“الناس يحترمون البكتيريا بما يكفي”، هذه عبارة قالتها إلين سيلبرجلد، واحدة من العلماء الرواد في دراسة مقاومة المضادات الحيوية، مضيفة أن البكتيريا تحكم العالم، لأننا مجرد منصات تعيش عليها البكتيريا، ففي الجسم البشري، توجد خلايا بكتيرية أكثر من الخلايا البشرية، لذا فإننا في الواقع، نتكون من بكتيريا في الأساس.
لفت مركز مكافحة العدوى انتباهنا بتحذير مما سماه «البكتيريا الكابوس»، التي تقاوم معظم أنواع المضادات الحيوية إن لم يكن كلها، فعندما نتناول المضادات الحيوية لقتل العدوى، تتمكن بعض البكتيريا من النجاة، وبعدها تبدأ في المقاومة من جديد بشكل أشرس وأعنف، ومن ثم، تزداد المقاومة.
لذا في كل مرة نتناول مضاداً حيوياً، فإننا نخاطر بصنع بكتيريا أقوى وأكثر مقاومة،
والبكتيريا الأقوى والأكثر مقاومة تعني مضادات حيوية متضائلة الكفاءة وهذه مشكلة، لأننا نتناول كثيراً من المضادات الحيوية.
لانس برايس، مدير مركز عمل مقاومة المضادات الحيوية، يقول: «إنه من الممكن أن أكون مليئاً ببكتيريا إي كولاي غير قابلة للعلاج، وقد لا تظهر عليَّ أي أعراض، لكنك مصاب بالبكتيريا، وتصبح بشكل ما حاضناً طويل المدى لها».
لذا قد تكون سليماً ولا تزال تنشر البكتيريا السيئة من دون حتى أن تعرف
لماذا قد يفكر أحدهم في أنَّ وضع المضادات الحيوية بالزراعة كان فكرة جيدة! فقط أعطوها مضادات حيوية وحسب، ثم في غضون أسبوعين، ستكون لديك حيوانات مكتملة النمو يمكنك تقطيعها وأكلها.
صحيح أنه يمكنك جني مزيد من المال من وراء هذا، لكن لم يربط أحد بين إطعام الحيوانات مضادات حيوية وحقيقة أن الطعام سيكون محمَّلاً ببكتيريا مقاوِمة للعقاقير.
لذا أجرت إلين دراسة، وقارنت بين أنواع مختلفة من الدجاج الذي اشترته من المتجر، ووجدت أن الدواجن التي تربت على المضادات الحيوية احتوت على 9 أضعاف من البكتيريا المقاوِمة للعقاقير.
حتى إن النباتيين ليسوا بأمان، لأن كل الأمراض المتفشية التي تنتقل عبر الأوراق الخضراء مثل الخس وغيره من الخضراوات مدمرة، هذا لأن السماد الحيواني يُستخدم في نمو هذه المحاصيل.
والزراعة العضوية تشيد باستخدام السماد الحيواني.
تتسرب البكتيريا المقاوِمة إلى المياه الجوفية، وتتطاير من شاحنات نقل الماشية وتنتقل على أيدي عاملي المزرعة، وهو ما يجعل الإشارة الدقيقة إلى مصدر البكتيريا المقاومة صعبة للغاية.
وحتى عندما يبدو أن هناك مصدراً واضحاً، فما زالت الأشياء ليست بهذه البساطة، “لا يريد أي شخص أن يُنظر إليه باعتباره محوراً للوباء”.
فلنقُل إنَّ جدَّتك أعدَّت لك قطعة لحم مشوية ثم تسببت هذه القطعة في مرضك.
توجد في بعض البلدان على اللحوم المغلفة علامة تتبع، لذا يمكنك معرفة من أيِّ مزرعة بالتحديد جاءت قطعة اللحم هذه، لكن في الولايات المتحدة مثلاً ومعظم الدول العربية، ليس بإمكان حتى كبار مسؤولي الصحة فعل هذا، لأن قوى اقتصادية كبرى تقف وراءه. لذا فأن المواطن هو عرضة لكثير من الأمراض والبكتيريا مجهولة المصدر.
في المحصلة أننا في حاجة حقيقية لتغيير الطريقة التي نستخدم بها المضادات الحيوية، لأن الطريقة التي نستخدم بها المضادات الحيوية تدمرنا.