الوطن الصغير والمأزق الوجودي..!
بقلم: العميد مُنذِر الايوبي*
في المبدأ، الرغبة ميل الى امر محبة وصول اليه او حيازته أَٰ واقعآ كان ام تخيلآ. الغاية مزدوجة للخير فعل كما للشر نزوع.. رجاء انساني مؤكد قد ينحو الى سؤال او ابتهال؛ في العبادات يتبعها تسابق على عمل القربات والطاعات. ورد في آياته جل وعلا “﴿ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾ دعوة مرضاته محبة ورحمة ..! الإنسان “كائن عاقل” وهو في آن “كائن راغب” تحقيق رغباته تستوجب طريقة تفكير واختيار سلوك، انعدامها مرضي وفي اشباعها ارتياح ومتعة، حافز تكرار نتاج حاجة او انجراف ارادي ام لا واعٍ ؛ السؤال :اين حدود السعادة ان حُقِقت “الرغبة” والشقاء ان لم تُنَل ..؟؟
في الإلحاح اصرار على ما يرتجى مانع تحييد او تأجيل نتاجه تلافي يأس واستمرار امل..! شعلة نفسية متقدة فيها من الولع الكثير، صفة لا يمكن منحها هي في الايمان صنو التضرع لها في الدعاء فائدة واستحباب تكرار وله سبحانه الاستجابة..! حوافيه مواظبة سعي باجتهاد ومكابدة سواء بصدق النوايا ام بالانكار والتورية..!
بين الرغبة والالحاح تكمن القدرة، إن هي الا استطاعة، في الفيزياء لها معادلاتها على تنوع مصادرها “ميكانيكية، كهربائية الخ…” كمية قياسية طاغية من الجهد او الفعل تفرض نفسها، علاقة آنية ذات ارتباط طبيعي بوحدة الزمن تدرجآ حتى اللحظة The Instantaneous Power، في تساويها بين طرفين او محورين عامل توازن سياسي او اقتصادي وايضآ استقرار جيو استراتيجي..!
من لدن السياسة المحلية ينمو الرماد، تَستولد القباحة عقول فاسدة، عيون متحجرة، أباعِر موسومة الوجوه رغم نهي.. رغبات جانحات تمزق قانون وتسطو على دستور حتى مال الناس ومتاعها، عمومها وقاحة فساد لا حد لها، بالإلحاح صفتها ما يفوق اي ادمان..!
في حال البلد صراع بين عفونة بودرية تعشش في زوايا مجالس ضيقة ومؤسسات فارغة تدفع نمو فطريات من نوع “لفحة النخيل” Thielaviopsis
او “الكومبوست الاصفهاني” Mushroom Compost وصولية وضيعة فيما المأمول المرتجى لا يملك علاجآ ولو بالمبيد الفطري البسيط من صنف كبريتات النحاس Copper sulfate. مواقف تذرى في كل الاتجاهات اداء خارج المعايير الوطنية، ازدواجية في الخيارات اذ التوافق معضلة والقفز فوقه خطيئة وسقوط مسؤولية خلافآ لجوهر الديمقراطية..!
المأزق الوجودي يلازم الوطن الصغير منذ عقود، حروب تستولد مآسي ومؤتمرات تستنبط معالجات سطحية او مرحلية، معضلة البقاء لصيقة حد المعجزة، تتسيد فلسفة تأسيسه دون امكانية مأسسة institutionalization تضمن عبورآ آمنآ الى دولة المواطنة الحقة..!
على مرجل الاقليم تتداخل الاستراتيجيات لتساوي القدرات والمعادلة تنتج صفرآ في فوز او انهزام. مراوحة قاتلة لدول التلقي المزدوج Dual Receiving States تحاول ادراكآ على تقاطعات مفصلية او استلحاقآ انتظار فرج او انفراج بالحد الادنى…! دول المحاور الاساس الاقليمية منها “تركيا،ايران،المملكة والكيان الصهيوني” والقطبية الثلاث (الولايات المتحدة، روسيا، الصين) تعتمد في سياساتها التشفير التناظري Analogue (المؤثرات المادية) لتحقيق اهدافها فيما اللفظي ضخ آراء ومعلومات ضمن سياق ديبلوماسي رمزي Symbolic لا اعتباطي…! هكذا تكون الدوامة على مستوى دول الرعيل الادنى مستمرة، قلق دائم يسكن الذاكرة الذهنية للشعوب خشية اعصار..!
في الاستحقاقات الداهمة، البلد اسير السمسرة ممسمر على خشبة، فرط لهيب على قاعدة الصليب، غارق في داهية دهياء دون نجدة لبوس طائفية واللب مصلحي شخصاني، في كل حدب فئة تؤله زعيمها الدٌَهْماء؛ والكل يعلن رغبة كاذبة تستولد الحاحآ لتمويه، فيما القدرة مجيرة الى خارج على ارتهان مؤسف مؤلم صنو ولاء يلامس التخوين..!
اخيرآ، البحث دائم عن الخلاص، لم يبق سوى البوذية المتنورة “ماهايانا البوديساتفا” Mahayana Bodhisattva في فلسفتها عميل إلهي ذو قدرة متدخل يعمل ويكرس جهوده لتقليل المعاناة، في حرص ابوي على رفاهية الناس وسعادة الكائنات على مدى حيوات دون كلل او ملل ..!
———————-
بيروت في 05.011.2022