الطلقة الأخيرة في رأس الوطن ..
بِقَلَم العميد مُنذِر ألأيوبي
لم يكن تصريح وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال العميد محمد فهمي بتاريخ 18.04.2021 سرياليآ Surrealism بالمطلق، وان كان لافتآ في التوقيت والمضمون. اذ اعلن في حينه عن تموضع خلايا ارهابية نشطة ونائمة في البلاد، هي تحت مجهر ورصد الاجهزة الامنية. مستطردآ ومحذرا من انفلات الوضع الامني نتيجة تدهور الاوضاع الاقتصادية.!
واذ اعتبر البعض ان ما ادلى به يصب في خانة التحفيز للافرقاء السياسيين بغية الاسراع بتأليف الحكومة الحريرية ربما استنادآ لفرضية “الغاية تبرر الوسيلة” ، الا ان عباراته دخلت دائرة الاخذ والرد سواء من قبل العامة او من سياسيين ومسؤولين، اذ بدت التساؤلات والتوقعات في خانة المشروعية اولآ لصلاحية المصدر والجدية ثانيآ على وقعِ جرائم ترتفع وتيرتها ونوعيتها العنفية، كما توسعت الخشية مع بعض ذعر من احداث امنية وتوترات داخلية وانفلات مرتقب..!
إستطرادآ؛ ومع توالي الاسابيع ترافق اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري عن تشكيل الحكومة مع وقوع العديد من الحوادث الدامية توزعت مسارحها على المناطق اللبنانية بالقسطاس لاسباب شتى.. لافتآ كان ظهور الاسلحة الخفيفة والمتوسطة في بعض القرى والبلدات من قاذفات RPJ الى الرشاشات الثقيلة 12.7 ملم؛ كذلك الاشتباكات المسلحة بين سكان احياء وتجمعات في خطورتها استعادة لبعض مشاهد الحرب الاهلية تحيي وتشعل الفتن المذهبية والطائفية، اما صواعق الاشعال او التفجير فجرائم قتل متبادلة في جذورها عداوات مزمنة مرتبطة بالثأر..! في حين ارتفع مؤشر ارتكاب الجرائم المستمرة والمتعاقبة من السلب والسطو والسرقة، كما سُجل تنوع في نمط استدراج الضحايا ليس اخرها على سبيل المثال : « نصب كمائن “المانيكان” Mannequin في عرض الطريق ليلآ بما يجبر سائق السيارة العابرة على التوقف خشية صدم انسان، ما يسمح لافراد العصابة بالانقضاض وسلب السيارة واموال ركابها »..
من جهة اخرى؛ منذ ثورة 17 تشرين تحسست القيادة العسكرية للجيش اللبناني خطورة الاوضاع الامنية داخلآ وحدودآ وفق التقارير الاستخباراتية، اذ رفعت درجة الاستنفار والجهوزية الى التدبير رقم 3 مما جعل المثابرة امرآ اساسيآ كما عامل انهاك للقوى في آن، اذ ان استنفاذ الجهد الامني والعملياتي من المحاذير؛ وبالتوازي مع كثافة المهام وتنوعها فإن حزءآ منها خارج اختصاص الجيش وتدخله يفترض ان يكون استثنائيآ من باب الدعم والمؤازرة بناءً لطلب الاجهزة الامنية المعنية كعمليات مكافحة الشغب وحفظ امن التظاهرات والتجمعات كذلك حراسة وحماية المؤسسات الرسمية والهامة الخ..
بالتزامن؛ اذا كان امرآ محتمآ استنساخ المعاناة فالجيش جينيآ من رحم الشعب، فإن الحفاظ على معنويات العسكريين من الصعوبة بمكان لا لضعف القناعة الوطنية او التردد في التضحية والولاء، بل نتيجة قاهرة لتلاشي قيمة الرواتب والمخصصات كذلك انخفاض مستوى الطبابة وندرة المستلزمات الطبية كما التقنين في بعض اصناف الاغذية و مصاريف التنقل ..! في هذا الاطار ترافقت وانتجت الزيارات الخارجية لقائد الجيش العماد جوزيف عون وصول مقبول وان خجول للمساعدات الطبية والغذائية والمادية من الدول الشقيقة والصديقة، كما شكلت رافدآ هامآ وان (على مضض) لإبطاء المعاناة لا لتوطيد المعالجات..! واذ تعتبر جرائم الفرار من الجيش امرا مشتركآ مع جيوش الدول الاخرى لكنها فاقت لدينا الرقم الطبيعي وتفاقمت، كما ان النزف في العديد بسبب وقف التطويع والتسريح بالسن القانونية فرض الاستعاضة عن الكمية بالنوعية فتم التركيز على التدريب والتسليح تعويضآ عن نقص العديد والعتاد بما لايمس قدرة وكفاءة القطعات المقاتلة..!
تاليآ، في المؤكد ان استمرارية عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي المعيشي والاقتصادي المتلازم مع الكباش السياسي المتعدد المحاور والمتنوع المذاهب والمتناقض الولاءات الخارجية، بالتلازم مع معاناة اللبنانيين جراء علة الفقدان ونية الحرمان دواءً وغذاءً ومحروقات سواءً على خلفية التهريب او التخزين ام الاحتكار سيزيد من إمكانية حدوث خروقات امنية وتخريبية كبيرة في الساحة اللبنانية مما سيرفع منسوب التوترات الداخلية نحو مرحلية جديدة من الاحتجاجات الشعبية اكثر عنفية وتنظيمآ مع حتمية الصدامات الدموية بمواجهة القوى الامنية، لا سيما في ظل الاقتراب من مرحلة الاستحقاق الانتخابي النيابي والرئاسي، بالتلازم مع عقم القدرة او الارادة المضافة الى فعالية التعطيل على تاليف الحكومة الجديدة حتى الان …
في سياق متصل؛ وعلى خلفية مناخ التهدئة والتسويات بالمفرق في الاقليم وبالتوازي مع المفاوضات الاميركية الايرانية غير المباشرة حول البرنامج النووي الايراني، وسياق التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني اضافة الى جملة عوامل جيوسياسية اخرى، فإن قيادة العدو ليست في موقع المتفرج على انهيار البلد وهي اذ تتلافى ارتكاب اية هفوة عسكرية لفتح معركة او الانزلاق نحو مواجهة مع حزب الله، ستكتفي بتحريك اذرعها التجسسية وشبكة عملائها في الداخل من خلال تنفيذ اغتيالات او تفجيرات تستهدف من يكفل تحييده زيادة النقمة وبالتالي التفلت المسلح مع تغذية اللهيب المستعر ..!
ختامآ؛ الوضع الامني ليس بافضل حال وستزداد خطورة وفعالية الاستهداف تباعآ على مسلكين متقاطعين -زيادة الضغط النوعي على القوى العسكرية مع توسع جغرافي لبقع الروع المضطربة بغية إلهائها او تحييدها. -الدفع نحو مزيد من الافقار والتجويع والهجرة، بالتالي وفي النقطة الحرجة سيكون الانهيار الشامل الطلقة الاخيرة في رأس الوطن المنهك والمثخن بالجراح..!
بيروت في 07.09.2021