القصر الطائر ..!
بِقَلَم ألعَميد مُنذِر ألأيوبي*
عندما أقلعت الطائرة الرئاسية التركية من مطار أنقرة الدولي متجهة الى واشنطن و على متنها الرئيس رجب طيب اردوغان كان ألأخير يعلم في قرارة نفسه ان أفضل ما يمكن تحقيقه من لقاءه مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب هو أولآ ترطيب الأجواء بينهما و في أفضل الأحوال فتح صفحة جديدة في علاقتهما الشخصية و ثانيآ ايجاد آلية عملية لتشكيل لجنة مشتركة عسكرية تقنية إضافة لخبراء من حلف أل NATO مهمتها تقييم نقاط الضعف و الثغرات على خلفية مسألة حيازة قوات الدفاع الجوي التركية منظومة الصواريخ S-400 ألروسية و تأثيرات ذلك على الاتفاقية المتعلقة بشراء طائرات أل F35 الاميركية المتطورة بما يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون ..! مع ألإشارة الى ان تركيا سَبَقَ و اقترحت مطلع العام الماضي إنشاء هذه اللجنة دون أن تجد موافقة من واشنطن لا بل واجهت رفضآ حاسمآ من دوائر ألبنتاغون ..!
من جهة أخرى ؛ مبتسمآ ببرود و ربما بسخرية مسرورآ في سره كان ألرئيس ألتركي رجب طيب أردوغان جالسآ إلى جانب نظيره الاميركي خلال المؤتمر الصحفي ألثنائي الذي عقد بعد انتهاء محادثاتهما في البيت الأبيض يستمع الى أسئلة محرجة يطرحها ألمراسلين و مندوبي وسائل الإعلام على الرئيس ترامب فيما يتعلق بما عُرِف قضية “أوكرانيا غايت” Ukraine Gate حيث بدأت إجراءات المحاكمة في مجلسالنواب الأميركي ذو ألأغلبية الديمقراطية على إعتبار أن ما أقدم عليه يعتبر إساءة بالغة لإستخدام السلطة قد تؤدي الى عزله ، و ذلك بعد الكشف عن مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس ألأوكراني فولوديمير زيلينسكي طلب فيها فتح تحقيق فساد مع جو بايدن منافسه ألإنتخابي و نائبالرئيس الأميركي ألسابق باراك أوباما علىخلفية تولي نجله “هانتر” وظيفة فيشركة “بوريسما” النفطية الأوكرانية مستغلآ موقع والده و تلقيه مبالغ مالية باهظة ..!
توازيآ ، و رغم ان لا نتائج فعلية او جدية للقاء الا ان مجرد حصوله كان حاجة للطرفين او الشخصيتين
إذ أتى من باب ألتواصل دون ألتوصل إلى قواسم مشتركة على مستوى المصالح الاستراتيجية لكلا الدولتين ؛ هذا ما صرح به رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض “كلينشدار أوغلو” مُنتقدآ و معلقآ بما معناه ان اردوغان و فريقه عادا من واشنطن (خاليي ألوفاض) ، مضيفآ أن هذه الزيارة ما كان يجب ان تحصل قبل اعتذار ترامب عن العبارات المهينة بحق تركيا وشعبها و التي وردت في رسالته الى الرئيس اردوغان قبل 24 ساعة من عملية (نبع السلام) التي أطلقها الجيش التركي في شمال سوريا ..!
في سياق مُتَصل ، و ضمن سياسة تثبيت تركيا كأحد ألأفرقاء ألأساسيين ألمؤثرين على مسرح ألإقليم إستراتيجيآ و جيو سياسيآ عبر إستعراضها قدرتها العسكرية واصلت قيادة أركان الجيوش التركية أضخم مناوراتها البحرية “شرق المتوسط 2019” التي بدأتها بتاريخ 10 من الشهر الحالي في ولايتي “موغلا و مرسين” ألتركيتين بمشاركة 4500 جندي و 50 فرقاطة و غواصة حربية من القوات البحرية ل 15 دولة تابعة لحلف شمال الأطلسي بألتزامن مع الاحتفال بالذكرى 36 لتأسيس دولة قبرص ألتركية و تقسيم الجزيرة ..
خِتامَآ ، ضجت ألصحف و وسائل الإعلام التركية بالتكاليف الباهظة للزيارة ألرئاسية إلى الولايات المتحدة الاميركية 14.250 مليون دولار على متن طائرة ألبوينغ Boeing 747-8i التي أطلق عليها لقب (قصر أردوغان الطائر) و ألبالغ ثمنها حوالي 500 مليون دولار في وقت يشهد فيه الاقتصاد التركي ترديآ و ألعملة ألتركية تدهورآ و ألشَعب تذمرآ مع نتيجة محادثات متوقعة و متواضعة حَتمآ ..!
بيروت في 17.11.2019