقي وما بينهما مرعبة فألشرارات تتناثر بألقرب من آبار ألنفط وخزاناته ونسبة أنفجار غاز ألبروبان أو ألميثان ترتفع لإنعدام وسائل تبريد ألرؤوس ألحامية و ذوبان حواجز ألسلامة، إذ أن ألتراشق بألصواريخ وألطائرات ألمسيرة ألمفخخة بات قاب قوسين أو أدنى ، ألفضاء يتسع و ألضحايا تنتظر ..!
من هذه ألمقدمة بدت قمة أنقرة ثلاثية ألأبعاد :
في ألبعد ألأول ؛ تطالب تركيا بوقف ألعمليات ألحربية التي ينفذها الجيش السوري في مناطق خفض التصعيد لا سيما ريفي إدلب وحماه ، إضافة إلى عودة أللاجئين ألسوريين ؛ حيث أعلنت الرئاسة التركية مسبقآ أن قادة البلدان الثلاثة سيناقشون التطورات الأخيرة في سوريا إضافة إلى مسألة “ضمان الظروف المناسبة من أجل العودة الطوعية للاجئين والخطوات التي سيم اتّخاذها في الفترة المقبلة بهدف التوصل إلى حل سياسي دائم”..
في ألبُعد ألثاني ؛ تؤكد إيران على ضرورة تشكيل اللجنة الدستورية التي ستتولى الإشراف على المرحلة المقبلة من التسوية السياسية في سوريا مستندة إلى وضعها ألمؤثر و ألفاعل سواء في ألمَيدان ألعسكري أو في علاقتها ألإستراتيجية مع القيادة ألسورية؛ حيث أعلن ألرئيس آلإيراني عن ضرورة مواصلة مكافحة من سماها “الجماعات الإرهابية” في إدلب ، كما انتقد الوجود الأميركي شرق الفرات مشيرا إلى أنه أحد أسباب التوتر ..
في ألبُعد ألثالث ؛ نجد ألرئيس بوتين “موزع ألأوراق” Poker dealer و حامل “ألمجموعة ألملوكية” Royal Flush في آن معآ ؛ إذ أن موسكو تَتماهى مع واشنطن لجهة نَهي تركيا عن إطلاق عملية عسكرية عبر الحدود ضد الفصائل الكردية السورية التي ترى أنها متحالفة مع ألمقاتلين ألأكراد في أراضيها ..
كما أنها تضغط لتحقيق اختراق في مسألة تشكيل لجنة دستورية مُتَماهية أيضآ مع الأمم المتحدة في تأليفها للإشراف على المرحلة المقبلة للتسوية السياسية و إنتخابات 2021 .. و هي متوافقة و تتجاوب مع أنقرة وفق ما أعلن ألكرملين من أن “منطقة خفض التصعيد يجب ألا تشكل ميدانا للاستفزازات المسلحة”.. إضافةً إلى أنها (موسكو) تؤيد و تنسجم مع طهران لجهة اتخاذ تدابير إضافية بهدف تدمير التهديد الإرهابي الآتي من منطقة إدلب تدميرا شاملآ و إنسحاب القواعد ألأميركية ألغير شرعية من شمال و شمال شرق سوريا ..
توازيآ ؛ انتهت ألقمة بانتصار سياسي لموسكو فهي لاعب All-In كل “ألرهان” Bet على ألطاولة جرأة واضحة و تأكد من ألفوز ؛ إذ أعلن ألبيان ألختامي ألتوصل لاتفاق بشأن تشكيلة اللجنة الدستورية في سوريا ، الأمر الذي قد يمثل خطوة مهمة نحو التوصل لحل في هذا البلد كذلك ألتعاون لتفادي تفاقم ألأزمة ألإنسانية في إدلب و ريفها آخر معقل للمعارضة في البلاد و منع تدفق أللاجئين إلى شمال غرب تركيا ، مع إتخاذ خطوات إضافية للجم ألتصعيد و ألحد من ألخروق .. ألرئيس أردوغان و هو مُستضيف ألقمة كان تصريحه واضحآ : “نحن متفقون تماما في سعينا إلى التوصل لاتفاق سياسي يحفظ الوحدة السياسية لسوريا وسلامة أراضيها”.
من جهة أخرى ، مما لا شك فيه أن هجوم يوم ألسبت الذي استهدف منشأتين نفطيتين سعوديتين تابعتين لشركة “أرامكو” كان ملفآ على ألطاولة حاضرآ بقوة ، فألهواجس كثيرة و ألمخاوف كبيرة .!
و إذا كانت ألخلفية ألظاهرة و ألمباشرة هي ألحرب في أليَمَن ، ما يسيل فيه من دماء ، ما يعمه من دمار و ألجوع فيه إلى حد ألفناء !! فإن حُروب النفوذ ألجيو سياسي و صراع ألعروش هي ما يُظهر مخالب أفرِقاء ألصِراع و أولهم ألهجين ألصهيوني ..
خِتامَآ ، هي مأساة سوريا و ملهاة ألتين كانت على مسرح إحد صالونات قصر “جانقايا” في ألعاصمة أنقرة ، حيث حضرت صينية فاكهة ألتين Ficus Caricature ألطازج ألذي تشتهر به ولاية إيدن ألتركية و تولى ألرئيس أردوغان واجب ألضيافة .. إذ على ما يبدو سقطت ورقة ألتين في سوريا و بدأ موسم قطاف ألتسوية ..! فهل يتكرر ألمشهد قريبآ و تبدأ ضيافة ألتمر ألسعودي و ألعسل أليمني قبل ألحَريق ألكبير ؟؟ عَسى و لَعَل ..!
*عَميد، كاتِب وَ باحِث.
بيروت في 20.09.2019